عند الساعة التاسعة صباح اليوم، سيدشن الوزير شهيب الربط الإلكتروني لكاميرات مراكز الامتحانات الرسمية بغرفة العمليات في مبنى الوزارة. كذلك سيتحدث في لقاء مع الصحافيين عن آخر التطورات والتحضيرات المرافقة للامتحانات، وذلك في الطابق الأول من مبنى الوزارة.
في قرارة نفسه، يدرك شهيب أن لا حاجة لأن يشغل باله كثيراً حول الترتيبات المرافقة للامتحانات الرسمية، نظراً إلى أنّها بأيدي المدير العام للتربية ورئيس اللجان الفاحصة فادي يرق، الذي يُتابع كلّ «شاردة وواردة» بدقة متناهية منذ سنوات، ومكتبه أشبه بغرفة طوارئ منذ اللحظة الأولى لتحديد مواعيد الامتحانات.
الهمّ الأكبر...
إلا أن الهَمّ الأكبر عند شهيّب يبرز في معالجة قضايا ومطالب النقابات والروابط التعليمية والهيئات وإدارات المدارس ولجان الأهالي، إذا حلَّ عقدة تبرز مصيبة، يهدئ أساتذة التعليم الرسمي، يشتعل معلمو الخاص... يَفك إضراب المدارس تُعلن كليات الجامعة اللبنانية ومعاهدها الإضراب. وضع تربوي هستيري، زاده ترهلاً إقرار سلسلة الرتب والرواتب. ومن بين عمليات الإطفاء التي حاول شهيب استباق ألسنة نيرانها، كانت مساء أمس خلال لقائه وفداً من نقابة المعلمين في المدارس الخاصة برئاسة رودولف عبود.
إجتماع كان أقرب إلى جلسة مصارحة، طرحت خلاله النقابة هاجسها الأكبر، وهو الحفاظ على وحدة التشريع بين الرسمي والخاص، وتطبيق قانون السلسلة رقم 46. أكّد عبود خلال اللقاء «أنّ النقابة تدعم كلّ ما يعزّز مصلحة المعلّمين، ويحافظ على المؤسسات التربوية الخاصة»، مشيراً إلى «أنّ بعض المؤسسات تترنّح بسبب الوضع الاقتصادي للمواطنين». وتوقّف عند «المعاناة في صندوق التعويضات والمشاكل مع الضمان»، مبيّناً في الوقت نفسه عن «ليونة لدى النقابة واستعدادها للحوار»، بعد أن سلّم شهيب تصوراً للحوار مع المؤسسات التربوية والأهل ودعاه ليكون راعياً للحوار».
في المقابل، حاول شهيّب امتصاص خوف المعلمين وطمأنتهم عبر تشديده على موقفه الثابت والمؤيّد لوحدة التشريع، معتبراً «أنّ ما يتمّ التداول به اليوم لجهة فصل التشريع يدمّر التعليم، وأنّ مقاربة الأمر تتطلّب تأمين متطلبات وظروف مغايرة غير متوافرة اليوم».
واعتبر شهيب «أنّ هناك تساوياً في المهام والشهادات التعليمية بين الرسمي والخاص، وبالتالي لا يمكن الفصل راهناً في الحقوق». وشدّد على «تأمين مصلحة المتعلّمين وفتح الحوار وإمكانات الحلول والتسوية بما يريح الجميع»، مؤكداً وقوفه إلى «جانب النقابة وحرصه على إتمام الامتحانات الرسمية».
في الكواليس...
لم يكن ينقص في الاجتماع إلا أن يستحلف شهيّب وفد النقابة بعدم إثارة المشكلات التربوية في وسائل الإعلام، بل البحث عن حلول لها في أجواء هادئة، بعيداً من التصاريح. فقد بدا لافتاً ميل معظم من شارك في الاجتماع نحو التكتّم مردّدين: «وعدناه ما نحكي شي».
إلا أنّ مصدراً خاصاً أعرب لـ«الجمهورية» عن اطمئنانه لمسار الاجتماع، فقال: «إصرار معاليه على وحدة التشريع يطمئن. ولكننا في الوقت نفسه، لمسنا منه الحذر والتنبه وضرورة التيقّظ، نظراً إلى أن الموضوع لا يزال مطروحاً في الكواليس، ونظراً إلى وجود أطراف تضغط في اتجاه فصل التشريع، خصوصاً من يسعى إلى إرضاء مرجعيات روحية وأصحاب إدارات المدارس من جيبنا». وتابع المصدر: «فصل التشريع بين قطاع التعليم الرسمي والخاص سيحرمنا ما بات من حقنا عبر القانون 46، وبالتالي سنُحرم من الزيادة التي أُقرّت ومن أيّ زيادة ممكنة في المستقبل».
ولفت المصدر إلى «ان اسم الوزير جبران باسيل تردّد نحو 10 مرات في الاجتماع»، مشيراً إلى «أنّ الأيام المقبلة قد تحمل لقاء بين باسيل والمعلّمين، أو قد يكتفي هؤلاء برفع رسالة إليه، على خط معالجتهم إبعاد شبح الفصل في التشريع».
واعتبر المصدر: «أنّه نتيجة ما يُحكى عن الفصل في التشريع، فقد لا يعود أحد يطمح لأن يمتهن التعليم، نتيجة ما نخسره تدريجاً من امتيازات». ويلفت المصدر إلى موقف إدارات المدارس، قائلاً: «بالنسبة إلى أصحاب المدارس، قد لا يستهويهم الحوار مع المعلّمين في الوقت الراهن نظراً إلى أنّهم موعودين في الكواليس بفصل التشريع».
أما عن موقف الروابط في التعليم الرسمي وهيئة التنسيق من فصل التشريع، يؤكّد المصدر «التماسهم الدعم الكافي لموقفهم الرافض للفصل»، قائلاً: «هم متضامنون معنا نظراً إلى أننا جزء من الهيئة النقابية وقد تبلّغنا دعمهم لنا ورفضهم للفصل بين الرسمي والخاص».
والأهل يُحذرون...
وفي سياق منفصل، ومن ضمن الكباش التربوي القائم، حذّر اتحاد لجان الأهل في المتن وكسروان الفتوح وجبيل من التلاعب بامتحانات أولادهم. وجاء في البيان: «تعليقاً على ما سمعناه من تهديدات تطال إجراء الامتحانات الرسمية لهذا العام، والتعرّض مجدداً لمستقبل أولادهم من خلال حرمانهم من امتحاناتهم الرسمية، ولأيّ سبب كان، نطالب وزارة التربية والتعليم العالي بأن تتحمّل مسؤوليتها كاملة، إذ إنّ الأهل ولجان الأهل لن يسمحوا إطلاقاً بتكرار ما جرى في عام 2014».
وطالب الأهالي شهيب «البتّ بالاعتراضات المقدّمة من لجان الأهل في بعض المدارس على الموازنات وإجراء المقتضى إنصافاً للأهل، وتعيين خبراء للتدقيق في الموازنات غير الموقّعة، ومحاسبة كلّ من يتعرّض لأولاد لجان الأهل وتأمين الحماية لهم. كما الإسراع في تعيين أعضاء المجالس التحكيمية».
وفيما ستُسكتمل في المرحلة المقبلة، النقاشات القانونية بين نقابة المعلّمين ووزارة التربية حول كيفية تحصين وحدة التشريع، يبقى الرهان على أن يطوي العام الدراسي آخر فصوله بأقلّ تداعيات ممكنة على مستقبل الطالب وجيب أهله!.