ما سمعناه أمس يؤسّس لقاعدة متطرفة داخل جسم معتدل يراهن عليه اللبنانيون وغير اللبنانيين لبقائه خارج المفاهيم الداعشية واستمراره كحركة طائفية مؤمنة بالتعددية السياسية والمذهبية ومن منظور وطني منفتح غير مغلق تماماً كما هي رؤية المؤسّس السيّد موسى الصدر وكما هي تجربة رئيس الحركة المؤكدة على الاعتدال الشيعي وعلى الوسطية في مقاربة المفاهيم مع الآخرين .
هذا المولود اليافع عقلياً والذي تناول السيّد فضل الله ليس ممن تربى في داره وفي مسجده كما هي الحالة المحدودة للمكفرين لأفكار فضل الله وللقائلين بضرره على المذهب كونه ضالاً ومُضلاً وخارجاً عن الاجتماع الشيعي لثوابت ومعتقدات هي من صناعة فقهاء في الفقه و العقيدة .
لا شكّ بأن السياسة تقف دائماً خلف أيّ شُبّاك خلافي وتبدو أدوات الخلاف متأثرة بطبيعة الوعي ومستواه فكلما كان الوعي وعياً كانت أدوات الخلاف مسؤولة ولكن حين يكون الوعي جهلاً تصبح أدوات الخلاف كما هي قائمة مجرّد سبّ وشتم و تكفير وتخوين وتهوين وتضليل وفي كل الملفات المفتوحة ضدّ السيّد فضل لم نجدّ مكفراً له يكفر بناءً على علم كما أن العلم لا يكفر بل يخطىء في أسوأ أحواله ويقدم دليله ليقطع بخطأ إدلة الآخرين وهذا ليس متوفراً في رأس أحد من المنددين والمكفرين للسيّد فضل الله أيّ انهم مجرد حرس لأساطير من صنع هواهم وهوى من أوجد أصنام جديدة فرضوا طاعتها تلبية لتجارة أو لمصلحة أو لرؤية ويمكن أن تكون نتّاج فهم تاريخي قدسه الجاهلون فحولوه الى عبادة والى قداسة طاعنة بكل من يقدم فهماً جديداً مناقضاً للمفاهيم القائمة .
ما تركوه وهو حيّ أقفلوا عليه كل الأبواب لحصاره وما أفلحوا ومن ثمّ حاولوا اغتياله معنوياً بهتك سيرته وما صدّق العباد ما وصفوه به وشنوا عليه حملات شعبوية من جُهال الدين فانفضحوا لخواء ما أدانوه به ومن ثم دفعوا بأقلام من السم لا من الحبر لتسمم أفكار السيّد ويا ليتهم كتبوا ضدّ السيّد بأقلام نقدية تقارع الفكر بالفكر والحجة بالحجة والدليل بالدليل دون الدخول في النوايا وتهديم الشخص والتطاول عليه وهذا ما جعل من حملات الردّ على السيّد مجرد زبد ذهب جفاءً .
لو أن المنضم الجديد لحملة تكفير المرجع السيّد فضل الله قدم علماً معتبراً لكشف علمه الواسع عن حقيقة فضل الله كضال أو مضل أو ككافر بمعتقدات المذهب أو انه فعلاً مسؤولاً عن قتال أمل وحزب الله في مرحلة صراع سوري – ايراني أدخل الطائفة في حسابات ومصالح الدولتين .
لسنا معنيين بالاجراءات الداخلية لأيّ منتسب سياسي لأي إطار من الأطر الشيعية يخلّ بالالتزامات وبالقرارات القيادية ولكن معنيين بالساحة الشيعية في الحرص على الإعتدال وعدم أخذها الى التطرف خاصة و أن هناك نوّة وافدة من بحر شيعي هائج مذهبياً وهي مخيفة ومرعبة وهذا من صلُب الأدوار التي يقوم بها المعترضون على المعتدلين الشيعة من النائحين على التاريخ لجرّ الحاضر اليه بكل ما فيه من أحقاد وصليل سيوف وصهيل خيول .