رحّب وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل "بصديقي وزير خارجية هنغاريا الذي يحل ضيفا بين أهله في سمار جبيل التي اخترناها لرمزيتها فهي تجمع بين ترميم كنيسة وقلعة، قلعة تعبر عن كل ما عاناه هذا الوطن عبر تاريخه وكنيسة تعبر عن مدى تعلقنا بجذورنا في هذا الوطن. صديقنا يحل ضيفا بين اهلنا المعروفين بكرمهم وحسن ضيافتهم، ونوجه التحية لأهالي سمار جبيل ونشكرهم على استقبالنا وعلى حفاظهم على هذه البلدة الجميلة".
وأضاف باسيل في كلمة له، خلال تدشين وزارة الخارجية بالتعاون مع جامعة الروح القدس ـ الكسليك وجمعية طاقة الايمان اللبناني "LFE"، المرحلة الاولى من مشروع ترميم الكنائس الممول من الحكومة الهنغارية في سمار جبيل في قضاء البترون، متوجّهاً إلى سيارتو بالقول: "انتم هنا في مكان مميز، حيث تقفون على ظهر التاريخ وفي قلب الحضارات، وعلى بعد كيلومترات من هنا انطلق الحرف من مرفأ جبيل الذي نقل منه أجدادنا الابجدية الى العالم، وبفضل هذه الابجدية أصبح للانسانية ذاكرة تحفظ، وتاريخ يكتب، وجغرافيا ترسم واديان تنتشر. وانتم اليوم بمبادرتكم تحافظون على هذه الذاكرة الثقافية وعلى الارث الديني الذي هو في مهد الديانات الثلاثة. فهذه منطقة انطلقت منها الديانات الثلاثة، كما مر فيها رجالات كبار في التاريخ، والقلعة هي أحدث شواهد على هذا التاريخ وعلى هؤلاء الرجالات وعلى كل الجيوش التي مرت على هذا البلد، والتي بالرغم من كل ذلك بقي الانسان اللبناني متشبثا في ارضه التي رفض ان يتركها، وتشبث بثقافته وفكره ومعتقداته، ولذلك استطاع ان ينتصر على كل محتل ومنتدب ووصي وعلى كل غريب. جيوش كثيرة مرت من هنا واحتلالات وحضارات مختلفة تعاقبت على هذه الارض ، كلهم انهزموا ورحلوا وبقي اللبناني على ارضه".
وتابع الوزير أن "التمويل المقدم من الحكومة الهنغارية لترميم 33 كنيسة، هو نموذج نتمنى أن تتبناه الدول الصديقة، فنحن نطمح لترميم ألف كنيسة في لبنان بلد آلاف الكنائس والمعابد والمحابس. وهذه الهبة الهنغارية تساهم في ترميم الكنائس، وبالتالي تساهم في ترسيخ التنوع اللبناني في بلد التشارك والتناصف بين المسيحيين والمسلمين، وهي تشكل مدماكا في وحدتنا الوطنية وفي قدرتنا على التعايش مع بعضنا، لأن لبنان المتنوع طائفيا هو سد أساسي في وجه الأحادية وفي وجه الارهاب، ولبنان المتلون بمكوناته الدينية هو سر لبنان الفريد في هذا العالم ما يزيد تشبثنا ببلدنا وبنظامنا التوافقي التناصفي، الذي يجعلنا بالرغم من كل النيران المشتعلة حولنا، نجد المسيحي يهاجر ويترك أرضه في العراق وسوريا والاردن وفلسطين. ونحن صامدون هنا وببقائنا نساعد الآخرين على البقاء في أرضهم ونشجع الذي تركوا ورحلوا لكي يعودوا فلا يتحولوا الى لاجئين لاهثين وراء تأشيرات الدخول الى دولة غربية تعتمد بسياساتها تهجيرهم وتساعدهم على الهجرة بدلا من ان تشجعهم على البقاء".
وأردف: "من هنا، أهمية المبادرة المجرية التي تشجع على البقاء في هذه الارض التي أثمرت أنبياء وأعطت قديسين، ولن نسمح لأن يحل محلنا أحد، لا لاجىء ولا نازح ولا فاسد. كل الشكر للحكومة الهنغارية وقد وعدنا اليوم معالي الوزير بمساعدتنا مع انطلاق المرحلة الثانية من المشروع ما جعلنا نقول ان هذه المبادرة قد تكون نموذجا لدول أخرى تكثر من كلام الشكر وتبخل علينا بالافعال. ونتمنى ان تحذو هذه الدول حذو دولة هنغاريا بالهبة التي ليست مهمة بقيمتها بقدر ما هي مهمة برمزيتها".
وأشار الى "أهمية مشروع طريق القديسين، الذي يحاول البعض عرقلته لأنهم لا يدركون قيمته واهميته، هذا الطريق الذي يربط بين أربعة قديسين، رفقا والحرديني وشربل هم قبلة الحج الديني من الخارج الى لبنان. ونقولها علنا وبكل فخر ليس هناك أروع مما يختزنه لبنان على مستوى الجمال والتراث والثقافة وأضعف الايمان ان تستثمر دولتنا في السياحة الدينية".