تحت عنوان "قاتله لا يزال طليقا.. سامي زيني ضحية الفوضى وإنتهاك القوانين" كتب غسان ريفي في سفير الشمال وقال: بالأمس إختتمت عائلة زيني تقبل العزاء بفقيدها الشاب سامي زيني الذي أدمى رحيله قلوب الطرابلسيين الذين لم يستفيقوا بعد من هول الصدمة التي لحقت بهم ليل الجمعة الفائت عندما غدرت بإبن الـ 17 عاما سيارة آثمة بسائق متهور طائش عديم الانسانية أنهى حياته، وفرّ الى جهة مجهولة، تاركا عائلة مفجوعة بخسارة فلذة كبدها من دون أن تعرف كيف، ولماذا دفعت هذا الثمن الباهظ من حبات القلوب.
أربعة أيام ثقيلة جدا مرت على الفاجعة، والقاتل ما يزال حرا طليقا من دون رادع من أخلاق أو من صحوة ضمير، والعائلة تكتوي بالنار، من دون أن يبرّد قلبها معلومة من هنا أو تحريات من هناك لمعرفة من حمل إليها كل هذا الحزن في ليلة ظلماء أفقدتها بدرها، لينال عقاب الحق العام على الأقل ويكون عبرة لغيره، بعدما أكدت العائلة أن ″ما حصل هو قضاء وقدر وأنها لا تريد إنتقاما أو تشفيا أو إدعاء أو تعويضا، خصوصا أن الدنيا كلها بالنسبة لها لا تساوي شعرة من إبنها الشاب″.
أربعة أيام ثقيلة مرت على الفاجعة، والدولة وأجهزتها الأمنية ما تزال مقصرة في ملاحقة وكشف القاتل، علما أن كاميرات المراقبة تنتشر في كل مكان، وأن السيارة الآثمة التي صدمت سامي لا بد وأن تكون بعض الكاميرات قد رصدت تحركاتها، والتجارب السابقة تؤكد أن أحدا لا يمكن أن يهرب من رصد تلك الكاميرات، وأن العديد ممن إرتكبوا جرائم مختلفة وفروا بسياراتهم وقعوا في القبضة الأمنية في غضون ساعات.
كل ذلك يترك سيلا من التساؤلات لجهة: لماذا لم تتعرف الأجهزة الأمنية حتى الآن على هذا القاتل؟، ولماذا لم تستخدم كل إمكاناتها الفنية والتكنولوجية واللوجستية لكشف هويته والقبض عليه؟، وهل ينتمي القاتل الى جهة نافذة يصعب على الأجهزة الأمنية الوصول إليه؟، وماذا لو كان الضحية إبن مسؤول أو نافذ في الدولة؟، هل كانت ستتعاطى هذه الدولة بهذا البرود مع قضية أدمت القلوب وفطرت الوجدان؟، والى من تشتكي العائلة المفجوعة حزنها ومصابها الأليم؟، وهل ذنب سامي "المغدور" أنه إبن عائلة كريمة رصينة مؤمنة رضيت بقضاء الله وقدره فلم تتحرك في الشارع وتقطع الطرقات للمطالبة بحق إبنها والضغط على الدولة للكشف عن قاتله؟. وهل بلغ الاهمال والحرمان في طرابلس لدرجة أن يُقتل زهرة شبابها في الشوارع من دون حسيب أو رقيب؟..
لقد كان سامي (رحمه الله) ضحية فوضى وفلتان وجهل ومحسوبيات وإنتهاك قوانين وإنعدام أخلاق، وضحية دولة يحكمها قانون غاب، ومجتمع يعاني موتا سريريا يصمت على سرقته وإفقاره وتجويعه وينتفض بين الحين والآخر غرائزيا وطائفيا ليعود بعد ذلك الى سباته العميق.
لذلك، لم يجد اللص القاتل رادعا عن سلب حياة سامي وتركه يتخبط بدمائه من دون أن يقدم له أية إسعافات مفضلا الهروب، وعن سرقة الفرح والأمان والطمأنينة والطموح من عائلة حرصت على تربية أبنائها على مكارم الأخلاق، فكان سامي إبن الـ 17 ربيعا نموذجا يحتذى بدماثة خلق وطيب معشر وطُهر قلب ونقاء سريرة.
لم يعد سامي إبن عائلة الدكتور بسام زيني فحسب، بل أصبح قضية رأي عام طرابلسي ولبناني من المفترض أن يتحرك ويضغط على الدولة وأجهزتها للكشف عن هوية اللص القاتل وتقديمه للمحاكمة لينال جزاءه العادل على ما إقترفت يداه، وإلا فإن أولادنا وفلذات أكبادنا سيكونون جميعهم تحت خطر القتل، والفرار الى جهات مجهولة.