لا تزال صفقة القرن التي يسوق لها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين تتصدر إهتمامات العديد من الصحف العربية والدولية.
فأمس الأحد أعلن البيت الأبيض أنّ الولايات المتّحدة ستعقد ورشة عمل إقتصادية دولية في العاصمة البحرينية المنامة في أواخر حزيران "للتشجيع على الاستثمار في الأراضي الفلسطينية"، ليكون بذلك الإعلان الفعلي لبدء المرحلة الأولى من الخطّة التي ستكون البحرين مسرحًا لها، والتي يعدّ كبير مستشاري ترامب وصهره جاريد كوشنر عرّابها إلى جانب مبعوث واشنطن إلى المنطقة جيسون غرينبلات.
وجاء في بيانٍ مشترك للبيت الأبيض والمنامة نشرته شبكة "CNN" أنّ "مملكة البحرين ستستضيف بالشراكة مع الولايات المتحدة الأميركية ورشة العمل الاقتصادية السلام من أجل الازدهار في المنامة في الـ 25 والـ 26 من حزيران 2019"، وأشار البيان إلى أنّ "ورشة العمل هذه ستشكّل فرصة جوهرية للقاء الحكومات والمجتمع المدني والقادة الإقتصاديين بهدف تشارك الأفكار ومناقشة الإستراتيجيات وتوفير الدعم للإستثمارات الإقتصادية المحتملة والمبادرات التي يمكن التوصل لها باتفاقية سلام"، مضيفًا أنّ "ورشة السلام من أجل الازدهار ستوفّر نقاشات حول طموح ورؤية قابلة للتحقيق وإطار عمل يضمن مستقبلًا مزدهرًا للفلسطينيين والمنطقة، بما في ذلك تعزيز إدارة الإقتصاد وتطوير رأس المال البشري وتسهيل نمو سريع للقطاع الخاص".
كما أكّدت واشنطن والمنامة أنّه "بحال تبنّي هذه الرؤية وتطبيقها، فإنّها من الممكن أن تغيّر حياة الأشخاص وتضع المنطقة على الطريق نحو بناء مستقبل أكثر إشراقاً".
في السياق، وبحسب ما ذكرت وكالة "رويترز"، فإنّ "فريق ترامب للشرق الأوسط بقيادة كوشنر وغرينبلات ينوي التركيز في بادئ الأمر على المنافع الاقتصادية المحتملة رغم وجود شكوك عميقة بين الخبراء بشأن فرص نجاح الخطة خاصة في ظلّ فشل جهود سابقة دعمتها واشنطن على مدى عقود".
ونقلت "رويترز" عن مسؤول "كبير" في إدارة ترامب قوله "إنّنا نأمل أن يمنح هذا النهج الناس في المنطقة إمكانية رؤية الفرص الإقتصادية التي يمكن أن تتوفر إذا استطعنا حل القضايا السياسية التي كبلت المنطقة لفترة طويلة"، موضحًا أنه "من المتوقع أن يشارك في المؤتمر، الذي تستضيفه المنامة يومي 25 و26 حزيران، ممثلون ومسؤولون تنفيذيون من أوروبا والشرق الأوسط وآسيا"، إلا أنّ مسؤولًا أميركيًا آخر أحجم عن القول ما إذا كان مسؤولون إسرائيليون أو فلسطينيون سيشاركون في المؤتمر.
من جهتها، نقلت "CNN" عن مسؤولٍ أميركي وصفته بـ "الرّفيع" قوله إنّ "الخطة ستتضمّن 4 عناصر وهي: البنية التحتية، والصناعة، والتمكين والاستثمار في الشعوب، بالإضافة إلى الإصلاحات الحكومية، وذلك من أجل خلق بيئة جاذبة للإستثمار في المنطقة"، وأضاف إنّ "خطة السلام ستؤثر إيجابيًا على إقتصاد المنطقة بشكل عام، إذ ستهدف لتحويل الأموال التي يتم إنفاقها على الأسلحة إلى تنمية الإقتصاد".
بدوره، عبّر وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوشن عن تطلّعه "قدمًا إلى النقاشات الهامة حول الرؤية التي توفّر فرصًا جديدة مثيرة للاهتمام للفلسطينيين ليدركوا إمكانياتهم الكاملة، ستشمل هذه الورشة قادة من جميع دول المنطقة من أجل دفع الدعم الاقتصادي ومنح فرص لشعوب هذه المنطقة".
أمّا وزير المالية البحريني، الشيخ سلمان بن خليفة فقال إنّ "ورشة "السلام من أجل الإزدهار" تؤكّد الشراكة الاستراتيجية الوثيقة بين البحرين والولايات المتحدة إلى جانب المصالح المشتركة والقوية لخلق فرص مزدهرة تعم فائدتها على المنطقة".
إلى ذلك، عبّر كوشنر، مهندس "صفقة القرن" عن امتنانه "لمملكة البحرين لدعوتها لنا للمشاركة في استضافة ورشة العمل هذه وتوفير فرصة لنا لطرح أفكارنا من أجل خلق اقتصاد أكثر حيوية في المنطقة"، وأضاف: "نتطلع قدمًا للعمل مع القادة الإقتصاديين والمفكرين من جميع أرجاء المنطقة والعالم بهدف بناء إجماع حول أفضل خطوات يمكن للمجتمع الدولي أن يتخذها من أجل تطوير البنية لمستقبل مزدهر، الفلسطينيون وجميع شعوب الشرق الأوسط يستحقون مستقبلا يعيشون فيه بكرامة، وفرصة لعيش حياة أفضل"، وتابع: "يمكن تحقيق التطور الإقتصادي عبر رؤية اقتصادية صلبة وحل الخلافات فقط، نتطلع لعرض رؤيتنا حول الخطط لحل المشاكل السياسية العالقة في المنطقة قريبًا".
وفيما يبدو أنّ "صفقة القرن" ستنطلق من البّوابة الإقتصادية، إلا أنّ علامات استفهام تُطرح بشأن مقترحاتها السيّاسية التي لا تزال طيّ الكتمان الرّسمي حتّى الساعة، في وقتٍ يستنكر فيه المسؤولون الفلسطينيون المساعي الأميركية معتبرين أنّ واشنطن ليست وسيطًا عادلًا وهي ستكون منحازة بشدّة إلى إسرائيل.