يقال في أصل كلمة "السياسة" إنها مشتقة من "ساس الحصان"، بمعنى قاده إلى موقع الماء، يقول "الصادق النيهوم" أنَّ هذا الإشتقاق هو إشتقاق حسن، إذا كان الحصان يريد أن يشرب، أما إذا كان السايس هو الذي يرغب في نقل بعض البراميل، فإن كلمة "السياسة" تصبح مشتقة من "الويل للحصان" رغم الإختلاف الظاهر بين الحروف،إنها نقطة ضعف قديمة في طبيعة كل الكلام/ كتابه: محنة ثقافة مزورة/... هذا في السياسة، أما في الدِّين فهو إسمه دين، وليس سياسة وسايس وأحصنة وحمير وأغنام أو ما خلق الله من دابة أو دواب في الأرض، لأن الدين هو إلتزام وأمانة وصدق ورحمة وإنقاذ للمحروم والمظلوم، بل هو "أي الدين" هو ملتزم بقضايا مهمة وخطيرة وصعبة، وخالية من النفاق والدجل والكذب واللعب بشخصية إزدواجية، بمعنى أن تكون ذات وجهين، أو ذوو وجوه، أو ذات لسانين، أو ذوو ألسن، ومن أهم قضايا الدين هي الدفاع عن حقوق الناس، ويتأكد الدفاع عن حقوق المستضعفين من الرجال والنساء والولدان، كما جاء في القرآن الكريم، (وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان/ النساء/ 75).
وقوله تعالى في سورة القصص/آية 5: (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين).
إقرأ أيضًا: حسبنا كتاب الله...!
فالفارق بين الدين والسياسة،هو أن الدين يخاطب الناس جميعاً من دون طبقة على أخرى، بمعنى أن الإنسان هو معنيٌ بنفسه شرعاً أن يؤدي تكليفه، فيصبح جميع الناس مسؤولين ديناً وشرعاً عن سير حياتهم وإنقاذ بلدهم والمطالبة بالدفاع عن حقوق الإنسان والإنسانية، وفي بلدنا لبنان لم نعد نفرِّق بين الدين والإنسان، وبين السايس والحصان، لأن السياسة في لبنان هي مستنقع، أو كما هم يصفونها أي أهل السياسة من أنها بؤرة فساد ومفسدين، وبما أنهم عقلاء، هذا يعني أن إقرارهم نافذ وحجة، لكن كيف نتصور حال رجال الدين، وخصوصاً من يترأسون طوائفهم، ومؤسساتهم الدينية، الذين يتدخلون في الخلافات السياسية، فبدلاً من أن يقفوا في وجه السياسة والسياسيين من أجل حقوق المواطنين، نراهم يحملون أحمالاً ثقيلة على ظهور الناس ولا يحركونها بإصبعهم، لم نسمع في أي بلدٍ من العالم ما عدا لبنان وما يشبهه من حملة شعار الدين، أن نرى أساقفة أو بطاركة أوقيادات دينية وروحية، تحتل منابرها أو مساجدها أو معابدها وكنائسها، أن تقحم طوائفها في الصراعات والنزاعات والخلافات السياسية، لتعلن موافقتها أو معارضتها في التجاذب السياسي الحاصل في بلدنا، بل على العكس لم نر منها أي دور ديني بالمعنى المطالبة بحقوق الناس، وتجييش المؤمنين ضد المفسدين والفاسدين والغش والبرطلة وكل ما هو مخالف للدين والقانون والدولة بل وكل المخالفات "والشواذات" في طول وعرض مساحة هذا البلد، نسأل الله في شهره المبارك، أن يلهمنا وقياداتنا الدينية أن نكون معنيين بما هو موجَّهٌ إلينا لرفع الحرمان والفساد عن المجتمع اللبناني.