كتب خضر حسان في "المدن": مع ازدياد الضغوط الاقتصادية والاجتماعية على ما تبقى من الطبقة الوسطى، بعد خنق سياسات الحكومات المتعاقبة للطبقة الفقيرة، تزداد صعوبات الحصول على قرض سكني من المؤسسة العامة للإسكان. أما جرعات الدعم القليلة التي يؤمّنها مصرف لبنان، عبر الرزم التحفيزية، فلم تعد تكفي لتغطية الطلبات المتأخّرة، فكيف بالطلبات المستجدّة؟
تحفيز بالقطّارة
يغطّي المصرف المركزي فوائد القروض التي يحصل عليها المواطنون عن طريق المؤسسة العامة للإسكان، بصورة سنوية، عبر دفعات مالية لصالح المصارف التجارية التي تدفع للمواطن قيمة القرض من محفظتها. فالمصرف المركزي لا يملك المبالغ الكافية لتغطية قيمة طلبات القروض المصرفية، كما أن مؤسسة الإسكان لا تملك المال.
تغطية المصرف المركزي تقلّصت، ما أدى إلى تقليص عدد طلبات القروض الموافق عليها من المصارف، إذ أن القرار الأساس بالدفع، يعود للمصارف وليس للإسكان، الذي ينحصر دوره بقبول الطلبات من المواطنين.
أما التغطية المخصصة للعام 2019، فتبلغ نحو 500 مليون دولار، أي نحو 750 مليار ليرة، وفق ما يقوله حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الذي يشير إلى أن "جزءاً من هذا المبلغ هو دعم من المصرف المركزي والجزء الآخر من قرض كويتي".
ولم يوضح سلامة أي تفاصيل حول شروط الرزمة التحفيزية الجديدة، إلا أن المدير العام لمؤسسة الإسكان روني لحود، يلفت النظر إلى أنه في حال كانت الشروط "كسابقاتها، فهي لا تعني حل الأزمة".
القروض ليست للجميع
يفنّد رئيس وحدة الدراسات في بنك بيبلوس، نسيب غبريل، كيفية توزيع الرزمة الجديدة، ويُبيّن خلال حديث لـ"المدن"، أن الجزء الأكبر منها، أي "أكثر من 400 مليار ليرة ستذهب لاستكمال دعم القروض السابقة، التي دُعِمَت في العام 2018. ذلك أن دعم القروض يكون على أساس سنوي وليس على كامل قيمة القرض، ولمرة واحدة. ويبقى نحو 300 مليار ليرة ستُخصص لدعم القروض الجديدة للعام 2019".
ويضيف غبريل أن للقروض الجديدة آلية حددتها المصارف، تُعطي من خلالها الأولوية "للجيش والقوى الأمنية، ومن ثم لأصحاب الطلبات الذين سيشترون منازل من مطوّرين عقاريين اقترضوا من المصارف".
بمعنى آخر، أن المواطن عليه أن يشتري منزلاً من مطوّر عقاري "زبون" لدى أحد المصارف، لتسهيل عملية حصوله على موافقة من المصرف. وفي هذا الإجراء فائدة للمصارف الكبيرة على حساب المصارف الصغيرة.
الحل بسياسة إسكانية
يرى غبريل ان تعثّر ملف قروض الإسكان يعود لأسباب كثيرة، أهمها "إقرار سلسلة الرتب والرواتب ودفع معاشات ومخصصات موظفي القطاع العام، من دون معرفة حجم التوظيف في القطاع. وبسبب السلسلة، نفدت السلة التحفيزية التي قدمها المصرف المركزي في العام 2017، خلال شهر واحد". ورغم التعثر، يشير غبريل أن المصارف "وقفت إلى جانب المصرف المركزي واستمرت بدعم القروض". علماً أن المصارف "متضررة من تباطؤ ملف القروض السكنية، تماماً كما المواطنين، لأنها تستفيد من القروض منذ العام 2009".
ويؤكد غبريل أن الفترة الممتدة من العام 2009 حتى العام 2019 "هي فترة سماح للدولة، كان من المفترض استغلالها لوضع سياسة إسكانية، بدل الاعتماد على المصارف والإكتفاء بإطلاق الوعود بالدعم سنوياً، مع أن تلك الوعود لم تُنفّذ، ومنها الوعد الذي أطلقته وزارة المال بدعم القروض السكنية بمبلغ 1100 مليار ليرة".
وبدوره، يشير لحود إلى أن المؤسسة العامة للإسكان وضعت "سياسة إسكانية شاملة تتضمن 41 بنداً، من بينها ما يتعلق بالإيجار التملكي ومؤشر الإيجار والقروض الإسكانية، وهي الآن تأخذ مسارها. ونتأمل في وقت قريب أن تصل إلى مجلس الوزراء".