نشر موقع "جيوبوليتيكال فيوتشرز" الأميركي تقريراً عن تحوّل روسيا وإيران من بلديْن شريكيْن إلى منافسيْن مع اقتراب النزاع من نهايته، معيداً السبب إلى عدم امتلاكهما "رؤية مشتركة" لمرحلة ما بعد الحرب.
وانطلق الموقع من تباين الأهداف الروسية والإيرانية في سوريا، موضحاً أنّ موسكو قررت دعم الرئيس السوري بشار الأسد، لإقامة موطئ قدم في الشرق الأوسط وتحدّي- بصورة محدودة- الدور الأميركي، وحماية قاعدتها البحرية في طرطوس، من جهة، وحرصاً منها على عدم دخول المنطقة في حرب من شأنها أن تهدد استقرار القوى الإقليمية (إيران وتركيا والسعودية) وتوسعها لتشمل القوقاز، من جهة ثانية. كما اعتبر الموقع أنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين احتاج إلى صرف انتباه الشعب الروسي عن تردي الأوضاع الاقتصادية، قائلاً إنّ الحرب السورية أتاحت له ذلك.
في ما يتعلق بأهداف إيران، لفت الموقع إلى أنّها سعت إلى توسيع نطاق نفوذها عبر شق "ممر بري" يربط إيران بالعراق وسوريا وبيروت، ما من شأنه أن يمكّنها من الاتصال بالمتوسط بشكل مباشر وبلبنان، وبالتالي تسهيل عملية دعم المجموعات التي تدعمها وتشكيل تحدٍ وجودي بالنسبة إلى إسرائيل والسعودية وتركيا.
على مستوى الاستراتيجيات التي اتبعتها روسيا، بيّن الموقع أنّها سعت إلى ممارسة نفوذها في دمشق عبر دعم الحكومة والجيش السوري، إذ تريد موسكو أن تبقى سوريا مستقلة بقدر المستطاع وأن تتفادى الانزلاق إلى دائرة نفوذ قوى إقليمية مثل تركيا وإيران.
توازياً، بيّن الموقع أنّ إيران عمدت إلى إرسال عناصر من "فيلق القدس" إلى سوريا وتدريب وتزويد المجموعات التي تدعمها وبناء علاقات متينة مع الزعماء المحليين.
وفي هذا الصدد، قال الموقع إنّ الأسد أبدى استعداداً أكبر خلال الحرب للسماح للقوات الإيرانية بدعم المقاتلين الذين قاتلوا إلى جانب الجيش السوري، مستدركاً بأنّه لا يريد اليوم بأن تكون علاقة هؤلاء المقاتلين بطهران أقوى بالمقارنة مع دمشق. في المقابل، استبعد الموقع تخلي إيران عن علاقاتها بالمقاتلين السوريين هؤلاء بسهولة، نظراً إلى أنّها تمثّل جزءاً أساسياً من الاستراتيجية التي تتبعها لممارسة نفوذها على الأسد.
وبناء على هذه المعطيات، تناول الموقع الخلافات الروسية-الإيرانية، متحدثاً عن المواجهات الأخيرة بين المجموعات التي يدعمها كل منهما وعن الاتهامات الإيرانية لروسيا بالتعاون مع إسرائيل والشائعات التي تحدّثت الشهر الفائت عن محاولة روسيا تحييد ماهر الأسد، الذي يعتبره البعض موالياً لإيران.
وفي هذا الإطار، رأى الموقع أنّه يبدو أنّ سوريا تميل أكثر إلى روسيا، وذلك بسبب تأييد إيران هيكلية عسكرية لامركزية في سوريا، ما من شأنه أن يمثّل تحدّياً بالنسبة إلى الأسد، على حدّ تحليل الموقع. وكشف الموقع أنّ دمشق تراجع المناهج المدرسية من أجل تصوير روسيا بشكل أكثر إيجابية بالمقارنة مع إيران، وبدأت تعلّم اللغة الروسية في المدارس.
وعليه، خلص الموقع إلى أنّ الحرب السورية أفرزت شراكات غريبة، مفترضاً ألاً تدوم لفترة طويلة.