انقلبت الاوضاع في غزة راسا على عقب وتحولت الى ساحة معركة حقيقية لكن المساعي لوقف اطلاق النار مستمرة ووساطات عربية عدة .
ماذا في التفاصيل؟
نتنياهو: وجهنا ضربة لحماس والجهاد والمعركة لم تنته بعد
قال رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، إن الجيش الإسرائيلي وجهة ضربة قاسية لحركتي حماس والجهاد الإسلامي، لافتا إلى أن المعركة لم تنته بعد وأنه يتم التأهب والاستعداد للمتابعة.
وردت تصريحات نتنياهو صباح اليوم الإثنين، وذلك ردا على الانتقادات التي وجهت له عقب الإعلان عن وقف إطلاق النار مع الفصائل عقب التصعيد العسكري الذي استمر ليومين وأدى إلى استشهاد 25 فلسطينيا ومقتل أربعة في الجانب الإسرائيلي.
وأضاف نتنياهو: "باليومين الماضيين وجهنا ضربة قوية لحماس والجهاد الإسلامي، لقد هاجمنا نحو 350 هدفا، واستهدفنا قادة ونشطاء إرهابيين، كما تم تدمير أبراج الإرهاب، فالحملة تتطلب الصبر والحكمة التقديرية".
وتابع: "الحملة لم تنته وتتطلب الصبر والحكمة والمداولات، ونحن نستعد للمتابعة، والهدف كان ولا يزال ضمان السلام والأمن لسكان الجنوب".
ونقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية، عن مصدر أمني رفيع المستوى قوله: "لقد أدركت حماس والجهاد الإسلامي أن قواعد اللعبة تغيرت، وبالتالي توقفوا عن إطلاق النار بمبادرة منهم، وذلك بعد طلبات متكررة لوقف إطلاق النار".
ذات الموقف عبر عنه وزير الاقتصاد، إيلي كوهين، عضو المجلس الوزاري المصغَر للشؤون الأمنية والسياسية (الكابينيت)، قائلا في مقابلة مع الموقع الإلكتروني لصحيفة "يديعوت أحرونوت": "من الواضح لنا جميعا أن الجولة المقبلة ستأتي، وحماس منظمة إرهابية وعلينا التركيز لتقويض وانهيار حكمها".
وأضاف كوهين: "ستشن حربا. علينا أن نأتي إلى الجولة المقبلة، ونحن على أهبة الاستعداد ونعتمد عنصر المفاجئة والاغتيالات، فمن يعتقد أننا ذاهبون إلى تسوية سياسية لا يعرف الواقع، نحن نتصرف بمسؤولية، وعلينا أن نأتي ونغير قواعد اللعبة". وبحسب وجهة نظر كوهين، فإن عملية الاغتيالات عززت قدرة الردع التي لا تزال بحاجة إلى تحسين.
وتابع: "قلت في أشكلون إن الجولة المقبلة ستأتي، وسننفذها في الوقت المناسب لنا، هناك حاجة لاستهداف وضرب رؤوس قادة حماس، فمن المتوقع أن نصل إلى معركة كبيرة حيوية لسكان الجنوب الذين أصبحوا أسرى حماس والجهاد، ونحن من يقرر موعد المعركة".
ساعر وغانتس ينتقدان وقف العدوان على غزة
انتقد عضو الكنيست عن حزب الليكود، غدعون ساعر، اتفاق وقف إطلاق النار بين الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة وإسرائيل، الذي دخل حيز التنفيذ فجر اليوم، الإثنين. وكتب في حسابه في "تويتر" أن "وقف إطلاق النار، في الظروف التي جرى فيها التوصل إليه، يخلو من إنجازات لإسرائيل. والفترات الزمنية بين جولات الهجمات العنيفة على إسرائيل ومواطنيها أخذت تقصر والمنظمات الإرهابية في غزة تزداد قواتها. والحرب لم تُمنع وإنما أرجئت".
كذلك وجه رئيس قائمة "كاحول لافان"، بيني غانتس، انتقادات مشابهة. "لقد تم إطلاق قرابة 700 قذيفة باتجاه الأراضي الإسرائيلية، وسقط جرحى كثيرون وأربعة قتلى، جميعهم بسبب فقدان الردع، وانتهت باستسلام آخر لابتزاز حماس والمنظمات الإرهابية". وأضاف أن "كل ما فعلته الحكومة، مرة أخرى، هو وضع الحرب القادمة أمامنا. وينبغي أن نتوقع أنه إذا استؤنفت النيران سيكون الرد خطيرا وإذا جرى الحفاظ على الهدوء أن يستغل لتقدم حقيقي لعملية سياسية تقود إلى إعادة جثتي شهيدينا ومفقودينا من أجل ضمان هدوء واستقرار طويل الأمد". ويشار إلى غانتس متهم بارتكاب جرائم حرب كرئيس لأركان الجيش الإسرائيلي أثناء العدوان على غزة في العام 2014.
ولفت المحلل السياسي في القناة 12 التلفزيونية، أمنون أبراموفيتش، إلى أن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، قال بشكل صريح إن سياسته تجاه غزة تقضي بتكريس الانفصال الفلسطيني الداخلي، بين حماس التي تسيطر على قطاع غزة وفتح التي تسيطر على السلطة الفلسطينية في رام الله، وإن هذه السياسة هي التي توجه الحكومة الإسرائيلية.
من جانبها، قالت عضو الكنيست شيلي يحيموفيتش، من حزب العمل، إنه "أرحب بكل قطرة دم لم تُرق. ومن دون رؤية سياسية ومن دون إستراتيجية، تدق الساعة نحو الجولة القادمة".
وأعلن مسؤولون فلسطينيون ومصدر مصري عن التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار بوساطة الأمم المتحدة ومصر وقطر، دخل حيز التنفيذ عن الساعة الرابعة والنصف من فجر اليوم.
ونقلت فرانس برس عن مسؤول فلسطيني قوله إن "وقف إطلاق النار تم بشرط أن يكون متبادلا ومتزامنا، وبشرط أن يقوم الاحتلال بتنفيذ تفاهمات كسر الحصار عن قطاع غزة". وأوضح أن من بين الخطوات "سيتم إعادة مساحة الصيد من 6 إلى 15 ميلاً، واستكمال تحسين الكهرباء والوقود واستيراد البضائع وتحسين التصدير".
من جهته، قال وسام زغبر، المسؤول في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في غزة إن "اتفاق وقف إطلاق النار، يشمل وقف العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، والتزام الاحتلال بتنفيذ اجراءات تخفيف الحصار بما فيها فتح المعابر".
غزة: الهدوء مقابل التعهدات الإسرائيلية
يحاول رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، الذي يتولى حقيبة الأمن أيضا، ومعه قيادة الجيش، خداع الرأي العام، بالإعلان عن أن التهدئة في غزة ليست مطروحة، وأن نتنياهو أوعز للجيش بتوجيه ضربات شديدة ضد الفصائل. إذ ترجح المعطيات والوقائع أن جولة القتال الحالية تتجه نحو التهدئة، ورغم أن البعض يتوقع استمرارها عدة أيام، إلا أنه يصعب رؤية إسرائيل تحتفل بذكرى استقلالها، يوم الخميس المقبل، فيما يستمر تساقط القذائف الصاروخية على المدن والبلدات الإسرائيلية، وربما يتسع مداها إلى مدن كبرى مثل بئر السبع، أو حتى إلى مشارف تل أبيب. ويبدو أن نتنياهو يريد الوصول إلى مهرجان الأغنية الأوروبية، يوروفيجن، فيما حل الهدوء في المنطقة، وعدم تشوش برامج هذا المهرجان، كي تبدو إسرائيل أنها دولة عادية وآمنة أمام الرأي العام العالمي.
كررت وسائل الإعلام الإسرائيلية، اليوم، الأحد، وأمس، على أن السبب الرئيسي لجولة القتال الحالية هو عدم إيفاء إسرائيل بتعهداتها، خلال المحادثات بينها وبين الفصائل بوساطة مصر وجهات دولية. لكن في هذه الأثناء، تتهم إسرائيل حركة الجهاد الإسلامي الفلسطيني بالتسبب بجولة القتال الحالية، بقنص أحد مقاتليها ضابطا وجندية إسرائيليين، لكنها تصر على مهاجمة مقرات لحماس، بادعاء أن على الأخيرة ضبط الجهاد.
وكتب المراسل العسكري في صحيفة "معاريف"، طال ليف رام، اليوم، أن "الجيش الإسرائيلي أشار، عمليا، في الشهر الأخير، وبصورة واضحة، إلى أن الجهاد الإسلامي هو تنظيم معني بتدهور المنطقة نحو التصعيد. وخلال الأسبوعين الأخيرين وقعت أحداث إرهابية نفذها هذا التنظيم، الذي حاول إخفائها عن حماس. وقد نقلت إسرائيل رسائل بهذا الخصوص، لكن في نهاية المطاف لم تؤدِ إلى النتيجة المرجوة. وإطلاق قناص من الجهاد الإسلامي النار، وإصابة ضابط وجندية إسرائيليين، أشعل هذه الجبهة في توقيت غير مريح أبدا لإسرائيل".
وأضاف ليف رام أن الجهاد الإسلامي وحماس "يعملان سوية، بتنسيق غير مسبوق في جولات تصعيد سابقة"، وأن هذا الأمر يجعل ادعاءات الجيش الإسرائيلي موضع شك. "جهوزية حماس بالانتقال بسرعة إلى شن هجوم وخوضه سورية مع قيادة الجهاد ينبغي أن تضع مرة أخرى تحديا أمام تقدير الوضع لدينا، الذي اعتبر بالأساس أن الجهاد يسعى إلى حرب لا تريدها حماس".
وأشارت صحيفة "يسرائيل هيوم" إلى العلاقة بين جولة القتال الحالية وحلول شهر رمضان. فقد قضت التفاهمات بين إسرائيل وحماس بوساطة مصر بأن يتم خلال شهر رمضان تسهيل حركة تنقل الفلسطينيين والحصول على تصاريح للخروج من قطاع غزة إلى الضفة الغربية والقدس خصوصا، وزيادة كميات البضائع الداخل إلى غزة، وتوسيع مساحة الصيد في البحر. كذلك أمِل الغزيون بدخول المساعدات المالية القطرية، التي تسدد رواتب الموظفين وتوزع على المعتازين في القطاع. لكن كل هذا لم يحدث، والفصائل في القطاع تتهم إسرائيل بعدم السماح بتحويل المنحة المالية القطرية.
يشار إلى أنه في هذه الأثناء، يتواجد زعيم حماس في قطاع غزة، يحيى السنوار، وأمين عام الجهاد الإسلامي، زياد النخالة، في القاهرة، التي وصلا إليها في الأيام الأخيرة. ولذلك، فإنه ليس معقولا أنه لا تجري محادثات حول تهدئة.
وبحسب "يسرائيل هيوم"، فإن جولة القتالي الحالية خططت لها حماس والجهاد مسبقا، أي قبل توجه السنوار والنخالة إلى القاهرة، وبعد أن تبين أن إسرائيل لا تفي بتعهداتها. وأضافت الصحيفة أن "شهر رمضان يتوقع أن يكون متوترا، لأنه في موازاة يوم الاستقلال (الإسرائيلي) يحيي الفلسطينيون ذكرى النكبة ونقل السفارة الأميركية إلى القدس، وهذه أيام تكون الأوضاع فيها قابلة للاشتعال، وتستعد الفصائل المسلحة لها وسط تقديرات أن إسرائيل ستتراجع أمام التهديدات وتستجيب لمطالب الغزيين قبل بدء رمضان" غدا.
ويبدو أن مطالب حماس والجهاد الإسلامي من أجل التوصل إلى وقف إطلاق نار واضحة، بينما تحاول إسرائيل التراجع عن تعهداتها، كي لا يتعرض نتنياهو إلى المزيد من الانتقادات الداخلية، في وقت يشكل فيه حكومته الجديدة، ولذلك هو يحاول الآن يناور من خلال التهديد بشن عدوان واسع ضد قطاع غزة، مع علمه أن الفصائل لن توقف نيرانها من دون تحقيق مكسب، وأنه عندما يوافق على تطبيق تعهداته، في أي وقت، فإن النيران ستُخمد وجولة القتال ستنتهي على الفور، مثلما حدث في الجولات السابقة.
تحليلات: إسرائيل غير معنيّة بالانجرار إلى حرب في قطاع غزّة
رجّحت تحليلات إسرائيليّة، اليوم، الأحد، أن تنتهي جولة التصعيد الحاليّة في قطاع غزّة قريبًا، بسبب قرب احتفالات إسرائيل بيوم استقلالها وانطلاق مسابقة اليوروفيجن، الأسبوع المقبل، غير أنها توقّعت أن تنشب حرب كبيرة في قطاع غزّة خلال الصيف المقبل، وتحديدًا في شهري تمّوز/ يوليو أو آب/ أغسطس.
"يديعوت أحرونوت": نتنياهو بحث بالأمس إنهاء جولة التصعيد الحاليّة لكسب الوقت
فكتب المحلّل العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، أليكس فيشمان، أن رئيس الحكومة الإسرائيليّة، بنيامين نتنياهو، بحث مع رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، وكبار ضباطه، أمس، السبت، سبل إنهاء جولة التصعيد الحاليّة وكسب المزيد حتى موعد انطلاق اليوروفيجن.
وقال فيشمان إنّ المصطلحات التي استخدمها كوخافي، مثل تسميته جولة التصعيد الأخيرة بـ"أيام قتال" بدلًا من "جولات تصعيد" كما جرت العادة، و"جيوش إرهابيّة" بدلًا من "منظمات إرهابيّة" لوصف فصائل المقاومة الفلسطينيّة، تشير إلى أن كوخافي تجهّز الجيش الإسرائيلي والرأي العام لحرب من المتوقّع أن تنشب في شهري تموز أو آب المقبلين.
ولفت فيشمان إلى أن القيادة السياسيّة الإسرائيليّة تنتظر "إشارة من الجيش الإسرائيلي أنه جاهز لعمليّة عسكريّة لإضعاف قوّة حماس العسكريّة وإعادة الردع من الجديد، دون أن يضطر إلى البقاء كثيرًا في قطاع غزّة" لمنحه الضوء الأخضر لتنفيذ خطّته.
وادّعى فيشمان أن "إسرائيل تفهم أن رسائل حماس بالأمس على شكل إطلاق مئات الصواريخ لا علاقة لها بالقيادي في كتائب القسّام الذي قتل يوم السبت"، في حين كتب محلّل الشؤون العسكرية في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، أنّ استهداف مقرّ كتائب القسام "كان بقرار من الأعلى، وليست نتيجة ردّ فعل فوري من طرف القيادة في منطقة غزّة".
"هآرتس": استغلال لجدول مناسبات إسرائيل الحرج
وركّز هرئيل على أسباب جولة التصعيد الحاليّة، بالعودة إلى جولة التصعيد السابقة في آذار/ مارس الماضي، وكتب أنه "قبيل الانتخابات، وعلى ضوء تعهدات حكومة نتنياهو (لحماس) على أمل الامتناع من مواجهة ستلقي بظلالها على الانتخابات الإسرائيلية، أخمدت حماس نيران التصعيد. لكن المقابل لم يأتِ بالسرعة التي توقّعها الفلسطينيّون، فلم تسارع إسرائيل إلى الالتزام بتعهداتها، فجرت التسهيلات في المعابر بتكاسل، وعدد الشاحنات التي تدخل القطاع لا زال قليلًا، بينما إجراءات زيادة تزويد القطاع بالكهرباء لم تبدأ بعد"، كما أن توقف إدخال المنحة القطرية، هذا الشهر، ساهم في زيادة التوتّر، وفق هرئيل، "لأنه هذه المرّة أكثر إلحاحًا، بسبب بدء شهر رمضان غدًا... وبينما اتهمت حماس إسرائيل بالحيلولة دون ذلك، تقول إسرائيل إن عدم إدخال المنحة القطرية يعود لأسباب تقنية فقط".
وحمّل هرئيل حركة الجهاد الإسلامي مسؤولية التصعيد في قطاع غزة، إلا أنه كتب أنّ "مستوى التنسيق بين حماس والجهاد ليس واضحة تمامًا: هل قادت حركة الجهاد التصعيد الأخير منفردة أم أن حركة حماس تتساعد بالجهاد، الأصغر منها، لإرسال رسائل لإسرائيل دون تحمّل مسؤوليّة ذلك؟".
وأبرز هرئيل، كذلك، أهميّة الفترة الحاليّة لإسرائيل، وقال إنه "على الرغم من أن "جهاد أمنيّة في إسرائيل ادّعت بالأمس أنّ اليوروفجين ليس عامل ردع لقوّة ردّ الجيش الإسرائيلي، إلا أننا في شكّ إن كان أحد في حماس يصدّق هذا الادّعاء".
وأشار هرئيل إلى "الاستدعاء الصغير لقوات الاحتياط، والدفاعات الجويّة وللوحدات الاستخباراتيّة والجبهة الداخليّة" للدلالة على أن التصعيد في القطاع لن يتدحرج إلى حرب أكبر.
تحليلات: ائتلاف نتنياهو سيمنع محاكمته
رغم إعلان المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، أفيحاي مندلبليت، الأسبوع الماضي، أنه سيعقد جلسة استماع، يرد خلالها رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، على الشبهات ضده بارتكاب مخالفات فساد خطيرة، رشوة واحتيال وخيانة الأمانة، إلا أنه تتردد تقديرات أن جلسة استماع كهذه ستُعقد بعد ذلك، ربما بعد سنتين، وتوقعات تقديرات أخرى أنه لن تُوجه لوائح اتهام ضد نتنياهو ولن تتم محاكمته.
ولفت الصحافي والمحلل الإسرائيلي، يارون ديكل، من قناة "كان" التلفزيونية الحكومية، في مقال نشرته صحيفة "ماكور ريشون"، إلى أن محامي نتنياهو لم يتسلموا مواد التحقيق من النيابة العامة حتى الآن، وأنهم لن يسارعوا إلى استلامها قريبا، بذريعة أنهم لا يعتزمون التطوع في الدفاع عن نتنياهو، وبانتظار انتهاء المفاوضات حول أجرهم. وبعد ذلك سيتفرغون لإعداد وتحضير نتنياهو لجلسة الاستماع. "لكن من وراء هذا التفسير الرسمي يختبئ سبب آخر: الآن، بما أن نتنياهو يشكل حكومة، لا سبب للإسراع. طواحين العدالة في إسرائيل تطحن ببطء، كما هو معروف، وفي حالة رئيس الحكومة ستبطئ وتيرتها أكثر".
ونقل ديكل عن مصدر مطلع على الأجواء السياسية والقضائية قوله إن "مواد التحقيق ستُسلم للمحامين بحلول الصيف المقبل. وعندما يستلمونها ويطلعوا على حجمها الهائل، سيطلبون فترة كافية ولائقة كي يستعدوا (لجلسة الاستماع). وبحسب هذا السيناريو، ستُعقد جلسة الاستماع بعد سنة ونصف السنة، وقرار المستشار مندلبليت سيصدر بعدها بنصف سنة، أي بعد سنتين. وهذا الجدول الزمني ليس متبلورا بعد، وهو متعلق بإجراءات الحصانة، أي إذا لم تجمد الكنيست كافة الإجراءات بواسطة منح حصانة لرئيس الحكومة".
وأضاف ديكل أنه "واضح للجميع أن حصانة رئيس الحكومة موضوعة على الأجندة. وواضح للجميع أيضا أنه لن يتم الاتفاق على هذا الموضوع خلال المحادثات الائتلافية، وإنما سيتم الاتفاق حول حصانة رئيس الحكومة بشكل مباشر بين نتنياهو ورؤساء الأحزاب التي ستشكل الائتلاف. والمشكلة في هذه الحصانة هي أن مشتبهين آخرين في الحكومة الجاري تشكيلها – هما الوزيران حاييم كاتس وأرييه درعي، ونائب الوزير يعقوب ليتسمان وعضو الكنيست دافيد افيطان – سيطلبون حصانة كهذه أيضا".
بدوره، أشار المحلل السياسي في الصحيفة نفسها، شالوم يروشالمي، إلى أن نتنياهو يصف المحققين بأنه "مجرمون"، وأن درعي، وهو سجين سابق بعدما أدين بتهم فساد، يعتبر أن "أجهزة القانون تنكل به باستمرار"، كما أن رئيس حزب "يسرائيل بيتينو" والمرشح لمنصب وزير الأمن، افيغدور ليبرمان، الذي جرى التحقيق معه عشرين عامان وفي النهاية لم يحاكم بحجة عدم توفر أدلة كافية، "يكره الشرطة والنيابة العامة".
وأضاف يروشالمي أنه "انضم إلى قادة الائتلاف الغاضبين عضو جديد، هو ليتسمان، الجاري التحقيق ضده في مخالفات تتعلق بالنزاهة"، وخلال التحقيق معه قال للمحققين إنه "بعد كل ما مررت به، أصبحت أفهم نتنياهو". ورأى المحلل أن "ليتسمان سيكون مسرورا بالطبع، مثل نتنياهو والآخرين، بإنشاء منظومة توازنات جديدة، مريحة أكثر للسياسيين، خاصة أولئك الذين التقوا مع سلطات إنفاذ القانون".
ووفقا ليروشالمي، فإن "الواقع السياسي الجديد لا يحمل بشرى لحراس العتبة. وفي تقديري، كما حدث في الماضي، فإن نتنياهو لن يُحاكَم. والشركاء في المصير في الائتلاف سيمررون قانون الحصانة وقانون التغلب (على المحكمة العليا ومنعها من إلغاء قوانين سنتها الكنيست)... ولذلك، لن نصل حتى إلى جلسة استماع، وبذلك ستذهب هباء عشرات ملايين الشواقل التي استثمرتها الشرطة والنيابة العامة في التحقيقات ضد نتنياهو، سوية مع التوصيات الصارمة بتقديم لوائح اتهام التي قدمها المستشار القضائي".
الخسائر الاقتصادية اعتبار مركزي إسرائيلي لوقف العدوان
رغم أن بين دوافع إسرائيل للتوصل إلى وقف عدوانها على قطاع غزة هو حلول الذكرى السنوية استقلالها، يوم الخميس المقبل، ومهرجان مسابقة الأغنية الأوروبية "يوروفيجن" في تل أبيب، الأسبوع المقبل، إلا أن أحد الاعتبارات المركزية بهذا الخصوص يتعلق ببتبعات اقتصادية وتأثير هذا العدوان على ميزانيتها.
وأشارت صحيفة "ذي ماركر" الاقتصادية، اليوم الإثنين، إلى أنه على الرغم من أن الموقف الرسمي للحكومة الإسرائيلية يقضي بأنه "عندما تطلق المدافع النار، لا نكترث بالمال"، إلا أن "المسؤولين في وزارة المالية، وزارة الأمن ودائرة المستشار المالي لرئيس أركان الجيش يعرفون جيدا أن أي جولة أمنية تتحول في نهاية الأمر إلى قضية اقتصادية".
وذكرت الصحيفة أنه بعد انتهاء العدوان على غزة، عام 2014، عُقدت مداولات في هيئة سياسية – أمنية إسرائيلية لمناقشة تبعات العدوان، وقال خلالها مسؤول كبير في جهاز الأمن إن وقف العدوان بعد 50 يوما، جاء في التوقيت الذي "أزلت فيه الميزانية". وشددت الصحيفة على أنه ربما يكون هذا كلام غير دقيق، لكنه "يعكس حقيقة أساسية، وهي أن الحروب تكلف مالا. وعندما يتعلق ذلك بتشويش الحياة في الجبهة الداخلية طوال أسابيع، فإن الأمر يصبح أخطر".
وقالت الصحيفة أن الحروب العدوانية التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة في السنوات الماضية، كلفت كل واحدة الخزينة الإسرائيلية مليارات الشواقل. وفيما يتعلق بالعدوان، الذي أعلِن عن وقفه فجر اليوم، فإنه كان من شأن استمراره أن يلحق ضررا كبيرا بالسياحة لإسرائيل وصورتها في العالم في حال إلغاء مهرجان اليوروفيجن.
وأضافت الصحيفة أن قرار وزير الطاقة الإسرائيلي، يوفال شطاينيتس، بوقف ضخ الغاز الطبيعي من حقل "تمار" في أعقاب نشوب العدوان والانتقال إلى استخدام مصادر طاقة أخرى، مقرون هو أيضا بتكاليف مالية أخرى تنفقها خزينة الدولة وشركة الكهرباء. يضاف إلى ذلك أن توقيت العدوان، فيما يجري تشكيل الحكومة الجديدة من شأنه التأثير على قضية الموازنة. وفيما يتوقع إجراء تقليصات في ميزانيات الوزارات، فإن الجيش الإسرائيلي طالب بزيادة ميزانية الأمن بعشرة مليارات شيكل.
وأضافت الصحيفة أن أي حرب تخوضها إسرائيل تكون التكلفة الاقتصادية من ثلاثة أنواع: مس مباشر بالاقتصاد جراء فقدان نشاط اقتصادي وايام عمل، إلحاق أضرار بأملاك وإنفاق عسكري يشمل ذخيرة ومخزون أسلحة وتعطيل قوات الاحتياط عن العمل.
ووفقا لتقديرات أجراها المحاضر في جامعة تل أبيب، البروفيسور عيران ياشيف، ونشرها "معهد أبحاث الأمن القومي" في الجامعة، فإن تكلفة اليوم الواحد خلال العدوان على غزة عام 2014، تراوح ما بين 420 – 840 مليون شيكل، وذلك بسبب توقف الإنتاج والتغيب عن العمل في بعض المرافق، تراجع السياحة ووالإقبال على المطاعم وأماكن الترفيه، المس بالنشاط الاقتصادي اليومي بسبب توقف العمل لدى انطلاق صافرات الإنذار وتشويش عمل مزودي البضائع والخدمات...إلخ. كذلك أوقف مطار اللد الدولي عمله ليومين.
وقال الجيش الإسرائيلي إن تكلفة اليوم الواحد خلال عدوان 2014 قُسمت إلى قسمين: 100 مليون شيكل قبل الاجتياح البري و200 مليون شيكل بعد الاجتياح البري. وبعد انتهاء العدوان طالب الجيش بإضافة 9 مليارات شيكل إلى ميزانيته. ويضاف إلى ذلك تكاليف التعويض على الأضرار التي لحقت بالأملاك، وبينها البيوت والمباني العامة والمناطق الزراعية والمصانع، ووصلت هذه التكلفة إلى مليار شيكل.