أهاب "نادي قضاة لبنان"، بالمعنيين "عدم المس برواتبهم غير المشمولة أصلا، بسلسلة الرتب والرواتب الأخيرة، أو بتقديماتهم، بحجة وقف العجز".
وإذ أكد أن وصول "الدولة إلى شفير الانهيار، ليس وليد صدفة، أو قدر محتوم، إنما هو جنى سياسات من تولى ويتولى إدارة الوطن منذ عشرات السنين"، رأى أنه "لا بد من مساهمة المسؤولين، الذين شاركوا بشكل أو بآخر بالسياسات التي أوصلت مالية الدولة، إلى ما هي عليه، بسد العجز"، معتبرا أنه "من غير المنطقي أن يستفيد المسؤول على مدى سنوات طوال، من ترف السلطة، ولا يتحمل مسؤولية أفعاله اتجاهها".
وأشار إلى أن "المرحلة تستدعي استنفارا، لإصلاح مستدام للخلل في المالية العامة للدولة، واتخاذ إجراءات طارئة وجريئة، تزيد الموارد وتخفض النفقات، مع الحرص على عدم تهديد الأمن الاجتماعي".
وفي كتاب مفتوح وجهه إلى المعنيين، أكد أنه "لا يخفى على أحد، مرور لبنان ومعه كل مؤسساته، بأخطر وأدق مرحلة في تاريخه، أوصلت الشعب إلى حد اليأس، والدولة إلى شفير الانهيار، وذلك لم يكن وليد صدفة، أو قدر محتوم، إنما جنى سياسات كل من تولى ويتولى إدارة الوطن منذ عشرات السنين"، مشددا على أن هذا "زمن الحقيقة وزمن المواقف المحقة والجريئة، الذي يتطلب نساء ورجالا غيارى على بلدهم في مختلف القطاعات، غيرة الأهل على أولادهم، فيعتبرون أي مس بالمال العام، مهما كان ضئيلا اعتداء عليهم، وأي استهتار بمصلحة الدولة مسا بكراماتهم، وأي فشل في الشأن العام فشلا لهم".
وذكر أن "الدستور اللبناني كرس للقضاة، بموجب المادة عشرين منه، ضمانات عدة، تجسد أهمها بإنشاء صندوق تعاضد القضاة، وفي هذا المعنى، جاءت الدراسة المتعلقة "بهوية لبنان الاقتصادية والإجراءات الكفيلة لتحقيقها" التي أعدتها شركة McKinsey & Company عام /2018/، بناء على قرار مجلس الوزراء رقم /66/ تاريخ 20/10/2017، لتؤكد صراحة في الصفحة /1053/، على عكس المعلن عنه من المسؤولين، على وجوب أن تترافق عملية مكافحة الفساد مع إيجاد ضمانات اقتصادية وقانونية كافية للقضاة".
واستنادا إلى ما سبق، لفت إلى أن "الموجب الدستوري يفرض تأمين الضمان الاجتماعي للقضاة، الذي لا بد وأن يتم التقيد به، من قبل السلطتين التشريعية والتنفيذية، وذلك لكون المساس بموارد صندوق تعاضد القضاة، يهدد استقرار القاضي المعيشي وأمنه الاجتماعي، ويصدع الجسم القضائي، ويؤثر سلبا على مسعى مكافحة الفساد، وفق ما شرحت دراسة مكنزي، على اعتبار أن القضاء هو المرجع الأخير، لا بل الوحيد لحماية المال العام واسترداد المنهوب منه".
وأهاب بالمعنيين "عدم المس برواتب القضاة، غير المشمولة أصلا بسلسلة الرتب والرواتب الأخيرة، أو بتقديماتهم، سواء عبر خفض رواتبهم، أم خفض إيرادات صندوقهم، أم مساهمة الدولة فيه بشكل تدريجي، أم غير مباشر، تحت حجة وقف العجز الواهية، إذ إن مكافحة الفساد، تتطلب إلى جانب تنقية القضاء وإيلائه استقلاليته التامة، تعزيز وضعه المالي. كذلك عدم المس برواتب العاملين في القطاع العام أو بتقديماتهم، سواء كانوا من المنتمين إلى الجسم التعليمي في المدارس الرسمية والجامعة اللبنانية، أو الأجهزة العسكرية والأمنية، أو الإدارة اللبنانية بشكل عام".
واعتبر أن "ما تقدم، يجب أن يترافق مع قيام السلطة التنفيذية، التي بيدها حاليا سلطة التعيين، وريثما يتم إقرار قانون استقلال السلطة القضائية، الذي يمكن القضاة من انتخاب مجلسهم، باختيار قضاة يعيدون الثقة إلى صرح العدالة، بعيدين عن التبعيات السياسية الهدامة، ويتحلون بالجرأة الأدبية ونظافة الكف والعلم، سواء بالقضاء العدلي أم الإداري أم المالي، على أن ينسحب هذا المعيار الموضوعي على جميع التعيينات في مرافق الدولة كافة".
أما على الصعيد الاقتصادي، اعتبر أن "المرحلة التي تمر بها البلاد بهذا الخصوص، تستدعي استنفارا بحجم الواقع، للنوايا الصادقة، لإصلاح مستدام للخلل في المالية العامة للدولة، إذ إن العجز المتفاقم في موازنة الدولة، يستدعي اتخاذ إجراءات طارئة وجريئة، تزيد فورا الموارد وتخفض النفقات، مع الحرص على ألا يكون من شأن ذلك زيادة الانكماش الاقتصادي، وتهديد الأمن الاجتماعي، لجزء غير يسير من اللبنانيين"، مؤكدا أن "الإصلاح المستدام هو الهدف إذا، أي التقشف في كل ما لا يعيق عملية تكبير حجم الاقتصاد، وبالتالي تحفيز النمو. وإن أكثر ما يتوقف نادي قضاة لبنان عنده في هذا السياق، هو ما يتم تداوله من إجراءات تمس بالرواتب وبالتقديمات الاجتماعية للعاملين في المرفق العام، التي من شأنها أن تحرم الأسواق حتما، من كتلة نقدية، كانت تساهم في تحريك العجلة الاقتصادية، هذا فضلا عن أن إجراءات عديدة أخرى عملية، وذات أثر مباشر وفوري، لم يتم اللجوء إليها".
وفي ما يتعلق بإجراءات خفض النفقات، قال: "لا بد من إقرار خطة شفافة تحدد صراحة مكامن الهدر المعلومة من الجميع، والعمل على القضاء عليها وبالأخص ما يلي:
- رفع الضرائب على الفوائد الناتجة عن ودائع المصارف لدى مصرف لبنان.
- رفع رسوم إشغال الأملاك البحرية والغرامات المترتبة على التعديات، وتحصيلها بصورة فعالة وملاحقة المخالفين.
- ضبط صادرات وواردات مرفأ بيروت.
- تعديل نظام التعرفة الجمركية، وضبط دخول وخروج البضائع، وجباية الرسوم الجمركية ومكافحة التهريب.
- وقف المساعدات للجمعيات الوهمية وغير المستحقة، أو المحسوبة على النافذين.
- خفض أو إلغاء إيجارات المباني المستأجرة من الدولة، الباهظة أو غير المستعملة.
- إلغاء التخفيضات الخاصة على الضرائب.
- ضبط التهرب الضريبي.
- إلغاء مخصصات النواب ورؤساء الجمهورية السابقين.
- تخفيض الرواتب والمخصصات الفاحشة غير المبررة، في مختلف الإدارات والمؤسسات العامة والمجالس والهيئات الناظمة والشركات الوطنية والمختلطة.
- إلغاء الوظائف الإدارية الوهمية وغير الضرورية.
- ضبط آلية المناقصات وتطويرها.
- إلغاء النفقات غير المبررة.
- إعادة النظر بالجدوى الاقتصادية، لإدارة قطاع الخلوي، من قبل شركات خاصة".
وفي مطلق الأحوال، أكد أنه "لا بد من مساهمة المسؤولين، الذين شاركوا بشكل أو بآخر، بالفعل أم بالإحجام، في مختلف السياسات، التي أوصلت مالية الدولة، إلى ما هي عليه، بسد العجز بالتكافل والتضامن في ما بينهم، فمن غير المنطقي أن يستفيد المسؤول على مدى سنوات طوال، من ترف السلطة ولا يتحمل مسؤولية أفعاله اتجاهها، فتتحقق عندها المصلحة والوحدة الوطنية الحقيقية".
وختم "نادي قضاة لبنان، لن يألو جهدا للقيام بما يلزم، دفاعا عن حقوق القضاة والمواطنين المحقة. هذا هو الصدق مع الشعب، هذا هو الرجاء بالوطن وبرجاله".