وكان التحقيق الذي أجرته أجهزة الاستخبارات البريطانية جزءا من محاولة لتعطيل المؤامرة وأيضا للتعرف على مخطط حزب الله.
وفي تلك الفترة كان الجناح العسكري لحزب الله محظورا في بريطانيا، لكن الحزب الشيعي اللبناني بأكمله أدرج على قوائم بريطانيا للإرهاب في فبراير الماضي.
وجاء هذا القرار على خلفية موجة من الغضب أثارها رفع أعلام هذا التنظيم في مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين نظمت في لندن.
وقال وزير الداخلية البريطاني ساجد جاويد في بيان إن “حزب الله مستمر في محاولاته لزعزعة استقرار الوضع الهش في الشرق الأوسط، ولم نعد قادرين على التفريق بين جناحه العسكري المحظور بالفعل وبين الحزب السياسي”، مضيفا “لذلك، اتّخذت قرار حظر المجموعة بأكملها”.
ويعتقد مراقبون أن الكشف عن أنشطة خلية حزب الله هدفه إظهار أن قرار الحظر لم يكن مجرد مجاملة للولايات المتحدة. كما أنه لا يرتبط بالمزاج الدولي المعاند لإيران وأنشطتها، وإن كان عنصرا داعما للتوجه إلى تضييق الخناق على أنشطتها لارتباطها بالإرهاب.
ويمثل هذا التسريب الأمني، والذي قد تعقبه تسريبات أخرى، ردا على الحملات الإعلامية لإيران وحزب الله الساعية لربط القرار البريطاني بالتوجه الأميركي الهادف إلى التضييق على الحزب ومحاصرة أنشطته بالعقوبات.
لكن ما يثير مخاوف الحزب، الذي يحاول بث حالة من الشك بين الموقف الأميركي وموقف أوروبا، أن الكشف عن أنشطة إرهابية لخلية محسوبة عليه سيعطي مبررا قانونيا وسياسيا للدول الأوروبية للبدء بإجراءات حظره على أراضيها، فضلا عن وضع شبكاته تحت المراقبة الدائمة.
ويأتي التسريب في وقت طالب فيه أعضاء في البرلمان الألماني بحظر حزب الله واعتباره تنظيما إرهابيا أسوة ببريطانيا، فيما تتردد الحكومة الألمانية في تسريع قرار الحظر.
وناقش البرلمان الألماني، منذ أيام، حظر حزب الله بناء على طلب رفعه حزب البديل اليميني. من دون أن يوافق على قرار الحظر.
وسيمثل الكشف عن الخلية التي تتهم بالارتباط بحزب الله بمثابة صفعة قوية للدوائر اللبنانية التي تستمر بالقول إن الحزب “مقاوم” ولا علاقة له بالإرهاب، وخاصة وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل الذي يدافع باستمرار عن الحزب وشبكاته بما في ذلك تدخله في سوريا.
واعتبر مراقبون سياسيون الأمر بمثابة فضيحة تطرح أسئلة حول تعمد الحكومة البريطانية وأجهزتها الاستخبارية عام 2015 طمس هذه القضية وإخفائها عن الرأي العام البريطاني كل هذا الوقت.
وشكك هؤلاء بوجود تواطؤ بين أجهزة المخابرات الدولية، بما فيها البريطانية، خلال العقود الماضية، مع الأجهزة الإيرانية، وأن الكشف عن عملية أمنية تقوم بها إحدى الأذرع العسكرية الرئيسية لإيران في قلب بريطانيا جرت مواراته داخل دهاليز المصالح الأمنية والسياسية بين البلدين.
وتدعو مصادر مراقبة للشؤون الأمنية إلى تأمل القضية من زاوية أن المعلومات أتت من دولة أجنبية وليست نتاجا لمعلومات الأجهزة البريطانية.
ويعتقد أن المعلومات واردة من أجهزة الاستخبارات الأميركية، لكنها تواكبت مع الجهود السياسية السرية التي كانت تبذلها الإدارة في واشنطن برئاسة باراك أوباما من خلال قناة التواصل الخلفية في مسقط.
وتعتقد مصادر سياسية بريطانية أن إخفاء هذه القضية قد يكون بطلب من إدارة أوباما لعدم التشويش على الاتفاق النووي الذي وقع في فيينا قبل شهر فقط من كشف العملية.
وجدير بالذكر أن إدارة أوباما كانت قد طلبت آنذاك إنهاء تحقيقات كانت تقوم بها أجهزة الأمن الأميركية بشأن أنشطة مشبوهة كان يقوم بها حزب الله في بلدان أميركا اللاتينية.
وكشفت الصحافة الأميركية آنذاك أن الإدارة كانت بصدد الإعداد للاتفاق النووي ولم تكن تريد لهذه الملفات الساخنة أن تعطل مسار المفاوضات الجارية والتي كان أوباما يعوّل على نجاحها.
ويتساءل مراقبون حول أسباب الكشف عن هذا الملف في هذا الوقت بالذات وحول أسباب انتظار لندن أربع سنوات قبل أن تقرر وضع حزب الله بجناحيه السياسي والعسكري على لوائح الإرهاب.
كما يتساءل المراقبون عما إذا كان هذا الكشف هدفه تحضير الرأي العام البريطاني لقرارات لاحقة ستتخذها الحكومة البريطانية ضد حزب الله أو ضد إيران ضمن سياق الأزمة الأميركية الإيرانية الراهنة.