فجر المبسوط نفسه، وقتل فرح المدينة، وبموته مات سرّه معه، فيما الجراح النازفة ستبقى حيّة في قلوب وأرواح ذوي الشهداء، والخوف سيبقى في قلوب أهالي الشمال لابل اللبنانيين عموماً حمى الله لبنان وشعبه .
فرض الوضع الامني نفسه على المشهد الداخلي، فأعاد الاعتداء الارهابي في طرابلس الهاجس من عودة الاعمال الارهابية وتعكير الاستقرار الداخلي.
و هذا التطور الخطير يأتي في ظل التوتر السياسي الذي احدثته تصريحات الوزير جبران باسيل عن السنية السياسية، وهجومه على مدير عام قوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان. وهو ما لاقى ردا من مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان بقوله في خطبة عيد الفطر نستغرب ما نسمع عن السنية السياسية أو المارونية السياسية أو الشيعية السياسية فهذه التعابير والمواقف من البعض بين الحين والآخر غير مقبولة. واكد ان اتفاق الطائف واضح، فهو يصون الدولة اللبنانية، فلا يحاولن أحد الالتفاف عليه أو تجاوزه، ورئاسة الحكومة ليست منصبا إدارياً بل هي قلب التوازن الوطني وحافظة للمؤسسات.
لقد تحوّل عيد الفطر في طرابلس إلى عيد للتضحية، فراح على مذبحها الوطني 4 شهداء من الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، فيما عاشت المدينة ساعات رعبٍ ذكّرتها بأحداث نهر البارد، أو بأيام جولات القتال والاشتباك. حتى من بهجة العيد، أُريدَ لطرابلس أن تلبس ثوب الحداد، وكأن ثمة من يريد لطرابلس أن تبقى صائمة عن الفرح.
إقرأ أيضًا:" في ظل التناقضات عن أي إصلاحات يتحدثون "
يخرح إرهابي شاذ مهووس ليعكّر صفو المدينة وأهلها، ويستهدف الأجهزة الأمنية الساهرة على أمن سكانها.هذا التوقيت خبيث ومشكوك فيه، لان ليس في لبنان ما يحدث بالصدفة. وبلا شك فإن ما يحصل لا يخلو من إمكانية أن يكون متعدّد الرؤوس. وليس تفصيلاً أن يتبنى تنظيم داعش عبر وكالة أعماق العملية التي قام بها الإرهابي عبد الرحمن مبسوط في مدينة طرابلس. فبمجرد أن يتبنّى تنظيم داعش الخبر، فهذا يعني أن الحسابات متشعّبة ومتعددة الرسائل والإتجاهات، خصوصاً وأن التنظيم لا يتبنّى هكذا علميات إلا ويكون خلفها الكثير من الاهداف والمؤامرات.
كل العمليات التي نفذها داعش في مختلف بلدان العالم، كانت مرتبطة بأحداث واوقات سياسية، وهو التنظيم الأكثر تلاقياً، أو تقاطعاً، بين أجهزة الاستخبارات العالمية، والذي تحوّل إلى بيدق في حروب تصفية الحسابات. ولكن ما الذي لم تدفعه عاصمة الشمال بعد؟
الأسئلة عديدة لقراءة خلفيات ودوافع العملية، لكنها تأتي في لحظة سياسية محلية وإقليمية شديدة التعقيد، وفي ضوء رسائل تصعيدية عديدة بين القوى المتصارعة.
قد تنطوي العملية على خلفية غض النظر عن ذلك التصعيد، وتركيز الاهتمام على ساحات أخرى لربما تلتقي فيها المصالح مجدداً أو تتقاطع، فيصبح الهمّ الوحيد هو مواجهة هذا الإرهاب، والتغاضي عن المشاكل الأخرى بين الأمم. لم يكن الإرهابي عبد الرحمن مبسوط لينفذ عمليته من تلقاء نفسه، وهو الذي كان مقاتلاً في صفوف التنظيم في معارك عرسال، وانتقل بعدها إلى الرقة، ومن ثمّ عاد إلى لبنان وألقيَ القبض عليه فيما أُطلِق سراحه بعد أشهر. وحكاية إطلاق سراح الإرهابيين والأصوليين من الذين انضووا في صفوف هذه التنظيمات طويلة، ولا تنتهي بدءاً من العراق إلى سوريا.
فجر المبسوط نفسه، وقتل فرح المدينة، وبموته مات سرّه معه، فيما الجراح النازفة ستبقى حيّة في قلوب وأرواح ذوي الشهداء، والخوف سيبقى في قلوب أهالي الشمال لابل اللبنانيين عموماً حمى الله لبنان وشعبه .