16 جلسة وزاريّة لم تكُن كافية حتى اللّحظة للوصول إلى موازنة عامّة للبلاد، من البديهي أنّه من الغير منطقي تبرير هذه المُماطلة ويقول المثل في هذه الحالة "عندما يكثُر الطباخون تحترقُ الطبخة"، خصوصًا وأنّ هناك أفرقاء في الداخل يتسلّحون بكلمة الفصل ليُظهروا أنّهم وحدهم أصحابها.
ولفت الوزير السّابق المُحامي زياد بارود، في حديثٍ خاصّ لـِ موقع "لبنان الجديد"، أنّ الموازنة في الأساس هي رؤية إقتصاديّة قبل أن تكون أرقام وقبل أن تكون جباية وإنفاق أيضًا، مُعتبرًا "أنّنا اليوم أمام مشروع موازنة لا يزال حتى السّاعة في مجلس الوزراء وحتى لو تمّ إقراره في مجلس الوزراء سيحتاجُ أيضًا إلى مُناقشة وإقرار في مجلس النواب".
وقال:"الموازنة تصدرُ بِقانون من مجلس النواب وإنّما الحكومة هي التي تُنجزها وفي النهاية الدستور هو الذي أعطى مجلس النواب هذه الصلاحيّة ، والهدف منها أن يكون هناك نوع من الشرعيّة الشعبيّة لإقرار هذه الموازنة، لأنّ الموازنة هي جباية ورسوم، ولذلك من الواجب أن يكون لها شرعيّة شعبيّة تتمثّل بإقرارها من المجلس النيابي".
ومن الناحية العمليّة لإقرار هذه الموازنة، أجاب بارود:" اليوم الحكومة تواجهُ أرقامًا في العجز مُرتفعة والحكومة تواجهُ هذه الأرقام وتُحاول الوصول إلى حلول لهذه المُعضلة وطبعًا سنكون من الظالمين إذا حمّلنا هذه الحكومة مسؤوليّة هذه الأرقام لأنّ هذه الأرقام هي ليست وليدة اللحظة إنّما منذ سنوات عديدة ومنذ عقود إلى الوراء وطبعًا نحنُ لا يُمكنُنا أن نعفي الحكومة من المسؤوليّة طبعًا".
وأضاف:"من الناحية المبدأيّة كلّ الذي يحصل يُشكّل مُخالفة للمادّة 87 التي فرضت بشكلٍ واضحٍ لايقبل النقاش فرضت الموافقة على الحسابات النهائيّة للدولة قبل إقرار موازنة جديدة وآخر مرّة تمّ العمل على هذا الشكل كان في عام 2005 وهذا الأمر لايجوز في الماليّة العامّة كما أنّه لايُمكن أن يستمرّ بهذا الشكل".
وتابع:"على ما أعلم أنّ وزارة الماليّة قد أقرّت هذه الأرقام وجاهزة لتقديم الأرقام الحسابيّة النهائيّة لكنّ نحنُ على دراية أنّ هذا الأمر مُرتبط بجدل سيّاسي قديم وليس جديد للأسف يحول دون إقراره"، مؤكّدًا أنّ "الموازنة لا يجبُ أن تتضمّن كلّ ما يُسمّى بـِ "فرسان الموازنة، أيّ المواد التي يُفترض أن لا تكون جزءًا من قانون الموازنة، كالتعديلات على الضرائب وقوانين البرامج والمواد التي تتعارض مع سنويّة الموازنة".
وأكّد بارود خلال المُقابلة أنّنا أمام عجز لاسيّما وأنّ الإنفاق يتخطّى الإيرادات وهذا يسمح بأن يكون هناك عجز في الحكومة وتحاول الحكومة اليوم بأنّ تُخفّض هذا العجز وهذا أمر جيّد وحميد، لكنّ في المُقابل تكمنُ المُشكلة في كيفيّة تخفيض هذا العجز.
وتساءل بارود:" هل خفض الرواتب أو إقتطاع ضرائب إضافيّة من إيرادات مُعيّنة هو الحل؟ أوّ الحلّ هو في ما يُعرف بضرائب الإستهلاك؟ خصوصًا وأنّ هذه الضريبة لا تُميّز بين مُقتدر وغير مُقتدر لا تُميّز من ناحية القدرة الشرائيّة لكلّ مُواطن فهي "تضرب" الجميع بشكلٍ عشوائيٍّ وهذا الأمر غير عادل بالمعنى الضريبي".
وشدّد بارود خلال المُقابلة، على أنّ أفضل ضريبة هي الضريبة التصاعديّة التي تأتي على خطوط حسب مدخول الفرد الذي يخضع للضريبة بحيث يزيد المعدّل الضريبي كلّما إرتفع قيمة الدخل وأنا ضدّ الضريبة التي تأتي على المنبع، لكيّ يكون هُناك عدالة".
وقال:"النظرة إلى الموازنة بمعزل عن أيّ رأي سيّاسي أو غيره يجبُ أن يُصطحب بنظرة غير النظرة التقشفيّة بنظرة عادلة وتأخذ بعين الإعتبار أنّ الشعب اللّبنانيّ لا يملكُ نفس القدرة الشرائيّة ولايملكُ نفس الإقتدار".
وعن أولويّات الحكومة، أجاب بارود:" هي تختار أولويّاتها وأعتقد أنّ الموازنة هي الأكثر إلحاحًا لعدّة أسباب فهي محطّة دستوريّة، الموازنة مُرتبطة بطريقةٍ ما بـِ مؤتمر سيدر ووضعه على سكّة التطبيق، لاسيّما وأنّنا أمام وضع إقتصادي دقيق للغاية ولا يحتمل التأجيل لذلك الموازنة هي في مُقدّمة الأمور المطروحة".
.
وقال:"طبعًا الإستراتيجيّة الدفاعيّة هي مُلحّة ولها تأثير والأولويّات التي وضعتها الحكومة كانت في مُقدّمتها الموازنة علمًا أنّ لا شيء يمنع من أنّه فور إقرار الموازنة أن يتمّ التباحث بملف النازحين السوريّين وملف الإستراتيجيّة الدفاعيّة، خصوصًا أنّ الوضع الإقتصادي يتأثّر بهذه الملفات ويجبُ أن تكون من بين الأمور التي يجبُ الحكومة أن تتطرق لها".