باستثناء وصول رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري إلى جدّة خلا المشهد السياسي اللبناني أمس الأربعاء، من أية تطورات سواء تلك المتصلة باحالة مشروع موازنة العام 2019 على مجلس النواب، أو مفاوضات ترسيم الحدود البرية والبحرية، مع إسرائيل مع عودة مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد ساترفيلد إلى تل أبيب حاملًا الموقف اللبناني من الطرح الإسرائيلي الجديد.
إذ أن مشروع الموازنة لم يصل بعد إلى دوائر المجلس النيابي، حيث يخضع حاليًا لطبع 128 نسخة منه في وزارة المال، لتوزيعها على النواب قبل 48 ساعة من موعد أي جلسة نيابية، وهذا ما يفسّر أسباب تريث رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان في دعوة اللجنة للإجتماع الإثنين المقبل.
وفي سياق ردود الفعل الدولية على إقرار الموازنة، تبيّن أنّ تقييم مواقف الدول المانحة والمؤسسات المالية الدولية لمشروع الموازنة الذي يُنتظر إقراره في المجلس النيابي، لا يختلف عن تقييم الداخل اللبناني، أي الترحيب بوضع الموازنة مع إبداء تحفظات على نوعية التدابير المتخذة.
فالدول المشاركة في مؤتمر "سيدر" تعتبر الموازنة بداية التغيير وليست آخره، وتبدي شكوكًا في قدرة الدولة على تحقيق الإيرادات.
وبدوره، أعرب سفير إحدى الدول المعنية بالوضع اللبناني عن أسفه لكون الموازنة "مّرت بمحاذاة الإصلاح، إذ لم تلامس مكامن الهدر والفساد، ولم تُقرّ عددًا من التوصيات الواردة في مؤتمر سيدر"، لكنه أضاف: "لا نستطيع إلّا أن نرحّب بما أُنجز على أمل المزيد".
في مقابل ذلك، ذكرت مصادر ديبلوماسية نقلًا عن صحيفة "الجمهورية"، أنّ "المهمة الأصعب ستكون لدى انكباب مؤتمر سيدر على اختيار المشاريع لتمويلها، حيث أنّ هناك خلافًا لبنانيًا حيال أولويات هذه المشاريع، كما أنّ الدول المانحة مصرّة على مواكبة ومراقبة كل المناقصات التي ستحصل في إطار تنفيذ المشاريع، لأنّ هذه الدول لا ثقة لها "بالآليات اللبنانية"، وتمنّت هذه المصادر لو أنّ "المجلس النيابي يحسِّن هذه الموازنة لدى مناقشتها، ويضيف عليها بعض القرارات الجريئة".
وتجدر الإشارة هنا، إلى أنّ "ردود الفعل الخارجية الدولية على الموازنة تشير إلى أنّ العالم لا يصدّق كثيرًا الأرقام الواردة في ما خصّ نسبة العجز، وبعدما كانت وكالة التصنيف الدولية (ستاندرز اند بورز) قالت أمس الاول، أنّ هذه الموازنة لن تساعد على استعادة الثقة، برزت أمس ردود أخرى تندرج في غالبيتها في الإتجاه نفسه".
كما ركّزت التعليقات على نقطة مشتركة وهي، أنّ "العجز الحقيقي سيفوق العجز المقدّر من قِبَل الحكومة (7,59%)، وسيصل الى 9,5 أو 10%، فهذه الردود المشككة في مصداقية أرقام الموازنة تعكس باختصار رأي المؤسسات المالية العالمية والمجتمع الدولي بموازنة 2019 التي تطبّل الحكومة لها وتصوّرها على انها إنجاز غير مسبوق".