مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون: استهداف الناقلات تم بألغام بحرية إيرانية.
رفع مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون، الأربعاء، من سقف التوتر مع إيران حين أكد أن الهجمات على ناقلات نفط قبالة ساحل الإمارات في وقت سابق من هذا الشهر تمت باستخدام “ألغام بحرية من إيران بشكل شبه مؤكد”، وهو ما قد يجعل إيران، أكثر من أي وقت مضى، عرضة لضربات انتقامية أميركية. كما يضعها أمام غضب قمم مكة التي تبدأ، الخميس، وسط تحركات للتوصل إلى تحالف عربي وإسلامي ضاغط ضد إيران وأنشطة الميليشيات الحليفة لها، والتي باتت تهدد الأمن القومي لدول عربية وإسلامية.
ويعتقد مراقبون أن تصريح مستشار الأمن القومي الأميركي موجه ومحسوب بدقة لكونه سيزيد من الضغوط على إيران ساعات قبل بدء سلسلة من القمم في مكة سيكون الموقف من السياسات الإيرانية أهم عنصر فيها.
وإذا كانت بعض الدول المشاركة في هذه القمم تميل إلى تعويم موقفها والدعوة إلى التهدئة، فإن اتهامات بولتون لإيران بالوقوف بشكل أو بآخر وراء الهجمات ستجعل الحياد أو تعويم المواقف أمرا غير ممكن، خاصة أن الأمر لا يتعلق بموقف سياسي وإنما بأمن إمدادات النفط، وهو ما يمس مصالح دول الإقليم والكثير من الدول الأخرى شرقا وغربا، ما يعني تشددا أقوى في المواقف داخل قمم مكة ضد الأنشطة الإيرانية حتى من المحسوبين على القرب من طهران.
ويأتي كلام بولتون، الذي لا يقبل التأويل أو المناورة، ليضع إيران بمواجهة وضع جديد يظهر أن نفوذ الصقور في البيت الأبيض قوي، وأن خيار المواجهة لم يعد بعيدا، حتى لو حاولت طهران إظهار عدم مبالاتها، أو رهانها على أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد يتراجع في آخر لحظة عن المغامرة.
وبحث ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الأربعاء، مع مستشار الأمن القومي الأميركي علاقات التعاون بين البلدين والجهود الإقليمية والدولية لمواجهة الإرهاب.
وذكرت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية (وام) أن المحادثة تطرقت إلى الجهود الدولية والتنسيق المشترك لمواجهة التطرف والعنف والإرهاب الذي يستهدف مقدرات الشعوب وأمنها واستقرارها وتعايشها.
كما تبادل ولي عهد أبوظبي والمستشار الأميركي وجهات النظر بشأن عدد من الموضوعات والملفات الإقليمية والدولية التي تهم البلدين بجانب تطورات الأوضاع التي تشهدها المنطقة وتداعياتها.
وأبدى بولتون وضوحا أكبر في تصريحات بشأن أذرع إيران والخطر الذي بات يستهدف أمن الملاحة. وقال إن النهج الذي يتسم “بالحكمة والمسؤولية” الذي تتبعه الولايات المتحدة جعل من الواضح لإيران ووكلائها أن مثل هذه الأفعال تخاطر “برد قوي” من الولايات المتحدة، في إشارة إلى استهداف سفن قبالة ميناء الفجيرة الإماراتي.
وعبر عن قلقه بشأن التهديدات المتصورة من فيلق القدس، ذراع الحرس الثوري الإيراني الخارجية.
وأضاف “نحن قلقون للغاية من استخدام فيلق القدس وقاسم سليماني فصائل شيعية مسلحة وفصائل أخرى في العراق كوسائل غير مباشرة لمهاجمة سفارتنا في بغداد وقنصليتنا في أربيل ومختلف قواعدنا في أنحاء البلاد”.
ولم تتهم الإمارات أي جهة حتى الآن بالوقوف وراء عملية تخريب أربع سفن، من بينها ناقلتا نفط سعوديتان، قرب إمارة الفجيرة، وهي مركز كبير لتزويد السفن بالوقود خارج مضيق هرمز مباشرة.
واتهمت الرياض طهران بإصدار الأوامر لضربات الطائرات المسيرة المسلحة التي أعلنت جماعة الحوثي اليمنية المتحالفة مع إيران مسؤوليتها عنها.
وقال بولتون لصحافيين في أبوظبي “أعتقد أنه من الواضح أن الهجمات على الناقلات كانت باستخدام ألغام بحرية من إيران بشكل شبه مؤكد”.
وأضاف “لا يخامر عقل أحد في واشنطن شك في المسؤول عن هذا وأعتقد بأنه من المهم أن القيادة في إيران تعرف أننا نعرف”.
إلا أن وكالة فارس للأنباء نقلت عن عباس موسوي المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية نفيه لتصريحات بولتون.
ونسبت وكالة فارس عن موسوي قوله “إثارة هذه المزاعم السخيفة خلال اجتماع مع من لديهم تاريخ طويل من السياسات المعادية لإيران ليست أمرا غريبا.. صبر إيران الاستراتيجي ويقظتها وبراعتها الدفاعية ستحبط المؤامرات الخبيثة التي حاكها بولتون وغيره من دعاة الحرب”.
ورفض بولتون التعليق على التفاصيل الخاصة بتحقيق في الهجمات تشارك فيه الولايات المتحدة وفرنسا والنرويج والسعودية، لكنه قال إن الدول وملاك السفن المعنيين يمكنهم فعل ذلك.
وتعرضت ناقلة إماراتية لتزويد السفن بالوقود وناقلة منتجات نفطية نرويجية للهجوم أيضا.
وقال بولتون إن الهجمات على الناقلات مرتبطة بالهجوم على محطتي الضخ الواقعتين على خط أنابيب شرق-غرب في السعودية والهجوم الصاروخي على المنطقة الخضراء في العاصمة العراقية بغداد.
وأضاف أن هجوما فاشلا استهدف ميناء ينبع السعودي على البحر الأحمر قبل يومين من العملية التي وقعت قبالة ساحل الإمارات.
ويتصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران منذ انسحاب ترامب من الاتفاق النووي متعدد الأطراف مع إيران ومعاودته فرض عقوبات على طهران مستهدفة بشكل خاص صادراتها الرئيسية من النفط. وتقول إيران إنها لن ترضخ لما وصفته بالحرب النفسية.
وقال بولتون إن الولايات المتحدة تبحث الخطوات التالية مع حلفائها الخليجيين العرب.
وأضاف “أؤيد ما نفعله حتى الآن. النقطة المهمة هي أن نوضح لإيران ووكلائها أن هذا النوع من الأنشطة يخاطر بردّ قوي من الأميركيين”.
وقالت واشنطن إنها بصدد إرسال 1500 جندي إلى المنطقة بعد الإسراع بنشر مجموعة حاملة طائرات هجومية وقاذفات وصواريخ باتريوت إضافية.
وقال بولتون إن الولايات المتحدة تجلب قدرات هندسية “للمساعدة في دعم المنشآت المرتبطة بالقواعد العسكرية الأميركية والتابعة للشركاء”.