هنا طهران ... بدأت المفاوضات والإتصالات التي اصلاً لم تنقطع يوماً بين الولايات المتحدة الاميركية وإيران وذلك لليقين المحكم لدى هذين الفريقين المتنازعين أنه ليس من الحرب جدوى.
كثيرون لا يفقهون بحجم العلاقة بين واشنطن وطهران منذ الثورة الى اليوم، كما أنهم يجهلون بأن وجود إيران هو بحد ذاته ثروة للأمن القومي وللخزينة الأميركية، فأبسط وسيلة وأسهل طريق لجمع المال من دول الخليج يكمن بايهام العرب أن ممالكهم مهددة من الخطر الفارسي وتصوير الفرس بأنهم الخطر الداهم واجبار هذه الدول بشراء الأسلحة وبمبالغ طائلة بحجة الحماية الأميريكية لهم.
إقرأ أيضًا: ٧١ عامًا على النكبة... حق العودة بين صفقات ترامب وتخاذل الأنظمة العربية
بدأ الحديث عن احتمال نشوب حرب في الخليج العربي منذ بداية شهر آيار الجاري مع تكثيف التصريحات النارية من قبل الطرفين وبعد ضجيج اعلامي لم يسبق له مثيل منذ الغزو الأميركي للعراق عام ٢٠٠٣، ففي بداية شهر آيار شدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب عقوباته الإقتصادية على طهران وخصوصاً تلك المتعلقة بالنفط، وكانت هذه المرحلة الاصعب بالعقوبات، وبعد فرض هذه العقوبات الجديدة بدأت التصاريح الإيرانية تتوالى الواحد تلو الاخر، هنا يصرخ قائد الحرس الثوري ويهدد بتدمير قواعد اميركية وهناك يتوعد مسؤول آخر بإيذاء اميركا وتكبيدها خسائر هائلة بينما المقلب الاخر أي الحرب الاعلامية الاميركية تعلي سقف التحذيرات والتهديدات من جهة ومن جهة أخرى تدعو لحوار بناء وتبعث رسائل تهدئة فاتحةً الطريق أمام المفاوضات.
إقرأ أيضًا: اسبوع على دخول العقوبات الاميركية حيذ التنفيذ ... ما هي خيارات الرد الايرانية؟
لطالما ارتكز الأميركيون على خطاب مرتفع النبرة وتصعيدي تجاه إيران، وصل إلى حدود التهديد بتنفيذ عمليات عسكرية، كما أن الشعارات الاميركية الداعية الى مواجهة النفوذ الايراني في المنطقة لم تتغير، حتى أن اللهجة العدائية عينها في ظل تمسك ايران أيضاً بلغتها تجاه الولايات المتحدة بالرغم من انجاز اتفاق نووي والجلوس على طاولة واحدة.
في ظل هذا الصراخ الاعلامي والتهويل من قبل الطرفين، يرى العقلاء أن المنطقة بعيدة جداً اليوم عن حرب اميركية - ايرانية، وكل تلك المشاهد والسيناريوهات ليست سوى مسرحية لحرب الخليج الرابعة.