كما كنا نقول دوما ، لا يحتاج وزير حزب الله الدائم في الحكومة الحج محمد فنيش للضرب على الطاولة أو افتعال مشكل سياسي ولا حتى نقاش حاد حتى يرفض الكثير من بنود الموازنة وتصبح أثرا بعد عين، بل كل المطلوب منه أن يومئ برأسه ايماءا بسيطا للتعبير عن رفض تلك البنود التي اعترف السيد بالأمس في ذكرى التحرير حين قال : "في الموازنة التي سوف تخرج من الحكومة، للأسف الشديد هناك ضرائب ورسوم مسّت الفئات الفقيرة وفئات ذوي الدخل المحدود"
ضاربا (السيد) لهؤلاء الفقراء وذوي الدخل المحدود موعدا جديدا لهم في المجلس النيابي حيث الشاشات والتلفزيونات سوف تنقل مباشرة كما هي العادة نقاشات الموازنة، وأن حزبه ونوابه سوف لن يسكتوا وأنهم سيحضرون افضل الخطابات وأعظم الكلمات الطنانة يلقونها من على منبر المجلس ولهم في ذلك تجربة عظيمة كان رائدها النائب المفوه والخطيب المتكلم حسن فضل الله.
غاب عن بال سماحة السيد أن الفقراء لم تعد تعنيهم كثرة الخطابات، وأن الجوع الذي يفتك بهم وبأولادهم وأن الجوع والعوز الذي يعانونه يوميا لم تعد تهديء من آلامه خطبة لا تسمن ولا تغني من جوع، ولا توقف فاسدا عن فساده ولا ترجع حقا منهوبا من أمام افواه أطفالنا ومستقبل شبابنا، شعارت وأقوال لا أثر لها ولا عين.
اقرا ايضا : لبنان وثقافة الأركيلوجيا
نحن وإن كنا نعلم علم اليقين، بأن شعار محاربة الفساد الذي ألزم به السيد نفسه قبيل الانتخابات وكان عنوان برنامجه الإنتخابي الذي حصد أصوات الناس على أساسه، أن هذا الشعار ليس كما يدعي اليوم بأنه صعب مستصعب، وان الكلام بأن مقاومة الاحتلال هي أهون من محاربة الفساد لا نرى فيه إلا هروبا إلى الامام، إذ كيف لمن رفع هذا الشعار أن يحدثنا الآن عن صعوبته مرة وعن الوقت الذي يحتاجه مرة أخرى وأنه لا يمكن أن يتصدى له بدون تكاتف باقي الأفقراء مرة ثالثة.
فهل كان غائبا عن ذهن السيد حين وعدنا بمحاربة الفساد تعقيدات الوضع اللبناني؟ هل كان غائبا عن باله أن محاربة الفساد يعني التصادم مع أفرقاء وشخصيات وأحزاب وتيارات هم حلفاء له، وساهم ويساهم بتقويتهم ورفع شأنهم يوميا على حساب الإصلاح والمال العام ؟؟
إن موافقتكم يا سماحة السيد على الموازنة وإقرارها كما هي مع ما تحتويه من ضرائب جديدة ورسوم و "اصلاحات" بعد عشرات الجلسات من النقاش المستفيض بحضور ممثليكم ما هو إلا إقرار منكم واعتراف واضح أنكم شركاء فعليين بإنتاجها وإقرارها لأن مصلحتكم الحزبية تفرض عليكم مراعاة مصلحة حلفائكم وأفرقاء الحكومة ولو على حساب قوت الفقراء.
إسمح لنا يا سماحة السيد أن نقول لك بأن من يهتم بالفقراء والمساكين لا يبالي برضى فاسد أو سارق مهما كان قريبا أو بعيدا ... وأن الفقراء الذين كانوا ينتظرون أن تخدمهم بأشفار العيون لم يعودوا يبالوا بخطاباتكم .