وكان رئيس الوزراء الإثيوبي قد أجرى في العاصمة الخرطوم الجمعة محادثات منفصلة مع قادة المجلس العسكري وتحالف الحرية والتغيير ممثل الحراك الاحتجاجي في مسعى لحل الأزمة السياسية التي أعقبت الإطاحة بالرئيس عمر البشير.
وأبدت قوى الحرية والتغيير مرونة بعد لقائها مع آبي أحمد، حيث أكدت انفتاحها على الحوار لكن بشروط.
ومن بين مطالب المعارضة أن يتحمل المجلس العسكري الانتقالي الحاكم مسؤولية فض اعتصام يوم الاثنين أسفر عن سقوط قتلى وإجراء تحقيق دولي في الواقعة وإطلاق سراح السجناء السياسيين. وكانت تصريحات سابقة للتحالف المدني شددت على أنه لا مجال لأي مفاوضات حاليا، وأن موقفه واضح وهو تسليم المجلس العسكري كامل السلطة الانتقالية للمدنيين.
وتأتي المبادرة الإثيوبية بعد أسوأ أعمال عنف في السودان منذ أطاح الجيش بالبشير في أبريل الماضي بعد أربعة أشهر من الاحتجاجات على حكمه الذي استمر 30 عاما.
وتقول المعارضة إن 113 شخصا قتلوا خلال فض اعتصام بالقوة الاثنين وفي حملة أوسع أعقبت ذلك. فيما تؤكد الأوساط الرسمية أن عدد القتلى 61 بينهم ثلاثة من قوات الأمن.
ويتعرض القادة العسكريون في السودان لضغوط بعد فض الاعتصام. واستقبل الفريق شمس الدين كباشي المتحدث باسم المجلس العسكري الانتقالي في السودان آبي أحمد في مطار الخرطوم. وفيما بعد عقد آبي أحمد اجتماعا في السفارة الإثيوبية مع تحالف قوى الحرية والتغيير المعارض.
وقال مكتب آبي أحمد “إنه عبَّر عن التزام إثيوبيا بتعزيز السلام في المنطقة وأكد أن الوحدة شرط لا غنى عنه لاستعادة السلام في البلاد”.
وكان الجانبان يجريان محادثات بشأن انتقال ديمقراطي يقوده مدنيون لكن المفاوضات المتعثرة بطبعها انهارت في أعقاب الحملة الأمنية هذا الأسبوع.
وتولى آبي أحمد منصبه العام الماضي وبدأ إصلاحات سياسية واقتصادية واكتسب تقديرا واسعا بسبب مهاراته الدبلوماسية التي أتاحت تحقيق السلام مع إريتريا، خصم بلاده القديم.
وتلقى جهود إثيوبيا دعم الاتحاد الأفريقي والقوى الإقليمية، التي طالبت بضرورة العودة للمفاوضات باعتباره الخيار الوحيد لحل الأزمة.
وعلق الاتحاد الأفريقي الخميس أنشطة السودان إلى حين تشكيل حكومة مدنية مما يكثف الضغوط الدولية على القادة العسكريين. وأدانت الأمم المتحدة وبعض الحكومات سفك الدماء.
وقال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش الجمعة إن بلاده تشعر بقلق إزاء “المذبحة” وتؤيد الدعوات لإجراء تحقيق.
وأضاف “نعتقد أن (السودان) لديه قضايا معقدة. نقر بأنه بعد حكم البشير الذي استمر 30 عاما لن تكون لديكم معارضة موحدة، الحوار هو السبيل الوحيد للمضي قدما”.
وتخشى دول المنطقة من تداعيات استمرار الأزمة وإمكانية وقوع السودان في مستنقع من العنف والفوضى خاصة مع وجود قوى داخلية محسوبة على المنظومة القديمة تغذيها أطراف إقليمية تريد استغلال ما حدث للسير في هذا السيناريو الخطير، بعد أن شعرت بخطر فقدان نفوذها الذي وفره لها نظام البشير.
ويرى مراقبون أن على الجميع حاليا في السودان تقديم تنازلات خاصة وأن الظرف الإقليمي والدولي لا يخدم استمرار الأزمة