تعمل مراكز الدفاع المدني في لبنان بحد أدنى من العناصر منذ نحو 6 أيام بعد قرار المتطوعين منهم وقف تنفيذ المهمات والانقطاع عن الدوام حتى إقرار تثبيتهم. ولا تكفي الأعداد التي تتواجد في المراكز، بحسب المعنيين، لتغطية مهمات إنقاذ وإسعاف وإخماد حرائق؛ ما يهدد بأزمة حقيقية في حال لم يتم تدارك الموضوع.
ويعتصم المتطوعون منذ نحو شهرين ونصف الشهر في ساحة رياض الصلح في وسط بيروت، بعدما كانوا قد نفذوا منذ عام 2014 سلسلة تحركات اعتراضية للضغط على السلطات المعنية أدت إلى إقرار قانون تثبيتهم في مجلس النواب من دون ربطه بالمراسيم اللازمة في مجلس الوزراء.
ويُشكل غياب الاعتمادات المالية اللازمة، وبخاصة في ظل السياسة التقشفية التي تعتمدها الحكومة للتصدي لتدهور الأوضاع المالية والاقتصادية، أحد أبرز الأسباب التي تحول دون تنفيذ القانون الذي سيؤدي إلى تثبيت نحو 2500 عنصر في ملاك المديرية العامة للدفاع المدني.
وتتابع وزيرة الداخلية والبلديات ريا الحسن عن كثب هذا الملف، وهي استقبلت قبل أيام المدير العام للدفاع المدني العميد ريمون خطار، وتمّ التداول في مسألة إجراءات تنفيذ القانون المتعلق بتثبيت متطوعي الدفاع المدني. وأكدت الحسن لخطار أنها ستبذل قصارى جهدها مع الجهات المختصة، ولا سيما وزارة المالية، من أجل تأمين الاعتمادات اللازمة لتنفيذ القانون. وأبدت الحسن «تفهمها لمطالب المتطوعين ومعاناتهم، وتمنت عليهم العودة عن اعتصامهم والالتحاق بمراكزهم خدمة للمواطنين، ومنعاً لحصول طوارئ معينة قد تؤدّي إلى ما ليس في الحسبان، وتقديراً لرسالة المتطوعين النوعية في خدمة المواطن والمجتمع».
ونفذ المتطوعون في الأيام القليلة الماضية في مناطق في شمال وجنوب لبنان اعتصامات أعلنوا خلالها توقفهم عن تلبية أي نداء لإطفاء الحرائق أو أي مهمة تطلب منهم، احتجاجاً على المماطلة في تثبيتهم، وتضامناً مع زملائهم المتطوعين المعتصمين في ساحتي الشهداء ورياض الصلح في بيروت.
ووفق أرقام المديرية العامة للدفاع المدني، فإن عدد المتطوعين يبلغ زهاء 3600، لكن الذين استوفوا شروط الوظيفة ويحق لهم التثبيت، يبلغ عددهم 2550، وبحسب التقديرات، تبلغ تكلفة تثبيت هؤلاء نحو 20 مليون دولار سنوياً.
ويشير المتطوع يوسف الملاح إلى أن ما أجبرهم أخيراً على اتخاذ القرار «المُر» بوقف تنفيذ المهمات والانقطاع عن الدوام هو ما أمرّ منه، بإشارة إلى عدم التفات القوى السياسية لتحركاتنا ومطالبنا بعد مرور أكثر من شهرين ونصف الشهر على اعتصامنا في وسط بيروت، لافتاً إلى أنه بدلاً من أن يكون هناك 15 عنصراً يداومون في المركز أصبح هناك فقط عنصران أو 3 يقومون بالمهمة، وهذا العدد لا شك غير كافٍ لتلبية كل النداءات. وقال الملاح لـ«الشرق الأوسط»: «نحن مستاؤون جداً لدفعنا لاتخاذ قرار مماثل، لكننا مضطرون إليه، عساهم يلتفتون إلينا»، موضحاً أن نحو 80 إلى 85 في المائة من المراكز يشملها القرار المتخذ.
ورداً على سؤال، يؤكد الملاح أن قرار وقف التوظيف المتخذ في عام 2017 لا يشملهم كمتطوعين في الدفاع المدني باعتبار أن هناك قانوناً صادراً في عام 2014 بتثبيتهم، «وبالتالي نحن لا نبحث عن وظيفة إنما ننادي بتنفيذ القانون، وهو ما عبّر عنه رئيس الحكومة سعد الحريري في أكثر من محطة». وبحسب الملاح، يقتصر عدد العناصر المثبتين في المديرية نحو 250 على مستوى كل لبنان، أما أصغرهم سناً فيبلغ 55 عاماً؛ وهو ما يجعل المديرية بحاجة ماسة لتثبيتنا.
ويعتبر الباحث في «الشركة الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين، أنه يوجب مقاربة ملف المتطوعين في الدفاع المدني من خلال مقاربة شاملة للوظائف في القطاع العام، وبخاصة أن الدولة لا تستوعب العدد الحالي من الموظفين والمقدر بـ320 ألف موظف، لافتاً إلى أن من تطوعوا في المديرية العامة للدفاع المدني قبل 10 أو 15 عاماً كانوا يعولون على تثبيت عدد منهم لكن الأعداد تراكمت ووصلت أخيراً إلى نحو 2300 علم أن عدد المثبتين حاليا ما بين 600 و700. وقال شمس الدين لـ«الشرق الأوسط»: «هؤلاء المثبتون يتقاضون أصلاً رواتب متدنية جداً تلامس الحد الأدنى للأجور، لكن ارتفاع نسبة البطالة هي التي تدفع الآلاف للمطالبة بالتثبيت».