كانت الساعات الأربع والعشرون الماضية، قد شهدت توترًا سياسيًا بين "تيار المستقبل" و"تيار الوطني الحر"، تخلّله سجال حاد على خط التسوية السياسية الرئاسية بين التيارين، تواكب مع اهتزاز واضح في الجسم الحكومي على خلفية المواقف الاخيرة التي أطلقها رئيس التيار الوزير جبران باسيل، وما تلاها من مواقف عالية السقف من قِبل "الحزب التقدمي الاشتراكي" و"المستقبل" و"القوات اللبنانية".
وفي هذا السياق، تقول دوائر سياسية لبنانية نقلًا عن صحيفة "العرب اللندنية" إن "رئيس التيار الوزير جبران باسيل يتحمل المسؤولية الأساس في التوتر المتصاعد بسبب تصريحاته الأخيرة ومساعيه لفرض تغييرات في أجهزة الدولة بما يضمن له ولحزبه السيطرة الكاملة على مفاصل الدولة اللبنانية دون أن يقيم وزنًا للتوازنات القائمة، والتي شكلت على علاتها حائط صد لعدم جر لبنان مجددًا إلى مربع اللاستقرار"، كما تشير الأوساط إلى أن "باسيل يحاول الاستثمار في حاجة رئيس الوزراء سعد الحريري إلى استمرار التسوية السياسية، لحشره في الزاوية وإحراجه أمام أنصاره، بغية الحصول على المزيد من المكاسب، الأمر الذي لم يعد من الممكن السكوت عنه".
علمًا، أن تصريحات باسيل المتتالية وقع الصدمة على تيار المستقبل الذي كان لوقت قريب ينتهج سياسة مرنة في التعاطي مع (شطحات) رئيس التيار الوطني الحر واستفزازاته، ما دفع ببعض قيادات تيار المستقبل على غرار وزير الداخلية السابق نهاد المشنوق إلى الرد بقوة من خلال الدعوة إلى ضرورة إعادة النظر في التحالفات الحالية المكلفة.
كما انتفض عدد من الشخصيات السنية التي اعتبرت أن ما جاء على لسان رئيس التيار الوطني الحر بشأن السنية السياسية يعكس وجود تمش لاستهداف كامل الطائفة وحقوقها، وقال اللواء أشرف ريفي لباسيل دون أن يذكره "لست من المارونية السياسية بل أنت ابن الاستزلام السياسي لدويلة السلاح، تطلّ علينا من باخرة العمولات وتحاضر بمكافحة الفساد، تُسقط حكومة سعد الحريري بأمر من حزب الله وتحاضر بالميثاقية والشراكة، تتفاخر بكونك ضد الميليشيات وتأتمر بأجندة السلاح، عهد الشعبوية الممزوج بالتبعية حتى خراب لبنان".
وفي تصريح آخر قال ريفي "أعتقد أن لبنان قد اختنق جرّاء التسوية الرئاسية، هذه التسوية التي تكاد تضعه بشكل كامل في حضن إيران".
وبحسب "اللندنية"، تقول الدوائر السياسية أن "باسيل يحاول استغلال وجود الرئيس ميشال عون في قصر بعبدا لتعزيز نفوذه في السلطة، حيث يطمح الرجل إلى خلافة الأخير في قصر بعبدا، ويرى بأن التمايز عن باقي الطيف السياسي، واعتماد نهج شعبوي، مع التركيز على فرض مسؤولين موالين له في أجهزة الدولة قد يكون التوليفة التي ستقوده إلى تحقيق طموحه السياسي"، وتشير الدوائر إلى أن "مساعي باسيل لفرض سطوته على الحياة السياسية بدأت مع معركة قانون الانتخابات التي نجح فيها إلى حد بعيد، وترجم ذلك في حصوله على كتلة وازنة داخل البرلمان، ثم انتقل باسيل مسنودًا بدعم مطلق من الرئيس عون لمعركة تشكيل الحكومة وحرص على فرض صيغة الثلث المعطل، وقد حقق مراده إلى حد كبير".
في المقابل، يشير كثيرون إلى أنه "ليس من المتوقع أن يتخذ رئيس الوزراء سعد الحريري موقفًا حازمًا حيال ما يحصل، حيث إنه يتمسك باستمرار التسوية بصيغتها الحالية، محاولا قدر الإمكان تجنب الدخول في صدام مع باسيل وهو ما يفسر صمته خلال الفترة الماضية تاركا لمدير مكتبه أحمد الحريري الرد".
تجدر الإشارة هنا، إلى أن "باسيل شن مؤخرًا هجومًا على ما أسماها بالسُّنية السياسية التي قال إنها جاءت على جثث المارونية السياسية في إشارة إلى اتفاق الطائف الذي تم إبرامه في العام 1989 لإنهاء حرب أهلية دامية اندلعت في سبعينات القرن الماضي".
كما واصل باسيل هجومه، قائلًا "أمامنا ‘عصفورية’ (يقصد مستشفى للأمراض عقلية) جنت، ولا يمكنهم أن يبتزونا بشيء وسنقوم بمشكلة مع كل من يحاول مد يده علينا وعلى البلد وكلما تكاثروا سنكون أكثر وكلما صاروا أقوياء سنكون أقوى".
ويُشار أيضًا، إلى أنه لفت في رد على دعاة إنهاء التسوية الحالية "لا أحب كلمة تسوية فاليوم هناك تفاهم أساسه الاعتراف بالآخر وبشرعيته التمثيلية وهناك منزعجون لوجود عهد قوي ومن عودة بعبدا إلى بعبدا".