لا تزال العمليّة الإرهابيّة التي نفّذها عبدالرحمن مبسوط في طرابلس تسيطر على الأجواء اللبنانيّة، فدمّ الشهداء الأربعة لم يبرد بعد والتشييع ينتقل من منطقة إلى أخرى مذكرًا اللبنانيين أنّ ما يصيب الشمال يوجع الوطن بأكمله.
في غضون ذلك، توزَّع الإهتمام في بيروت أمس الأربعاء على خطيْن:
● الأوّل متابعة التحقيقات في "عملية المبسوط" التي انتهتْ بمقتله، وما إذا كان بالفعل "ذئبًا منفردًا" أم من ضمن خلية نائمة، علمًا أن التباساتٍ عدة خلّفتْها تقارير متضاربة حول حقيقة قتال إرهابي طرابلس في صفوف داعش في الرقة (العام 2015 - 2016) بعدما كان دَخَلَ إدلب وتواصَل من هناك مع داعش، وذلك قبل العودة إلى لبنان حيث حُكم عليه بالسجن سنة ونصف السنة بجرم الانتماء إلى تنظيمات إرهابية ليخرج في 2017.
وفي السياق، توقفت مصادر مطلعة نقلًا عن صحيفة "الراي الكويتية" عند ما ضجّت به الصالونات السياسية والمواقع الإخبارية منذ وقوع الهجوم الإرهابي الذي اكتسب طابعاً عشوائيًا، وحيّد بالكامل المدنيين، من علامات استفهام حول توقيته وجغرافيته أي طرابلس التي شكّلت منذ 2008 ولنحو 6 أعوام ما يشبه الـ "دفرسوار" للنظام السوري وحلفائه في إطار معركة استنزاف "تيار المستقبل" في واحد من معاقله الرئيسية سواء عبر حرب جبل محسن - باب التبانة أو من خلال معركة نهر البارد (صيف 2007) مع تنظيم فتْح الاسلام التي انطلقت شرارتها من عاصمة الشمال أو عبر محاولات تصوير الأخيرة "قندهار لبنان" في سياق محاولاتِ وضْع المستقبل في موقعِ ردِّ تهمة التطرف وخصوصًا كلما كان صراع التوازنات الداخلية محتدمًا.
● أما الخط الثاني فقد جاءت تغريدةٌ رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، لتعزز اقتناعات مَن يرون في هجمة المبسوط قطبًا مخفية على طريقة "عمليات غبّ الطلب"، اذ كتب: "كفى تعميم نظريات الحقد والكراهية تجاه السنّة، أن الارهاب لا دين له ولا هوية ومحاربته تكون في رفع الظلم عن الموقوفين ومحاكمتهم وإنصافهم، وفي مشاريع حقيقية للتنمية في الشمال لا وهمية وفي تحسين أوضاع السجون وفي الانتباه أن الذئاب المنفردة قد تكون على شاكلة شاكر العبسي وامتداداته، في إشارةٍ إلى قائد تنظيم فتح الإسلام".
علمًا، أن هذه التغريدة جاءت لـ "تصبّ الزيت على نار" الصراعَ الذي تفجّر بين فريقيْ عون (التيار الوطني الحر) والحريري (تيار المستقبل) حول إدارة الحُكم والتوازنات والصلاحيات، وهو الصراع الذي اكتسب بُعدًا بالغ الدلالات مع تشكيل مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان ورؤساء الحكومة السابقين (فؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي وتمام سلام) خط دفاع عن الحريري والطائف بوجه الحملات عليه وما اعتُبر مساسًا بموقع رئاسة الوزراء.
وتجدر الإِشارة هنا، إلى أن قائد الجيش العماد جوزيف عون جال في طرابلس أمس الأربعاء مؤكدًا أنّ "الإرهاب لا دين له وأنّ الإرهابي لجأ إلى تنفيذ هذه العملية مستخدمًا سياسة الذئب المنفرد محاولًا إحداث فتنة في مدينة طرابلس، وأنّ الجيش سيبقى في جهوزية تامة لمواجهة أي خطر يتهدّد أمن لبنان وسلمه مهما بلغ حجم التضحيات".