لفت عضو "تكتل لبنان القوي" النائب أنطوان بانو الى أن "المجلس النيابي مدعو بصفته سلطة تشريعية إلى تصحيح المواد غير الدستورية التي تطاول حقوق العسكريين وغيرها من الحقوق. فالموازنة كما عرفتها المادة 3 من قانون المحاسبة العمومية رقم 14969 الصادر في تاريخ 30/12/1963 هي "صك تشريعي تقدر فيه نفقات الدولة ووارداتها عن سنة مقبلة، وتجاز بموجبه الجباية والإنفاق"، ولا يجوز بالتالي للحكومة أن تمرر من خلال هذا المشروع أي تعديلات في قوانين أخرى سارية المفعول".
وأبدى بانو ، بعد إجرائه سلسلة من الاستشارات القانونية مع ذوي الاختصاص في مشروع موازنة العام 2019، مجموعة من الملاحظات على المواد التي يلحظها مشروع الموازنة والتي تمس بحقوق العسكريين، هي:
- في ما يتعلق بالمادة 22 حول تعديل المادة 58 من قانون ضريبة الدخل (بفرض ضريبة تصاعدية على معاشات التقاعد)، اعتبر أن "مشروع الموازنة لا يعلل الأسباب الموجبة لفرض أعباء ضريبية على معاشات التقاعد إذ يجب ادراج الأسباب القانونية الموجبة لأي مادة من مواد الموازنة تحت طائلة الإبطال (القرار الدستوري رقم 2 تاريخ 14/5/2018 الخاص بالطعن بقانون موازنة 2018). والجدير بالذكر في هذا السياق أن الفلسفة الأساسية لضريبة الدخل تقوم على أساس أنها تفرض على "الفرد الناشط" بمعنى "الذي يعمل" أو على الأرباح المالية عمومًا. ولهذا، لا يجوز، في مطلق الأحوال، فرضها على كاهل المتقاعدين الذين أصبحوا خارج إطار العمل. كما أنه لا يجوز إضافة ضريبة على رواتب التقاعد لأنها مقتطعة سلفًا من الدخل ولا تشكل أي أرباح مالية للمتقاعد. فضلًا عن أن ذلك يؤدي إلى عدم مساواة صارخة بين الذين سبق أن تقاضوا تعويض صرف ومن ارتضى راتبا تقاعديا على أساس دفعات شهرية، فتكون الفئة الأولى لم تخضع لهذه الضريبة في حين أن المتقاعدين المنتمين إلى الفئة الثانية سيخضعون لها".
- في ما يتعلق بالمادة 48 لتعديل نص المادة 47 من قانون ضريبة الدخل (إلغاء الفقرة 4 التي تعفي معاشات التقاعد من الضريبة)، فإن "الأسباب الموجبة الموضوعة في المشروع غير قانونية، إذ إن النصوص التي تعدل قانونا سبق إقراره ينبغي ان تنضوي في صلب القانون المعدل لكي يسهل الاطلاع عليها ولا يجوز أن تدس في قانون الموازنة العامة. إن قانون الموازنة العامة يختلف بطبيعته عن القوانين العادية ولا يجوز، بالتالي، أن تعدل هذه القوانين من ضمنه، لأن ذلك يعتبر خروجا على أصول التشريع (القرار الدستوري رقم 2 تاريخ 14/5/2018 الخاص بالطعن بقانون موازنة 2018)".
- في ما يخص المادة 76 عن تجميد الإحالة على التقاعد لمدة 3 سنوات، إن "تعديل قوانين ومنها قانون الدفاع الوطني يشكل مخالفة دستورية، ولا يمت الى مشروع قانون الموازنة بأي صلة، إذ لا يمكن الموازنة أن تلحظ مواد لا علاقة لها بتحصيل الإيرادات وتقدير النفقات، فالمواد التي لا علاقة لها بقانون الموازنة تبطل (القرار الدستوري رقم 2 تاريخ 14/5/2018 الخاص بالطعن في قانون موازنة). وتشكل هذه المادة تجاوزا لمبدأ الفصل بين السلطات وتوازنها وتعاونها (القرار الدستوري رقم 2 تاريخ 17/12/2012 الخاص بالطعن في قرار تعيين مفتشين في الأمن العام). كما أنه لا يجوز تقييد سلطة مجلس الوزراء في ممارسة صلاحياته المنصوص عليها دستورا (القرار الدستوري رقم 5 تاريخ 29/9/2001 الخاص بالطعن في قانون تعيين موظفين في الملاك الإداري العام)".
- في ما يخص المادة 80 التي تنص على وضع حد أقصى لتعويضات افراد القطاع العام 75 في المئة من أساس الراتب، فلا بد من الإشارة إلى أن "هذا التعديل المبطن والملتبس يطاول القوانين المتعلقة بالإدارة العامة والموظفين وقانون الدفاع الوطني. كما أنه يشكل ازدواجًا ضريبيًا على المطرح الضريبي نفسه في حال فرضت ضريبة تصاعدية (بموجب المادة 22 من المشروع) على المعاش التقاعدي او ضريبة 3 في المئة للإفادة من الطبابة موضوع المادة 81 التي سنفصلها تباعًا. فلما كان الموظف قد خضع مسبقا للضريبة على راتبه خلال فترة خدمته، فكيف يمكن تبرير أي فرض ضريبي مجددا على معاشه التقاعدي؟ ألا يعتبر ذلك فرضًا ضريبيًا على المطرح نفسه، ما يشكل ازدواجا ضريبيا غير قانوني وغير دستوري ومخالفة لمبدأ عدم رجعية القوانين".
وأوضح بانو أنه "بالإضافة إلى ما تقدم، تشكل هذه المادة خرقًا لمبدأ المساواة أمام التكاليف العامة والضرائب، وتتعارض مع الفقرة (ج) من مقدمة الدستور، ومع المادة 7 من الدستور أي احترام مبدأ العدالة الاجتماعية والمساواة بين المواطنين (القرار الدستوري رقم 5 تاريخ 14/5/2017 الخاص بالطعن في قانون سلسلة الرتب والرواتب)".
- في ما يخص المادة 81 التي تنص على اقتطاع شهري على العسكريين بنسبة 3 بالمئة ايراداً للخزينة بدل طبابة، تجدر الإشارة إلى أن "فرض ضريبة 3% على العسكريين في الخدمة الفعلية والتقاعد لتخصيصها للطبابة العسكرية يخالف مبدأ الشيوع الذي يتكامل مع مبدأ الشمول ولا يجوز بالتالي تخصيص أي ايراد في سبيل صرف اية نفقات محددة. وتعتبر هذه المادة مخالفة للمادة 83 من الدستور والمواد 51 و57 من قانون المحاسبة العمومية (القرار الدستوري رقم 5 تاريخ 14/5/2017 الخاص بالطعن في قانون سلسلة الرتب والرواتب، والقرار الدستوري رقم 3 تاريخ 15/7/2002 الخاص بالطعن في قانون إنشاء حساب لإدارة وخدمة الدين العام)".
- في ما يخص المادة 83 التي لا تجيز الجمع بين المعاش التقاعدي وأي مبلغ شهري مدفوع من المال العام، فإنها "تشكل مخالفة صارخة للمادة 57 من نظام التقاعد والصرف من الخدمة التي تنص بوضوح على ما يلي: "يجوز الجمع بين معاش التقاعد ومخصصات أعضاء السلطة التشريعية وأعضاء الحكومة" اذ إن هؤلاء لا يتقاضون رواتب بالمعنى القانوني إنما تصرف لهم مخصصات تمكنهم من ممارسة مسؤولياتهم البرلمانية في التشريع والرقابة وواجباتهم تجاه ممثليهم أي الشعب الذي انتخبهم. لذلك، لا يجوز مساواتهم بالمتقاعدين غير الناشطين الذين لا يزاولون عملًا".
وأضاف أن "بالإضافة إلى ما تقدم، إن قانون الموازنة العامة يختلف بطبيعته عن القوانين العادية، ولا يجوز بالتالي لهذا "الصك التشريعي المالي المحدد بسنة واحدة" أن يعدل بقوانين لها طابع الاستمرار والتنظيم لأن في ذلك خروجا على أصول التشريع (القرار الدستوري رقم 2 تاريخ 14/5/2018 الخاص بالطعن بقانون موازنة 2018). كما أنه لا يجوز إلغاء نصوص نافذة ضامنة للحريات والحقوق الأساسية من دون استبدالها بنصوص أكثر ضمانا او تعادلها على الأقل (القرار رقم 1 تاريخ 27/6/2000 الخاص بالطعن في قانون تعديل بعض مواد نظام مجلس شورى الدولة)".
- أما المادة 90 التي تقضي بتحديد الحد الأدنى لعدد سنوات الخدمة التي تتيح الحق في التقاعد، "فهي تشكل مخالفة لقانون الدفاع الوطني ولا علاقة لها بقانون الموازنة، وقد رأى المجلس الدستوري، في هذا المجال، ان من الضروري إبطال المواد التي لا علاقة لها بقانون الموازنة (القرار الدستوري رقم 2 تاريخ 14/5/2018 الخاص بالطعن في قانون موازنة 2018). كما أنه لا يجوز تقييد سلطة مجلس الوزراء بقوانين يسنها المشترع حتى ولو تناولت تنظيم الوظيفة العامة إذ إن هذه الصلاحية مخصصة دستورا للسلطة التنفيذية ولا يجوز تجاوزها في اي حال من الأحوال (القرار الدستوري رقم 5 تاريخ 29/9/2001 الخاص بالطعن في قانون تعيين موظفين في الملاك الإداري العام)".
-أما المادة 94 التي تقضي بخفض منح التعليم في القطاع العام بنسبة 15 في المئة، "فيكتنفها الغموض في النص مما يفسح المجال أمام تطبيقها بشكل استنسابي، وبطرق ملتوية تسيء إلى العدالة والمساواة بين المواطنين. فالغموض في النص يولد التباسا واستنسابية في التنفيذ بحسب القرار الدستوري رقم 5 تاريخ 14/5/2017 الخاص بالطعن في قانون سلسلة الرتب والرواتب".
وأمل بانو "بناء على المعطيات القانونية الواردة أعلاه، من مجلس النواب بصفته سلطة تشريعية أخذ هذه الملاحظات القانونية في الاعتبار وتعديل المواد غير الدستورية التي تمس بحقوق العسكريين".
وتمنى "لو أن الموازنة ركزت على سبل تحقيق إصلاحات حقيقية جذرية لتحريك عجلة الاقتصاد وخفض العجز المالي عبر إقفال مزاريب الهدر والفساد في قطاع الاتصالات وفي المرافق العامة الحيوية التي منحت لنفسها امتيازات خاصة كمرفأ بيروت ومطار رفيق الحريري الدولي، والريجي، والضمان الاجتماعي، ومجلس الجنوب. وإقفال أبواب كل المؤسسات والإدارات غير المنتجة والمؤسسات الوهمية في بعض الوزارات".