بعد مرور عام على انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاق النووي وإعادته العقوبات السابقة مع إضافة المزيد يعبر عنه بـ "أكثر صرامة في تاريخ أمريكا" ضد أي بلد في العالم، ينبغي التوقف قليلًا عند المشهد العام للعلاقات الإيرانية الأميركية لنرى مدى جدوى تلك العقوبات وذلك الانسحاب.
إن ترامب عند ما انسحب من الاتفاق النووي، أكد بأنه يريد تحجيم إيران ودفعها إلى الانكماش إلى الداخل وبعد مرور أشهر على انسحابه اكتشف ترامب أن إيران لم تعد هي التي كانت في عهد خلفه أوباما وقبل الإنسحاب من الاتفاق النووي ووجد أن هناك مؤشرات على تراجع إيران من مشاريعها الشرق أوسطية بفعل العقوبات الشاملة فرضتها الولايات المتحدة عليه.
إقرأ أيضًا: إيران: الإنذار الأخير للدول الخمس
نقف عند ثلاثة محطات لترامب وهي كالتالي:
1- قال ترامب في يونيو الماضي: إن إيران لم تعد تلك الدولة قبل أربعة أشهر وباشرت بسحب "رجالها" من سوريا واليمن وذلك بعد خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني، وأعرب ترامب عن اعتقاده بأن إيران قد تغيرت ولا أظن أن الإيرانيين ينظرون الآن إلى البحر المتوسط نحو سوريا واليمن. هذا أمر مختلف تمامًا.
2- قال ترامب في أيلول الماضي: "لقد تغيرت الأمور كثيرا منذ بداية عهدي، إذا عدتم إلى اليوم الذي سبق تسلمي للمنصب، سترون أن إيران بدت وكأنها على وشك السيطرة على الشرق الأوسط"، وأشار إلى أن الوضع تغير بسرعة، وأضاف قائلًا: "الآن لا أحد يتحدث عن ذلك"، ما يعني أن ترامب قد حقق أهدافه من الانسحاب من الاتفاق النووي.
3- ولكن رأينا أن الرئيس ترامب ،عاد ليطالب إيران بتغيير نهجها وسياساتها قبيل فرض الدفعة الثانية من العقوبات ضد إيران بداية تشرين الثاني الماضي وقال دونالد ترامب في بيانه إن الهدف من الدفعة الثانية من العقوبات "هو إرغام النظام على القيام بخيار واضح: إما أن يتخلى عن سلوكه المدمر، أو يواصل على طريق الكارثة الاقتصادية".
هكذا نرى في الحقيقة أن الذي تغير هو رأي ترامب الذي كان يرى أن إيران سحبت قواتها من سوريا واليمن تحت ضغط العقوبات وانصرفت عن البحر المتوسط، ثم وصل في تشرين الثاني للعام الماضي إلى أن يخير إيران بين تغيير نهجها وسياساتها وبين الكارثة الاقتصادية.
ولما وجد ترامب أن الدفعة الأولى والثانية من العقوبات لم تتمكنا من تغيير سياسات إيران ونهجها، عقد سيرك وارسو بغية تحقيق اتفاق دولي ضد إيران ولم ينتج عنه إلى الكشف عن العلاقات العبرية العربية. ثم ذهب ترامب إلى النهاية بقرار تصنيف الحرس الثوري منظمة إرهابية الذي يعادل إعلان حرب عسكرية بعد الحرب الاقتصادية الواسعة التي شنها على إيران منذ انسحابه من الاتفاق النووي.
وبعد مرور عام على انسحاب ترامب، نرى وزير خارجيته بومبيو يطلب إيران بسحب قواتها من فنزويلا مما يعني أن إيران لم تتراجع عن مواقعها في سوريا والعراق واليمن، بل تقدمت من البحر المتوسط إلى أميركا اللاتينية أي الحديقة الخلفية للولايات المتحدة.
وكان لافتا أن وزير خارجية فنزويلا خورخي أريسا الثلاثاء الماضي في حوار مع وكالة أرنا قال أن حكومة فنزويلا لديها مستشارون من إيران للتعرف على خبراتهم في مجال التنمية الاقتصادية مضيفًا: ينبغي أن نتعلم من الإيرانيين الكثير.
إقرأ أيضًا: أحمدي نجاد يدعو ترامب للتفاوض
وفي غضون ذلك يبدو أن الرئيس ترامب لم ينجح في إبعاد إيران وبعد مرور عام على انسحابه من الاتفاق النووي يقوم بمناورة عسكرية وهو إرسال حاملة طائرات أبراهام لينكولن إلى الشرق الأوسط لمواجهة "تهديد جاد من قوات النظام الإيراني" وفق وزير الخارجية الأميركي بومبيو.
إن قوات النظام الإيراني ما كانت تشكل مصدر تهديدا للقوات الأميركية قبل مجيئ ترامب ولكنها تحولت إلى تهديد جاد بسببه سياسات الرئيس ترامب ونرى في ذكرى الانسحاب من الاتفاق النووي أن القوات الإيرانية متواجدة من بغداد إلى كاراكاس.