علمت «الجمهورية»، انّ الوسيط الأميركي حول ملف ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل ديفيد ساترفيلد سيصل إلى بيروت اليوم. وقالت مصادر مواكبة لهذا الملف، أنّ الرجل سيُجري محادثات مع المسؤولين اللبنانيين الكبار حول ما وصلت إليه مهمته، وهو سيلتقي غداً رئيس مجلس النواب نبيه بري.
وبحسب هذه المصادر، فأن ساترفيلد «ينقل جواباً إسرائيلياً حول طرح لبنان بعدم وضع سقف زمني للمحادثات التي ستجري بين الجانبين تحت علم الامم المتحدة في مقرّ قيادة قوات حفظ السلام الدولية العاملة في الجنوب (اليونيفيل) في الناقورة، في حضور قيادة هذه القوات والوسيط الأميركي. علماً أن اسرائيل كانت قد طرحت حصر المفاوضات بستة أشهر، وهو الأمر الذي رفضه لبنان وأصرّ على المفاوضات المفتوحة.
ونقلت وسائل إعلام اسرائيلية عن مسؤولين اميركيين واسرائيليين كبار، أنّ ساترفيلد في طريقه إلى المنطقة، وسيبدأ مهمته في بيروت، وسيصل إلى إسرائيل في وقت لاحق من هذا الأسبوع، وإنّ الهدف الرئيسي من زيارته هو تحديد موعد للجولة الأولى من المحادثات بين لبنان واسرائيل التي تتوسط فيها الولايات المتحدة.
بري
ورداً على سؤال في هذا السياق، قال رئيس مجلس النواب نبيه بري امام زواره: «نحن ننتظر ما يحمله ساترفيلد، ولبنان لا يزال على موقفه لجهة رفض مهلة الستة أشهر للتفاوض». وأشار إلى «أنّ هناك بعض التفاصيل والامور التي استُجدّت في الفترة الأخيرة وسنطرحها مع ساترفيلد، مع التأكيد على وجوب حلّها، وكذلك تأكيد تمّسك لبنان بحدوده وسيادته الكاملة».
الموازنة
من جهة ثانية، أعرب بري، العائد من زيارة خاصة لليونان، عن ارتياحه الى انطلاق النقاش في مشروع الموازنة في اللجنة النيابية للمال والموازنة.
وأشار بري إلى «الحيوية النيابية» في حضور جلسات اللجنة، إلا أنّه أمل في «ان تتمكن اللجنة من إنجاز مشروع الموازنة في اقرب وقت ممكن».
وعمّا إذا كانت الشهية النيابية المفتوحة على إدخال تعديلات على مشروع الموازنة ستؤخّر إنجازها، قال بري: «انّ المشروع خضع لنقاش مكثّف في مجلس الوزراء، وهو مطروح امام النواب في اللجنة المالية ونأمل في أن لا يتأخّر».
وكانت اللجنة عقدت جلستين نهارية ومسائية أمس في مقرّ مجلس النواب. وعلمت «الجمهورية»، انّ الجلسة المسائية للجنة المال والموازنة أنهت أول فصل في مواد القانون، لها علاقة بإجازة الحكومة للاستدانة لسد العجز، ووضعت ضوابط كثيرة أبرزها وضع حد لسقف الاستدانة. وتناولت القروض والهبات لجهة الموافقة عليها، وتمّ اقتراح تعديلات سيتم التصويت عليها اليوم، وأخضعت القروض والهبات لرقابة ديوان المحاسبة المسبقة.
كذلك في نقل الاعتمادات وتعليق سلفة الكهرباء، بعد اعتراض عدد من النواب، طالبين مناقشة وزيرة الطاقة حول عدد من المسائل، فتمّ تعليق السلفة لحين إجراء الجلسة معها.
وستناقش اللجنة اليوم قوانين برامج لوزارات الاشغال والتربية والدفاع والداخلية والمالية والبيئة والصناعة. ويُتوقع ان تبدأ في الفصل الثالث المتعلق بالمواد الضريبية. وعُلم انّ الجلسات كانت جدّية جداً، ودار نقاش صريح، ويتمّ تعديل كثير من المواد، وهناك تشدّد وإخضاع الإنفاق للرقابة المشددة من دون استثناءات. كما هناك اتجاه الى إخضاع كل المؤسسات العامة والهيئات التي تدير المرافق العامة للرقابة.
ووصفت مصادر لجنة المال النقاش بـ»الهادئ والحضاري مع بعض «الفذلكات». وأشارت الى أنّ المواد أُقرّت بالتوافق ولم يصر الى تصويت عملي، حتى الانتقادات كانت ايجابية ومنطقية». وتوقعت «أن يبقى النقاش على هذا المنوال الى حين الوصول الى المواد المتفجّرة».
خليل
وأبدى وزير المال علي حسن خليل ارتياحه الى أجواء انطلاق «النقاش الجدّي والفعلي في بنود وفصول الموازنة»، وقال لـ»الجمهورية»: «يُفترض أن ننتهي قبل أواخر الشهر الجاري».
وعمّا أثير حول أموال الجمعيات قال خليل: «هناك 110 مليارات ليرة موزعة على فصول مرصودة للمؤسسات التي لديها عقود مع وزارة الشؤون الاجتماعية، وكون وزارة الشؤون تأخّرت في عقودها الى نهاية السنة، فقد دفعنا الفصلين الأول والثاني، وبما أنّ الثالث والرابع لم يتمّ صرفهما في موعدهما فتمّ تدويرهما. ونحن الآن في صدد إنهاء التدوير لاعطائهما الأولوية في الدفع».
وطمأن خليل الى «أنّ أموال برنامج العائلات الأكثر فقراً وقيمتها 500 مليون ليرة سيتم صرفها قريباً».
أرقام تتهاوى
الى ذلك، بدأ مسلسل الفضائح في مشروع الموازنة يظهر قبل ان يتمّ إقرارها، بدليل انّ قضية الـ11 ألف مليار ليرة التي يُعوّل عليها لخفض العجز الاسمي بنحو 500 مليون دولار سنوياً، تتهاوى وتكاد تسقط. اذ تبيّن انّ المصارف غير قادرة ولا هي راغبة في المساهمة في الاكتتاب بهذه السندات بفائدة 1%.
وبعدما قال امس النائب جورج عدوان، انّ اللجنة تبلغت انّ مصرف لبنان، ولو انّه راغب في الاكتتاب بهذه السندات، الا انّه غير قادر على ذلك، اعتبر النائب نقولا نحاس انّ المصارف غير قادرة بالفعل على الاكتتاب. لكنه تحدث في المقابل بلغة الجزم لـ»الجمهورية»، عن ضرورة ان يكتتب مصرف لبنان بهذه السندات، وإلّا فانّ العجز المقدّر بـ7,6% سيرتفع فوراً الى اكثر من 8%.
لكن نحاس أبدى ثقته بقدرة مصرف لبنان على الاكتتاب «سواء من خلال الاحتياطي لديه، او حتى من خلال طباعة العملة اذا اضطر الامر! لكن الواقع انّ هذا الاستبدال ليس حلاً للعجز، فكل ما نفعله هو fake لأننا ننقل الدين من الخزينة الى مؤسسة رسمية هي مصرف لبنان».
«القوات»
من جهتها، قالت مصادر «القوات اللبنانية» لـ الجمهورية»: «انّ «القوات» عندما أطلقت صرخاتها التحذيرية امام حكومة تصريف الاعمال السابقة، بأنّه يجب عليها ان تعقد اجتماعات استثنائية لمعالجة الوضع الاقتصادي المتدهور، بدأت تتصاعد الاصوات في وجهها منددة بمطالبات من هذا النوع، ولكن الاحداث والظروف برهنت صحة ما ذهبت اليه «القوات» في مواقفها وتحذيراتها، علماً انّها لا تملك الأرقام، بل كانت تطلق صرختها انطلاقاً من تقارير اقتصادية تعمل على تجميعها من ورش تنظّمها. وهي اليوم تطلق أيضاً صرخة تحذيرية أُخرى بأنّه يجب الذهاب الى معالجات بنيوية في الموضوع الاقتصادي وإشراك القطاع الخاص مع القطاع العام في المجالات الاساسية ضمنها الاتصالات والجمارك والمرفأ. ويجب التفكير جدياً في هذه المسائل لأنّ الوضع خطير وفي حال لم يتم اطفاء جزء من الدين العام والذهاب الى خطوات عملية، فإن الوضع في لبنان ليس على افضل حال. وما يحصل اليوم هو معالجات كلاسيكية تصح في ظروف عادية وليس في ظروف استثنائية».
وأضافت المصادر: «يمرّ لبنان اليوم في ظروف استثنائية وبالتالي نحن في حاجة الى معالجات استثنائية، و»القوات» ستكون في اجتماعات الموازنة والحكومة، وستركّز على مسألة الذهاب الى معالجات بنيوية اقتصادية تصحيحية للواقع المالي عبر خطوات تتجاوز الخطوات الكلاسيكية العادية، لكي نواجه الواقع الحالي ولا نقع في المحظور، وهو ان يأتي المجتمع الدولي ليقول إنه سيتكفل بهذا الواقع، وعندذاك لا يكون امام لبنان من مفرّ ترك الوضع للمجتمع الدولي، والّا يذهب الى الانهيار. وتلافياً لذلك، ولأن في مقدورنا ان نعالج هذه المسألة بإمكاناتنا وقدراتنا الذاتية، علينا الاسراع الى خطوات جدّية نعالج من خلالها هذا الواقع».
الأمن
أمنياً، أطلق مجهولون النار منتصف الليلة الماضية من سلاح حربي على مسؤول العلاقات العامة في «الجماعة الإسلامية» ومسؤول منطقة شبعا الشيخ محمد جرار عند باب مستوصف «الرحمة» الذي يديره في البلدة، فأردوه بأربع رصاصات في بطنه، وفرّوا.
وعلى الاثر، حضرت القوى الأمنية إلى مكان الجريمة وفتحت تحقيقاً في الحادثة وملابساتها، فيما ضرب الجيش اللبناني طوقاً أمنياً في المكان وكثّف دوريات راجلة ومؤلّلة بحثاً عن الفاعلين.
واستنكر «الحزب التقدمي الإشتراكي» «الجريمة، وطالب الأجهزة الرسمية المختصة بإجراء التحقيقات اللازمة لكشف كل الملابسات المتصلة بهذه الجريمة، والقبض على جميع المتورطين فيها وسوقهم إلى العدالة».
دهم واشتباكات في بعلبك
وفي محافظة بعلبك ـ الهرمل شنّ الجيش أمس حملة دهم وبحث عن مطلوبين، حيث بدأ عصراً عملية أمنية في بلدة الكنيسة دارت خلالها إشتباكات عنيفة بمختلف أنواع الأسلحة الرشاشة والقذائف الصاروخية بينه وبين المطلوبين، سقط خلالها أحد هؤلاء المطلوبين وعدد من الجرحى، بينهم أحد الجنود، فيما تمّ توقيف خمسة مطلوبين آخرين.
وعلى الأثر شهدت منطقة الشراونة في مدينة بعلبك حالاً من الإستنفار بين صفوف عائلتي زعيتر وجعفر إثر شيوع مقتل أحد المطلوبين، حيث أقفلوا طريق الشراونة بالإطارات المشتعلة، وما لبث أن وقع إشكال بين الجيش ومسلحين في المحلة، وتعرّضت حواجزه المنتشرة في المكان لإطلاق نار وقذائف صاروخية نتج منها إصابة طفلتين سوريتين، كذلك سُجل إستهداف لمركز الجيش في بلدة إيعات، وعلى الأثر إستقدم تعزيزات إلى المنطقة وسط حال من التوتر ودوي اصوات رصاص وقذائف صاروخية.
وليلاً عاد الهدوء إلى حي الشراونة، وافيد عن انّ الإشتباكات تسببت بحريق داخل حقل من الحصيد في حي البساتين وبتضرر عدد كبير من المنازل والسيارات التي اصيبت بالرصاص العشوائي.
وقد طوّق الجيش حي الشراونة، وسيّر دوريات مؤللة، وتعمل وحداته على ملاحقة المطلوبين.
ابراهيم يعود بزكّا
على صعيد آخر، أعلن المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم الموجود في طهران، أنّ السلطات الايرانية ستُفرج عن نزار زكا اليوم. وعلمت «الجمهورية»، انّ ابراهيم اتصل هاتفياً مرتين برئيس الجمهورية العماد ميشال عون وأبلغه انّ الترتيبات الإدارية والقانونية الخاصة بإنهاء ملف زكا وتأمين نقله الى بيروت قد أٌنجزت، ومن المقرّر ان يعود به اليوم.
وأكّد اللواء عباس ابراهيم لـ»الجمهورية»، أنّ «الأمن العام يعمل منذ البداية على استرداد زكا وغيره ممن يحملون الجنسية اللبنانية، لأنّ من واجبه المطالبة بكل لبناني اينما كان مع احترامنا لكل الصداقات، ولكن هذا لا يُسقط الجنسية اللبنانية عن أي من المتهمين في مخالفة قوانين الدول المقيمين فيها، أما من يشعر أنه لا ينتمي الى الدولة اللبنانية بل الى فئة أو حزب سياسي فيستطيع عدم الطلب من الدولة استرداده أو المطالبة به».