وكان قائد القوات المسلحة الإيرانية، اللواء محمد باقري، قد لوح في وقت سابق بإمكانية إغلاق المضيق الحيوي الذي يمر عبره ثلث صادرات العام من النفط.
وقال باقري “إذا لم يعبر نفط إيران من مضيق هرمز فإن نفط الآخرين (دول الخليج) لن يعبر من المضيق”، مضيفا “هذا الأمر ليس بمعنى أنه لدينا نية بإغلاق المضيق، إلا إذا وصل عداء الأعداء إلى مكان لم يبق لنا فيه خيار غير ذلك”.
ومضيق هرمز، ممر بحري ضيق بين إيران وسلطنة عُمان، يصل الخليج العربي بخليج عُمان من جهة، وبحر العرب بالمحيط الهندي من جهة أخرى، يبلغ عرضه الأقصى 50 كيلومترا بعمق 60 مترا، وعرض ممري الدخول والخروج فيه 10.5 كيلومتر فقط يمر من خلاله ما بين 20 و30 ناقلة نفط يوميا قادمة من السعودية التي تصدر حوالي 88 بالمئة من إنتاجها النفطي عبر المضيق ونسب أعلى لكل من العراق والإمارات، في حين تصدر الكويت وقطر كل نفطها عبر المضيق.
ويستوعب مضيق هرمز حركة النفط بحوالي 30 إلى 40 بالمئة من تجارة النفط عبر البحار في العالم بمعدل يزيد على 17 مليون برميل يوميا، ولا توجد بدائل متاحة عن المضيق لدول مجلس التعاون لدول الخليج والعراق لتصدير النفط من موانئ الكويت وقطر والبحرين وبعض الموانئ السعودية والعراق.
وتعد مياه مضيق هرمز في الخليج العربي “مياها دولية بامتياز، وأن أي تهديد بغلقه سيؤثر على الملاحة التجارية الدولية وليس فقط الإقليمية”، وفق تصريحات أدلى بها المتحدث باسم القيادة الوسطى الأميركية العقيد إيريل براون، الأربعاء 24 أبريل الجاري.
وتلتزم الولايات المتحدة والدول الحليفة بحماية حرية الملاحة البحرية ومسار القنوات المائية التجارية العالمية في المنطقة مع استعدادات لمواجهة أي تهديدات تتعرض لها حرية الملاحة الدولية.
ويقول مراقبون إن إيران تدرك أن اتخاذ قرار بإغلاق المضيق ستكون له تبعات خطيرة، ذلك أنه سيجعلها ليس فقط في مواجهة مع الولايات المتحدة ودول المنطقة بل ومع المجتمع الدولي بما في ذلك الدول الحليفة على غرار الصين التي ستكون أحد أكبر المتضررين من هذه الخطوة.
وتطلق إيران تهديدات مماثلة بين حين وآخر منذ العام 1980 تاريخ وقوع صدام بين القوات الأميركية والإيرانية، ولكنها منذ اتخاذ إدارة ترامب قرارها بالانسحاب من الاتفاق النووي وما استتبعه من قرارات تستهدف الضغط على إيران اقتصاديا صعدت الأخيرة في تهديداتها.
وتأتي التهديدات الإيرانية بإغلاق مضيق هرمز ضمن معادلة فحواها إذا أصرت الولايات المتحدة على منع دول العالم من شراء النفط، فإن الخيار الوحيد المتاح أمامها عدم السماح بمرور أي سفينة حاملة للنفط من أي بلد آخر.
وتعتقد إيران أن التهديد بإغلاق المضيق أو اتخاذ خطوة عملية أولية بهذا الاتجاه سيؤدي إلى اضطراب في سوق النفط العالمية وارتفاع في أسعار الطاقة في تلك الدول، وهو ما سيدفع الولايات المتحدة والدول الأوروبية إلى إجراء مفاوضات فورية مع إيران تقدم خلالها بعض التنازلات استجابة لمطالب إيرانية تتعلق بتخفيف العقوبات المفروضة عليها.
وفي مواجهة سياسات الولايات المتحدة، تستخدم إيران التهديد بإغلاق مضيق هرمز كوسيلة للضغط المضاد على الضغوط الأميركية.
عمليا يمكن لإيران إغلاق المضيق بكل سهولة من خلال زرع الألغام البحرية أو استخدام الزوارق السريعة التي يمتلكها الحرس الثوري وكذلك أعداد من السفن الحربية للقيام بدوريات في المياه على طول المضيق، لكن السؤال الأهم يتعلق بإمكانية الإبقاء على المضيق مغلقا لفترات طويلة مع تهديدات أميركية “جدية” برد عسكري على أي محاولة إيرانية لإغلاق المضيق.
ولا تبدو أي احتمالات واقعية لإقدام إيران على إغلاق المضيق، ذلك أن خطوة كهذه ستكون سببا في مشاكل وردود فعل قد تهدد بقاء النظام الذي يعاني من مشاكل اجتماعية واقتصادية داخلية. كما أن تهديدات إيران بإغلاق مضيق هرمز قد تشكل بداية لحرب إقليمية.
وألغت الولايات المتحدة، الاثنين الماضي، جميع الإعفاءات على صادرات النفط الإيرانية مع التشديد على إجراءات عقابية سوف تتخذها اعتبارا من الخميس المقبل ضد الدول التي لا تلتزم بالقرار الأخير المعلن يوم الاثنين 22 أبريل.
وسيؤدي قرار الولايات المتحدة إلى توقف ثماني دول مشمولة بالإعفاءات الأميركية، هي الصين والهند وتركيا واليابان وكوريا الجنوبية وتايوان وإيطاليا واليونان، عن شراء النفط الإيراني بعد انتهاء مدة الإعفاءات البالغة ستة أشهر.