مع بدء تنفيذ مرحلة جديدة من العقوبات الأميركية على القطاع النفطي الإيراني بإنهاء الاستثناءات التي منحت لعدد من الدول المستوردة للنفط الإيراني، تدخل المنطقة مرحلة محفوفة بالمخاطر الكبيرة، إذ إن الاجراء الأميركي ليس بسيطا، فهو يعتبر بمثابة إعلان حرب أميركية على إيران، بما يشبه فرض حصار عسكري على قطاع النفط من دون استخدام جنود او بوارج حربية. وتقف ايران امام خيارات عدة كلها صعبة، لكون العقوبات الأميركية بدأت تفعل فعلها، ولأن شركاء إيران التجاريين، و في مقدمهم روسيا والصين، لا يستطيعون فعل الكثير من اجل منع انهيار قطاع تصدير النفط الإيراني. فالسيطرة الأميركية على الأسواق المالية العالمية تمنع روسيا المتواضعة اقتصاديا من تحمل وزر الحاجات الإيرانية، كما تمنع الصين المستوردة لنحو نصف مليون برميل نفط يوميا من ايران، أن تضع في الميزان مفاوضاتها التجارية الصعبة مع الولايات المتحدة، مما قد يؤدي عمليا الى تقلص حجم استيراد الصين من النفط الإيراني، أقله بنسبة الثلث. ولا يضير روسيا كثيرا أن تستغل العقوبات الأميركية على ايران التي قد تؤدي الى ارتفاع، ولو معتدلا على أسعار النفط، فتستفيد، باعتبار انها دولة مصدرة للنفط وصاحبة اقتصاد متواضع يعتمد أساسا على تصدير النفط والغاز. وثمة من يعتبر من المراقبين الدوليين ان روسيا مرشحة لاستغلال تشديد العقوبات الأميركية على إيران من أجل رفع منسوب نفوذها على ايران المحاصرة، ولا سيما في ما يتعلق بأجندة الأخيرة الإقليمية. أما الموقف الأوروبي الرافض للعقوبات الأميركية فمحدود القدرة على مواجهتها بفاعلية تنقذ ايران من ازمة مالية – اقتصادية خانقة تسير نحوه بخطى ثابتة.
وسط هذ المشهد الإيراني السلبي الذي سينعكس حكما على الواقع المعيشي في البلاد، وتاليا على الاستقرار السياسي للنظام، ماذا يمكن أذرعة ايران في الإقليم مثل “حزب الله” في لبنان ان تفعل لمواجهة نظام العقوبات الأميركي؟
أكثر ما يمكن “حزب الله” ان يفعله لمواجهة نظام العقوبات، هو إحكام السيطرة على لبنان، في السياسة والامن والاقتصاد، وفي هذا السياق يمكن ادراج مواقف الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله في ذكرى أحد قياديي الحزب، وهو المتهم الرئيسي في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري الإرهابية، فقد رمى في اتجاهات مختلفة، من العلاقات مع الدول العربية، ولا سيما المملكة العربية السعودية على أبواب فصل الصيف الذي يقال انه واعد لبنانيا نسبة الى احتمال عودة السياح العرب، وتذكيره ليس بلبنانية مزارع شبعا فحسب، بل واعتباره ان الأراضي السورية والفلسطينية المحتلة هي من ناحية التحرير مسؤولية حزبه، بصرف النظر عن هويتها الوطنية، وأخيرا رمى نصرالله في خطابه المشار اليه رصاص مواقفه صوب المسألة الاقتصادية بمخاطبته المصارف اللبنانية لحل الازمة المالية للدولة، وكأنه يقول انه لا يكتفي بالقرار السيادي، او السياسي الداخلي، وانما يضع يده على الاقتصاد والمال في البلد. وهو بذلك يوجه رسالة الى الخارج أن “حزب الله” يمسك بلبنان رهينة في لعبة الشطرنج الإقليمية. من هنا خطورة ما يمكن أن تشهده البلاد في ظل تفاقم الصراع الإقليمي وانخراط “حزب الله” في قلب الصراع، ولبنان رهينة تلك الذراع الإيرانية.