رأى سفير لبنان السابق في واشنطن رياض طبارة أن "الإعتراف بقوّة الولايات المتحدة يأتي بسبب تأثير عقوباتها على الإقتصاد الإيراني. فبعض الإحصاءات البسيطة تُظهر مدى تأثّر الدخل القومي لإيران، وبيْع النفط، والريال الإيراني بعد توقيع "الإتفاق النووي" من جهة، وبعد انسحاب واشنطن منه من جهة أخرى. بينما الرئيس الإيراني حسن روحاني ومرشد الجمهورية علي خامنئي اعترفا أيضاً بأن أكبر مشكلة تواجه إيران حالياً هي العقوبات الأميركية، وتأثيرها على الإقتصاد هناك".
وفي حديث الى وكالة "أخبار اليوم"، اعتبر طبارة أن "دور روسيا والصين وتركيا والإتحاد الاوروبي في إبقاء تعاملاتها مع إيران يقتصر على ضخّ الأوكسيجين للإقتصاد الإيراني لكي يتمكّن من الصمود مدّة أطول، وليس حلاً للمشكلة. الإيرانيون يدركون هذا الوضع، ورغم كل مشاكلهم الإقتصادية، فإنهم لن يذهبوا الى طاولة المفاوضات".
ولفت الى أن "الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعرب عن استعداده للقاء القيادات الإيرانية، ولكنه يريد التفاوض مع الإيرانيين بالطريقة نفسها التي تفاوض فيها مع كوريا الشمالية، أي أن يلتزموا بكلّ ما هو مطلوب منهم كشرط لفتح الإقتصاد الأميركي والدولي لهم، ولإعادتهم الى المجتمع الدولي".
وأكد أن "الكوريون الشماليون يطالبون بحلول متبادلة، رويداً رويداً، وليس على طريقة أن يقدّموا هم كل شيء. والأمر نفسه يُتوقّع أن يحصل مع إيران التي تبدو غير حاضرة للقدوم الى طاولة المفاوضات رغم مشاكلها الإقتصادية، بعكس ما يراهن البعض. فالهدف الأميركي من أي مفاوضات هو الإنسحاب الإيراني من سوريا والمنطقة، وحلّ الميليشيات التابعة لها وتحويلها الى أحزاب سياسية، وعدم التدخل في شؤون الدول المجاورة، ومن ثمّ فتح الإقتصاد الأميركي والدولي لإيران".
ورأى طبارة أن "الأوكسيجين الروسي والتركي والصيني والأوروبي يسمح للإيرانيين بأن ينتظروا الى انتخابات 2020 الرئاسية الأميركية، لا سيما بعدما ارتاحوا بسبب إعادة صعود نجم جو بايدن، ونجاحه في استقطاب أكبر نسبة من الديمقراطيين في الولايات المتحدة، خصوصاً أنه كان ينتمي لإدارة الرئيس السابق باراك أوباما الذي وقّع "الإتفاق النووي" مع طهران. وهذا يُمكنه أن يكون البديل الإيراني من القدوم الى المفاوضات، وتحمُّل إذلال ترامب".
ورداً على سؤال حول إمكانية أن تحرّض إسرائيل واشنطن على القيام بعملية عسكرية ضدّ إيران، قبل "رئاسية" 2020 الأميركية، أشار طبارة الى "أنني لا أعتقد أنه يُمكن لإسرائيل أن تؤثر على ترامب في هذا الإطار، لأن كل المحيطين به لن يُدخلوا الولايات المتحدة في حرب استنزاف مستمرّة على غرار ما حصل سابقاً في أفغانستان والعراق. كما أن الأميركيين ليسوا في جوّ حرب".
ولفت طبارة الى أن "دخول حرب مفتوحة في الشرق الأوسط هي عملية صعبة وخطيرة بالنسبة الى الأميركيين، بسبب وجود روسيا في المنطقة. الروس لن يتفرّجوا حتماً على حرب واشنطن مع الإيرانيين في سوريا والأراضي الإيرانية والمنطقة عموماً، بل إنهم سيقومون بما قامت به الولايات المتحدة أيام الإتحاد السوفياتي، عندما دعمت المقاتلين الأفغان ضدّ الجيش الروسي، فيقدّمون السلاح المتطوّر ولو نسبياً لإيران، بهدف تخريب اللّعبة للأميركيين".
وأكد أن "الأمور لم تصل الى حدّ المواجهة العسكرية، بل إنها تنحصر بالعقوبات. والحديث عن قدوم حاملة الطائرات الأميركية الى المنطقة فيه مبالغة كبيرة، لأن التواجد العسكري للأميركيين هو كبير أصلاً في منطقتنا. كما أن الإيرانيين لم يتحدثوا أيضاً بلغة مواجهة كاملة. وبالتالي، ستقتصر الأجواء على مناوشات دون قرع طبول الحرب".