منذ أربعين عاماً.. وأنا أتجرَّع سُمَّ النص على أنه عسلُ الدين ولَبَن الحقيقة، وبعد أن أبصرت واستبصرت، وجدت أن السُمَّ انتشر في جسدي، فاندفعت إلى إجراء عملية استئصالٍ للأعضاء التي طالها السُمُّ في القلب والعقل، لمواجهة مرضٍ هو أخطر بكثير من الأمراض السرطانية، فطفقتُ أخصُف من ورق القرآن الكريم ، لأنه مشعل نور الله الحقيقي للهداية والإرشاد والنور الذي يشع في طريق الظلمة، من أجل الفوز بالدارين ، وهو الحق الذي لا ريب فيه، وما عداه يكون ظناً، والقرآن نفسه حذّرنا من إتباع الظن الذي لا يغني من الحق شيئاً، ولو تدبرنا القرآن الكريم، لتأكدنا أنه هو المصدر الأول والحقيقي الوحيد، الذي يلزمنا إلزاماً ووجوباً من التمسك به، لأنه ما فرَّط من شيء ونزل على نبينا (ص) تبياناً لكل شيء،ولا مبدل لكلمات الله، ولن تجد من دونه ملتحداً، فالنبي (ص) لا يلجأ إلاَّ لله تعالى ربَّاً وخالقاً وإلهاً (قل لن يُجيرني من الله أحدٌ ولن أجد من دونه ملتحداً/ الجن 22)،ولم يكن للنبي (ص) إلا القرآن الكريم ملجأ ومصدراً ملتحداً، (واتل ما أوحي إليك من ربك لا مبدِّل لكلماته ولن تجد من دونه ملتحداً/ الكهف /26/27)، من خلال كلام الله تعالى ألا يكفينا كمسلمين ومؤمنين بالله تعالى وبنبيه الكريم محمد (ص) وبالقرآن الكريم كتاباً؟؟؟،
إقرا أيضا: المقدَّس المنسيِّ عند المسلمين.... !
فمن رحمته تعالى، أنه أنزل كتابه الكريم، ميسَّراً ومبيَّناً ومصوناً عن التحريف والتشويش ولا يعبث به أحد، ولا يستطيع أحد أن يدُّس فيه، لأنه تعالى حفظه من كل ذلك، ولأنه دين الحق الذي لا يقوم إلا على العلم واليقين الذي لا ريب فيه لكي لا يكون للبشر حجة على الله يوم القيامة، لذلك حفظ الله تعالى كتابه من كل لغوٍ وعبثٍ، (إنَّا نحن نزَّلنا الذِّكر وإنَّا له لحافظون/ الحجر/9)، هل هناك مجال للشك والريب في القرآن الكريم.؟؟ لا أحد يقول بهذا... لأنه الحق المطلق (ذلك الكتاب لا ريب فيه هُدىً للمتقين/ البقرة/2)، وما عداه يكون الحق فيه نسبياً، بمعنى يحتمل الصدق ويحتمل الكذب، فهذا هو الظن، وليس الحق اليقيني كالقرآن الكريم، فالله تعالى جعل كتابه واضحاً مبيَّناً، وهو الموجود بين دفتيه والمجمع عليه عند المسلمين، الذي له بداية وله نهاية، ولم يتركنا الله تعالى إلى كتبٍ أخرى كتبها بشرٌ يجوز عليهم الخطأ والنسيان، والهوى والعصيان، ولا بداية لكتبهم ولا نهاية لها، وهم مختلفون فمنهم من يصحِّح ومنهم من يُضعِّف، ولهم أكثر من حديث وأكثر من سنة، وانقسمت السنة بدورها بين مذاهب ومدارس وأحزاب، ولكلٍ منها طريق، فانفتح الباب المسحور الذي يحاولون إغلاقه عبثاً،
منذ ذلك الوقت إلى يومنا هذا، وهم منشغلون بكتب تصحيح الصحيح، وتصحيح الحديث، بالإضافة إلى حشد وحشو من النصوص الدينية بأفكارٍ ما أنزل الله بها سلطان، لهذا فالكتاب الحق هو الملزم باتباعه، وينبغي الوقوف أمام النصوص الأخرى التي جعلوا منها نصاً قبل النص، وما نراه اليوم من انتشار لهذه الكتب الظنية والمذاهب المنتشرة والمتقاتلة والمكفِّرة لبعضها البعض إلاَّ بضائع من هذه الطرق.