يتقاضى عدد كبير من المسؤولين اللبنانيين في مختلف الإدارات ممن تقاعدوا من إحدى الوظائف وتسلموا وظيفة جديدة راتبين من الخزينة تحت غطاء «المخصصات والتعويضات»، وهذا يسري بشكل أساسي على النواب الذين كانوا ضباطاً في الجيش وعددهم 6، هم العمداء شامل روكز، جميل السيد، أنطوان بانو، الوليد سكرية، جان طالوزيان ووهبة قاطيشا، كما على القضاة المتقاعدين والأساتذة الجامعيين، سواء كانوا نواباً أو أعضاء في المجلس الدستوري أو هيئة الإشراف على الانتخابات، وغيرها من المجالس والهيئات.
ويتقاضى النائب شهرياً ما يوازي 7400 دولار، يُضاف إليه في حال كان النائب عميداً متقاعداً من الجيش مثلاً 4000 دولار ليتخطى راتبه الشهري الـ11 ألف دولار. ويحصل كل هذا بحجة أن النائب لا يتقاضى راتباً إنما مخصصات وتعويضات، وبالتالي يحق له أن يحتفظ براتبه التقاعدي من المؤسسة العسكرية أو غيرها، بخلاف النائب الذي هو وزير في الوقت ذاته، باعتبار أنه لا يحق له أن يتقاضى مخصصات وتعويضات مرتين، إنما يكون مضطراً إلى تقاضي مبلغ واحد عن إحدى مهماته، سواء في الحكومة أو المجلس النيابي.
وكان قد تردد أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي كان قائداً للجيش ونائباً ورئيساً للحكومة يتقاضى رواتب عن المواقع الأربعة، إلا أن الباحث في شركة «الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين يؤكد أن عون لا يتقاضى إلا المخصصات والتعويضات المخصصة له بصفته رئيساً للجمهورية، لافتاً إلى أنه وبسبب خلافات في حينه لم يُخصص له راتب تقاعدي من المؤسسة العسكرية، وحصل بعد عودته إلى لبنان من المنفى على تعويض صرف بصفته عميداً سابقاً، موضحاً أنه لا يتقاضى أيضاً رواتب عن كونه نائباً ورئيس حكومة سابقاً باعتبار أنه يُخصص لهذين الموقعين تعويضات ومخصصات وليس رواتب.
ويتقاضى رئيس الجمهورية نحو 8300 دولار شهرياً، في حين يتقاضى كل من رئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة 7883 دولاراً، ويصل راتب النائب لحدود 7400 دولار، علماً بأن مخصصات وتعويضات السلطات العامة لم تدخل عليها أي زيادة منذ عام 1998. واقترح وزير المال مؤخراً ولخفض العجز في الموازنة حسم 50 في المائة من رواتب الرؤساء والوزراء والنواب، لخفض العجز في الموازنة، إلا أن الاقتراح لقي معارضة شديدة من عدد كبير منهم.
ويرى متابعون للوضع المالي في لبنان أن الإشكالية الأساسية ليست برواتب النواب والوزراء الحاليين، إنما بمخصصات وتعويضات الرؤساء والنواب السابقين. إذ تصل كلفة رواتب هؤلاء وعائلات المتوفين منهم إلى نحو 20 مليون دولار سنوياً، ويستفيد من هذه المخصصات والتعويضات 210 رؤساء ونواب سابقين، و104 من عائلات رؤساء أو نواب متوفين.
ويشدد مقرر لجنة المال والموازنة النائب نقولا نحاس على وجوب اعتماد «مقاربة علمية ومدروسة» في التعاطي مع ملف مخصصات وتعويضات النواب سواء الحاليين أو السابقين وتقاضي بعضهم راتبين، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى وجوب العودة إلى بعض التجارب في دول أخرى لاتخاذ القرارات المناسبة في هذا المجال، على أن يتم ذلك بإنصاف وعدالة من دون التعاطي مع الموضوع كما لو أنه «قميص عثمان». ويضيف: «لا شك أنه آن أوان ضبط الإنفاق؛ ولذلك ينفع أن نضع كل الملفات دون استثناء على طاولة البحث».
وكان رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل تقدم باقتراح قانون لإلغاء تعويضات النواب السابقين مدى الحياة؛ إذ بدل حصول النائب السابق على راتب كامل لمدى الحياة، يقضي الاقتراح المقدّم بأن يحصل النائب على 75 في المائة من الراتب لفترة سنة واحدة فقط، أي كمرحلة انتقالية وبعدها يتوقّف راتبه. كما تقدمت النائبة بولا يعقوبيان بـ3 اقتراحات، يقضي الأول بإدخال تعديلات على مخصصات الوزراء والنواب بما يتناسب مع مستوى المعيشة والأوضاع الاقتصادية والمالية، في حين يتضمن الثاني حسم مبالغ مالية في حال التغيب عن الجلسات التشريعية، ويلحظ الاقتراح الثالث خفض مخصصات النواب والوزراء السابقين وتعويضاتهم.