ماذا بعد تهديدات إيران بإغلاق مضيق هرمز؟
بدأت فعليًّا مرحلة جديدة، من مرحلة العقوبات الأميركيّة على إيران أيّ إنتهاء مرحلة الإستثناءات التي أعطيَت لـِ 8 دول مُستوردة للنفط الإيراني، وذلك منذ يوم أمس، أيّ منذ الثاني من أيّار، ولاشكّ أنّ الأيّام القادمة خطيرة بكافة المقاييس حيثُ أنّ الخطأ في الحسابات أو النتائج عن قانون العواقب غير المحسوبة ستقود إلى حسابات خاطئة.
ويرى الكاتب والمُحلّل السياسي الأستاذ علي حمادة، أنّ الهدف معروف وهو مُحاولة إيصال التصدير النفط الإيراني إلى نقطة الصفر، وإن كانت الولايات المُتّحدة ستنجح بتصفير الإنتاج الإيراني، قال:"فأنا لا أعتقد ذلك إنّما ستُخفّضه من مستوياته الحاليّة من مليون ومائتين ألف برميل تقريبًا إلى حوالي خمسمئة ألف برميل، أيّ إلى النصف تقريبًا، وهذه النقطة مُهمّة وببالغ الأهمّيّة فهي كفيلة على أن تؤثّر على الإقتصاد الإيراني".
وفي حديثٍ خاصّ مع موقع "لبنان الجديد"، إعتبر حمادة أنّ "العقوبات أثّرت السنة المُنصرمة على الإقتصاد الإيراني بشكلٍ لافتٍ فوصلت الخسائر إلى عشرة مليارات دولار أميركي في قطاع النفط، إلى جانب ذلك فهي حرمت إيران من إستثمارات دوليّة لشركات نفط دوليّة من تحديث منظومة التنقيب والإنتاج، فلا يكفي أن نكتشف النفط ولا إنتاجه فحسب إنّما تحديث دائم ومُستمرّ لـِ آليات الإنتاج لاسيّما صناعة النفط على مرّ السنين، الآن من الأكيد أنّ العقوبات ستؤثّر على الإقتصاد الإيراني، فالأزمة الإقتصاديّة في إيران حقيقيّة وهي حقيقة واقعة فالتضخّم من المُمكن أن يصل إلى الأربعين في المئة وهذا الرقم هو كبير جدًّا بالإضافة إلى أنّ سعر تداول العملة الإيرانيّة لقد وصل إلى مستوى يُعادلُ الثلثين مُقابل الدولار الأميركي، وهذه تُعدُّ خسارة كبيرة، ولاشكّ أنّ الإستقرار الإجتماعي والداخليّ سوف يتأثّران، فهناك جوّ ضاغط شعبيًّا على الحكومة والنظام الإيراني خصوصًا فيما يخصّ نظام المعيشة، فهُناك كثير من المدن الإيرانيّة التي تفتقد لسلع في الأسواق الإيرانيّة ومن هُنا لاشكّ أنّ العقوبات ستؤثّر على إيران".
وعن تبدّل السياسة الإيرانيّة في الخارج، أجاب حمادة:"لغاية الآن لا نلمس تبدّلًا جوهريًّا في السياسات الخارجيّة الإيرانيّة، إنّما تواصل العقوبات لمدّة طويلة يُمكن أن يُحدث فرقًا كبيرًا".
وأشار إلى أنّ "إندفاع إيران إلى مُغامرات عسكريّة في المنطقة في تقديري في المدى القريب الأمر غير وارد، لأنّ أيّ مُغامرة عسكريّة إيرانيّة في مواجهة الولايات المتّحدة الأميركيّة مُمكن أن تتسبّب بمزيد من الأضرار على الداخل الإيراني وعلى الإقتصاد أيضًا".
تابع حمادة:" المُستبعد أن تؤدّي إلى تغيير جوهري في الموقف الأميركي وإنّما ستُصلّبه أكثر فأكثر".
وعن التهديدات الإيرانيّة في إغلاق مضيق هرمز، أوضح:"بالنسبة لمضيق هرمز، هذا خط أحمر ليس فقط على المستوى الإقليمي وإنّما على المستوى الدولي، فليس باستطاعة أيّ دولة في العالم أو جهة في العالم أن تُقفل مضيقًا تعبرُ منه حوالي أكثر من نصف إنتاج النفط في العالم فهذا الأمر يَفتح الباب أمام حرب وأمام حصار عسكري خانق لإيران وبحسب إعتقادي فالأمور لاتزال ضمن خانة التهديدات الغير واقعيّة، خصوصًا أنّ ذلك سيدفع المُجتمع الدولي إلى تشكيل تحالف دولي عريض لفتح مضيق هرمز بالقوّة لا أحد في العالم بيده قرار إقفال هذا المضيق الدولي بهذه الخطورة فهذا الأمر لم ولن يحصل بتاتًا".
وشدّد في سياق المُقابلة على أنّ" هناك حرب على إيران، ليست بالضرورة الحرب أن تكون بالنيران والسلاح إنّما الحرب لها أوجه عدّة منها إقتصاديّة، فالسلاح الإقتصادي هو وجهٌ من وجه الحروب الجديدة، هُناك وسيلتان لمنع إيران من تصدير نفطها، إمّا فرض حصار عسكري وإمّا فرض الحصار عبر بوابة الإقتصاد عبر الضغط الإقتصادي والعقوبات".
إقرأ أيضًا:" حزب الله بين عقلانيّة أبو حسن رعد وغوغائيّة زملائه ! "
وأوضح حمادة أنّ "الولايات المُتّحدة تُحاصرُ إيران وهذا ما يُعتبر بشكل من الأشكال نوع من إعلان حرب ولو من دون إطلاق النار إنّما نيران العقوبات الإقتصاديّة قد تكون مؤثّرة أكثر".
وأسهب في حديثه:"تُراهنُ إيران على الوقت، وهذا الأمر لا ريب فيه فهي لن تُقدّم تنازلات في المدى المنظور فهي تُراهنُ على مرور الوقت وعلى إقتراب معركة الإنتخابات الرئاسيّة الأميركيّة فهي تنتظر وتتوقّع وتأمل بأن لا يتمكّن الرئيس الأميركي ترامب من الفوز في ولاية ثانية في هذه الحالة من المُمكن أن تختلط الأوراق و في حال بقاء ترامب في الحكم لولاية ثانية فالأمور ستكون سلبيّة جدًّا جدًّا على إيران، وسوف يكون على الإيرانيّين أن يتعايشوا مع العقوبات لفترة أطول ويُمكن أن تدفع بإيران إلى الجلوس إلى طاولة الحوار لإعادة النظر في الكثير من سياساتهم الخارجيّة".
وقال حمادة:"هناك نقطة أخيرة، لابُدّ من الإشارة إليها وهي الخيارات المُتاحة أمام إيران للجوء إلى خصومة الولايات المُتّحدة دوليًّا، تقليديًّا خصوم الكبار يَعني روسيا أوّلًا والصين ثانيًا بالنسبة للصين التي تَمتلك قدرات إقتصاديّة كبيرة، لكنّ إستراد الصين من النفط الإيراني حدوده تقريبًا النصف مليون برميل حاليًّا، في تقديري الصين لن تتوقف من إستراد النفط الإيراني إنّما سوف تُخفّضه ومن المُمكن أن يصل من نصف مليون إلى 300- 350 الف برميل يوميًّا، فالصين لن تترك إيران إنّما في الوقت عينه لن تصطدم مع الولايات المتّحدة الأميركيّة، خصوصًا وأنّها في مفوضات تجاريّة في الوقت الراهن مع أميركا، والسوق التجاري للتصدير الأوّل للصين هو الولايات المتّحدة والمفاوضات لاتزال قائمة حتى الساعة والرئيس الأميركيّ يملك في جعبته أوراق كثيرة للمُقايضة على هذا الصعيد.
وختم حمادة، بالقول:"أمّا روسيا، يهمّها أن تُساند إيران، لكنّها لن تخوض المعركة الإقتصاديّة عن إيران خصوصًا وأنّ روسيا ليست دولة غنيّة روسيا عبارة عن دولة مُصدّرة للنفط لكنّها فقيرة نسبيًّا مُقارنةً بالولايات المُتّحدة وهناك خبراء إقتصاديّين يقولون أنّ روسيا غير مُتضررّة كثيرًا من الحرب الإقتصاديّة على إيران".