تستنفر وزارة السياحة اللبنانية التي تعول كثيراً على موسم الصيف الحالي لاستعادة القطاع السياحي أنفاسه بعد سنوات من الركود، لمواجهة التحديات الكثيرة التي تعترضها، ولإظهار جدية في اجتذاب السياح وتأمين راحتهم. وقد انتقل وزير السياحة أفيديس كيدانيان وفريق عمله ليداوم في «مطار رفيق الحريري» الدولي لاستقبال السياح، ولتأكيد حرص الوزارة على متابعة شؤونهم عن كثب، والتصدي لأي إشكاليات قد تعترضهم، ولطمأنتهم لوجود استقرار على كل المستويات، لا سيما بعد العملية الإرهابية التي شهدتها مدينة طرابلس.
ويؤكد كيدانيان في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه لن يكون هناك تأثير سلبي كبير لهذا الحادث على الوضع السياحي، وإن كان له بعض الآثار، لافتاً إلى أن السياح الذين استقبلهم في المطار في اليومين الماضيين، الذين توافدوا من دول خليجية وعربية لم يعربوا عن أي هواجس أمنية، بل عن لهفة لتمضية الصيف في لبنان. وأضاف: «الحجوزات مرتفعة جداً منذ أول أيام عيد الفطر حتى منتصف الشهر الحالي، وهي تنخفض بعض الشيء في النصف الثاني من هذا الشهر لتعود وترتفع تدريجياً، وبشكل كبير، في شهري يوليو (تموز) وأغسطس (آب)».
وفي مسعى لمواكبة الموسم السياحي، افتتح وزير السياحة كما وزير الأشغال العامة، والنقل يوسف فنيانوس مطلع الأسبوع الحالي، المرحلة الأولى، من توسعة قاعة المغادرين في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت. وقال فنيانوس إن من المنتظر أن يكون عدد المقبلين إلى لبنان في العامين المقبلين 20 مليون راكب بدل 10 ملايين هذا العام.
وشكَّلت بعض الضرائب التي فرضتها الحكومة أخيراً في إطار موازنة عام 2019 تحدياً جديدا للقطاع السياحي، خصوصاً أنها طالت فرض رسم مقابل إشغال غرفة في فندق أو شقة مفروشة، كما رفع الرسوم على المسافرين عبر الجو أو البحر لدى مغادرتهم الأراضي اللبنانية، إضافة إلى فرض ضريبة على الإقلاع والهبوط والصيانة على شركات الطيران، ما قد يضطرها بحسب نقابة أصحاب مكاتب السفر والسياحة لزيادة رسوم التذاكر لأن الكلفة التشغيلية ستزداد عليها، ورجحت النقابة أن تؤثر الإجراءات الأخرى سلباً على السياح، خصوصاً الذين يلجأون للرزم السياحية، لأن المكاتب قد تضطر لزيادة سعرها بنسبة 3 أو 4 في المائة.
وأوضح الوزير كيدانيان أن رسم إشغال الفنادق citytax سيتكبده السائح وليس الفندق، وهو رسم متعارف عليه عالمياً، وسيذهب مباشرة لتغذية صندوق الترويج السياحي، مؤكداً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن هذا الرسم لن يؤثر على عدد السياح أو يصيب القطاع السياحي بأي انعكاسات سلبية، إنما بالعكس سيزيد المداخيل التي ستسمح برفع موازنة وزارة السياحة التي ستستثمر الأموال الإضافية في عملية الترويج السياحي. وقال: «وحده رسم المغادرة قد يكون له تأثير مباشر ولكن ليس كبيراً، باعتبار أنه تم رفعه نحو 15 دولاراً على المسافرين على الدرجة السياحية». وطمأن إلى أن الحجوزات حتى الساعة جيدة جداً توحي بأن الموسم سيكون ممتازاً، لافتاً إلى أن انتقاله إلى المطار ابتداء من يوم الثلاثاء هدفه متابعة كل الأمور عن كثب.
ويُعتبر رسم المغادرة الذي رفعته الحكومة أخيراً من أكثر الرسوم التي يمكن جبايتها بسرعة، وقد بلغت حصيلته استناداً إلى الرسم القديم (عام 2018) 157 مليون دولار، ومع الزيادات الحالية سترتفع المداخيل إلى 244 مليون دولار.
إلا أن الطمأنينة المسيطرة لدى الوزير كيدانيان لا تنسحب على نقيب أصحاب الفنادق في لبنان بيار الأشقر الذي لا يبدو مرتاحاً للإجراءات الأخيرة، ما دفعه والمعنيين بالقطاع للانكباب على إعداد دراسة لتبيان آثار الرسوم الجديدة لتحديد الخطوات الواجب اتخاذها. وأشار الأشقر إلى أن «النقاشات التي كانت تحصل مع الوزير كانت ترتكز بشكل أساسي على وجوب إنشاء مجلس للتسويق يضم المعنيين من القطاعين العام والخاص، على أن تصب أي أموال تتم جنايتها من خلال رسوم إضافية في صندوق هذا المجلس للاستفادة منها بشكل مباشر، لا أن تذهب إلى خزينة الدولة فتقتسمها مع الوزارة في وقت لاحق، هذا إذا لم تتكرر تجرية الصندوق البلدي المستقل بحيث لم توزع الدولة الأموال لمستحقيها في الموعد المحدد».
وأوضح الأشقر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الفنادق، وبعكس ما قال الوزير، قد تضطر لأن تتحمل الرسم الجديد المفروض على أشغال الغرف لأن السوق أصلاً محروقة، أضف أننا كنا قد اتفقنا مع شركات التسويق على أسعار معينة عن عام 2019 ولا يمكن أن نرفعها فجأة»، لافتاً إلى أن الحجوزات تحسنت، ولكن ليست بالمستويات المطلوبة.