اشار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في كلمة له خلال إحتفال المئوية الثانية لميلاد المعلم بطرس البستاني إلى ان "المعلّم بطرس البستاني، هو حامل هذا اللقب السامي عن جدارة، معلّم ظلّل بعطاءاته السخية لبنان والمشرق العربي وكل أرض الناطقين بلغة الضاد وصولاً الى الأممية واليوم، في المئوية الثانية لولادته، ما زال مدرسة وطنية مشرقية عربية أممية، وقيمة خالدة، وكرْماً معرفياً مجانياً على درب اللغويين العرب، ومِعْلماً لكل علماء اللغة وطالبي البحوث ودعاة عصرنة لغة الضاد".
ولفت عون الى ان "بطرس البستاني هو مؤسس المدرسة الوطنية، أول مدرسة لبنانية أهلية مختلطة غير طائفية وبعيدة عن النفوذ الأجنبي، منها تخرّج عشرات المتنوّرين وكانت لهم اليد الطولى في التوعية وبث الروح الوطنية والدعوة الى التحرر والتلاقي"، مشيرا الى ان "البستاني أنقذ لغة الضاد من طغيان التعريب الزائف والترجمة الهزيلة، كما أنقذ الكتاب المقدس من الترجمات العقيمة المشوهة، وأخرجه بالمسحة المسيحية المقدسية الأممية، وأقام لغتنا من قبر عصور الانحطاط الى فجر النهضة والقيامة. وهكذا شكّل جسراً لعبور اللغة العربية الى العالم بنسخة لبنانية رائدة".
وراى عون ان "استشرافات بطرس البستاني ليست فقط في ميدان اللغة، فهو كان طليعياً في فكره السياسي والوطني والاجتماعي، صاحب مقولة "الدين لله والوطن للجميع" وشعار "حب الوطن من الإيمان"، ومن روّاد الدعوة إلى فصل الدين عن الدولة، ورفض التوريث السياسي ودعا الى توريث العلم والمعرفة عوضاً عنه، وسعى الى تحرير المرأة والعبور بها من أزمنة الذل والقهر، الى فسحة المساواة والعصرنة، وهو القائل "ليست المرأة صنماً ولا أداة زينة بل هي أم الخليقة" وكان من أوائل الداعين إلى تعليمها، والمناصرين لقضاياها".
وشدد عون على ان "بطرس البستاني استطاع منذ أكثر من قرن ونصف أن يضع الأصبع على جرح مجتمعاتنا ويحدّد مكامن الخلل فيها، فهذا الرؤيوي الذي كان شاهداً على الأحداث المؤلمة بين عامي 1840 و1860 وبذل جهوداً لإطفاء نارها، كتب عنها مفنداً أسبابها عازياً إياها الى التدخل الخارجي والجهل والأمية والتعصب".