تشكل العودة إلى القصير والتي تقع في ريف حمص الغربي حلمًا بعيد المنال بالنسبة للآلاف من سكانها النازحين في لبنان، بعد أن حول حزب الله والنظام السوري مدينتهم إلى منطقة عسكرية مغلقة، على خلاف باقي النازحين من مناطق سورية أخرى حيث تمكن عدد مهم منهم من العودة إلى ديارهم بتنسيق بين السلطات السورية واللبنانية على مدار السنتين الماضيتين.
علمًا أن "نحو 50 ألفًا من سكان القصير يجدون أنفسهم في موقف صعب فلا هم قادرون على الإستمرار في العيش في لبنان بالنظر للصعوبات الإقتصادية والإجتماعية التي يواجهونها، ولا باستطاعتهم طرق أبواب مدينهم".
في السياق، تتزايد الضغوط اللبنانية لتسريع عملية إعادة اللاجئين في ظل الصعوبات الإقتصادية التي يواجهها لبنان، بينما تستمرّ كل من الولايات المتحدة الأميركية والمجتمع المدني في محاولة الحدّ من ذلك الاتجاه عبر التشديد على أنّ سوريا ليست جاهزة لتسهيل تلك العودة واسعة النطاق.
بدوره، أعرب رئيس بلدية عرسال شرقي لبنان باسل الحجيري نقلًا عن صحيفة "العرب اللندنية" عن "تخوفه من إجراءات حكومية يتوقعها تجاه مخيمات اللاجئين، في محاولة للضغط على اللاجئ السوري لإعادته إلى بلده خوفًا من فرض توطينه في لبنان"، وقال "لا مشكلة أمنية مع مخيمات النازحين في الوقت الحالي، ولم تعد تشكل خطرًا على لبنان، ولكن من جهة الخدمات هناك نقص كبير"، وأضاف أن "خوف بعض اللبنانيين من التوطين ليس في محله، فالنازح السوري يريد العودة إلى بلده، لكنه محكوم بالبقاء في لبنان حتى يستتب الأمن بشكل تام في سوريا".
كما يعتبر الكثيرون أن تعامل البعض مع مشكلة النازحين لا يخلو أيضًا من سياسة الكيل بمكيالين، ذلك أنه وفيما يمارس الضغط على السلطة السياسية في لبنان والمجتمع الدولي للمساعدة في حل المعضلة إلا أنهما لا يقرّان بأن النظام السوري والحليف حزب الله يضعان شروطًا تعجيزية على النازحين وخاصة على سكان القصير.
من جهته، يقول أحد النازحين من القصير علي عامر (37 عامًا) نقلًا عن "اللندنية"، إنه "لا يفكر في العودة إلى مدينته فهي على حد قوله تحولت إلى منطقة عسكرية من جانب النظام السوري".
ويقول نازح آخر من ريف المدينة أحمد سمير حمزة، أنه "لم يعد أي لاجئ إلى بلدة القصير، ومن يعود يُخير بأن يعود إلى أي منطقة سوى القصير وريفها".
ويُشار هنا، إلى أن "النظام السوري فرض شروطًا تعجيزية على سكان القصير، الراغبين في العودة إليها، فبعد الدخول إلى المدينة لا يسمح لهم بأن يقيموا في منازل مدمرة أو منازل لا يملكون إثباتًا بملكيتها، ولا يسمح لهم أيضًا بإدخال مواد البناء، لترميم المنازل المهدمة".
كما يُشار أيضًا، إلى أن "النظام السوري أصدر قانون رقم 10، تنص مادته 2/6 على أن تدعو الوحدة الإدارية خلال شهر من صدور مرسوم إحداث المنطقة التنظيمية (مخصصة لإعادة الإعمار)، المالكين وأصحاب الحقوق العينية بإعلان ينشر في وسائل إعلام محلية، للتصريح بحقوقهم، وفي حال عدم التصريح خلال المدة المصرح بها، ستصبح أملاكهم ملكًا للدولة".
مع العلم أن ذلك القانون المثير للجدل يسلب أملاك الكثيرين من اللاجئين، وهو ما يزيد من صعوبة عودتهم من لبنان إلى مدينتهم.