ولدنا ونحن نسأل: لماذا العربي وخصوصاً الإسلامي ـ ربما يكون من دون جميع خلق الله ـ هو دائم الكآبة والهم، وينشر ثقافة التكفير والتضليل، ويوزعها على من حوله وفي بيئته ومجتمعه حتى فاضت على العالم كله..؟؟؟؟
ولماذا أكثر من (300) مليون عربي وإسلامي يعيشون بالبلاء إن قعدوا، وتراهم أكثر بلاءاً إن هاجروا وأينما حلُّوا..؟
إقرأ أيضًا: ملازمة الفتوى للفتنة...!
سأجيب: نحن نعطي ولا نأخذ، نعطي الهم والكآبة والحزن والفقر والموت، ونوزِّع أحكاماً على بعضنا البعض، بالتكفير والتضليل، وخروج عن الملة والدين والمذهب والطائفة، وندعو على بعضنا البعض في كل مناسبة وفي خطب الجمعة، ويزداد الدعاء على بعضنا في أيام الله باعتبار أن أيادي الشياطين مغلولة، والدعاء فيه مستجاب، نحن عنصريين وطائفيين، نعظ كل المعمورة لنأكل سنيورة، نمتطي نساء العالمين نكاحاً، ونستعلي عليهم ونكفرهم وننجسهم إن أرادوا أن يناكحوننا أو يتزوجون من نسائنا، نبني العالم بكله بالمساجد والحسينيات ودور الوعظ والإرشاد، والمقرات والمراكز، ولا نستحي من أحكامنا التي تحكم عليهم بالدونية، ومع ذلك إن مدوا يد العون والمساعدة لنا نأخذها ونهضمها هضماً، ونخرجها لحماً طرياً، ونردد دائماً لا يجوز مخالفة الأنظمة، ومع ذلك نعتبر الأنظمة غير شرعية وغير إسلامية ولا شرعية لها ونتعامل مع أموالهم أنها مجهولة وربما بأخذها بأي طريقٍ ملتوي وغير مشروع، ونطبع ملايين النسخ من كتبنا المقدسة ونوزعها على العالم كله، ونُحرِّم كتب الآخرين المقدسة عندهم باعتبارها كتب ضلال، ومع هذا كله، ندعي أننا أشراف، ومنا السادة، من نسل رسول الله (ص) ونطبِّل ونزمِّر بشجرات النسب والأنساب التي لا قانون لها سوى قانون المغيط، تتسع دائماً وتضيق دائماً، وغيرهم عبيد أنجاس من سلالة عجمان وهجمان، وإن كنتم كذلك فما هو الفضل لكم دون غيركم، أليس الله بأحكم الحاكمين وأعدل العادلين، أليس نبي الله نوح (ع) رسول من الله، والله يقول لا نفرِّق بين أحدٍ من رسله، والبشرية تنتمي إلى نبي الله نوح، وهي من نسله، فلماذا هذا الشرف لكم وغيركم من السفلة، أمركم عجيب وغريب..؟ تدعون أنكم أنبياء وآلهة وتمسكون بالسماء وتقفون على الماء، لكنكم نسيتم أنكم من نطفة البشر!!!
إقرأ أيضًا: كفاكم تجريحاً يا أصحاب العباءات الفضفاضة...!
نحن نعيش في ازدواجية وفي تخلف وفي كذب وخداع، نرفض النقاش والحوار لأن لحوم الشيوخ مسمومة، والمفكرين موبوءة، والشعراء جرثومة، لأننا نعلِّل الخطأ بالخطأ، نقبل ما نشاء ونرفض عمن نشاء، العالم نحو العلم والثقافة والتصنيع، ونحن ما نزال نمنع تحت حجة إضعاف عقيدة من هنا، ومن هناك نمنع بحجة الزندقة والتضليل، أو الطعن والتجريح في الشخصية الأفلاطونية.