ونزح نحو 250 ألف شخص من المنطقة الواقعة في شمال غرب سوريا وتعد آخر معقل رئيسي لقوات المعارضة في سوريا بعد هجوم شنته قوات الحكومة السورية بدعم من روسيا في أكبر تصعيد منذ الصيف الماضي في الحرب بين الجيش السوري والجماعات التي تقاتله.
وتسبب ذلك في توتر العلاقات بين روسيا وتركيا المتاخمة لمحافظة إدلب والتي تسعى للحفاظ على بعض النفوذ هناك.
وقال متابعون للشؤون السورية إن مسألة إدلب ستختبر بشكل حساس مستقبل العلاقات بين أنقرة وموسكو داخل ملف شديد الأهمية ويتسم بأولوية استراتيجية بالنسبة للبلدين.
ولم يستبعد هؤلاء قيام أنقرة، التي سبق أن تخلت عن حلفائها من مقاتلي المعارضة في حلب عام 2016 من ضمن مساومات أجرتها مع موسكو، من جديد بإبرام صفقة جديدة مع روسيا حول إدلب. كما لم يستبعدوا أن يكون هذا السجال الروسي التركي مجرد واجهة لتفاهمات قد بدأ تنفيذها فعلا بين البلدين.
وقد لا تشمل التفاهمات التركية الروسية كل المنطقة وأن ما حكي عن تزويد أنقرة للمعارضة بأسلحة نوعية ظهرت في بعض المعارك قد يكشف خارطة النفوذ التي يمكن لأنقرة التشدد في بعضها والتنازل عن بعضها الآخر.
وكان مكتب أردوغان قد قال في بيان صدر الخميس إن الرئيس التركي أبلغ نظيره الروسي بضرورة تطبيق وقف إطلاق نار في إدلب السورية للحيلولة دون مقتل المزيد من المدنيين وتدفق اللاجئين على تركيا. وأضاف البيان أن أردوغان قال إن سوريا في حاجة إلى حل سياسي.
ولا تريد موسكو توسيع خلافها مع تركيا حول إدلب وما زالت تعوّل على شراكة تركية من ضمن عملية أستانة. كما أن موسكو تسعى لصيانة علاقاتها مع تركيا في وقت يتصاعد فيه التوتر بين أنقرة من جهة والولايات والمتحدة والحلف الأطلسي من جهة أخرى.
وتقول مصادر مراقبة في تركيا إن أردوغان يسعى للعب على كافة التناقضات ومحاولة شراء الوقت داخل كافة ملفات النزاع.
ولفتت هذه المصادر إلى انتهاج أردوغان تكتيكا يرمي من خلاله إلى الحفاظ على موقعه حليفا لواشنطن من خلال تعويله على موافقتها على صفقة شراء طائرات أف-35، والحفاظ في نفس الوقت على ما تحقق من علاقات استراتيجية، لاسيما على مستوى الاقتصاد والطاقة، مع روسيا من خلال التمسك بشراء منظومة أس-400.
ويرى مراقبون أن أردوغان شديد القلق من إمكانية حصول تفاهمات بين روسيا والولايات المتحدة حول المسألة السورية تأتي على حساب المصالح التركية.
ويضيف هؤلاء أن الرئيس التركي ينظر بعين الريبة إلى الضغوط التي تمارسها واشنطن من جهة على تركيا والمتعلقة بالموقف من حلفاء واشنطن الأكراد شمال سوريا، والضغوط الجديدة التي تمارسها روسيا على تركيا من جهة أخرى في الملف المتعلق بإدلب.