وتواجه إيران انكماشا منذ 2018. وأفاد صندوق النقد الدولي أن إجمالي الناتج المحلي للبلاد تراجع بنسبة 9.3 في المئة العام الماضي، متوقعا تراجعه بنسبة 6 في المئة هذا العام. وترافق تراجع الريال الإيراني في سوق العملات مع ارتفاع كبير في الأسعار. وبلغ المعدل الرسمي للتضخم 51.4 في المئة على مدى عام.
ويرى العديد من الخبراء أن قطاعي الإنتاج والتجارة في إيران يواجهان صعوبات مزمنة تعود إلى ما قبل إعادة فرض العقوبات الأميركية، لكن العقوبات الأخيرة تساهم إلى حدّ بعيد في تفاقم الأزمة الاقتصادية.
في بازار تجريش، يتدافع الناس لشراء الخضر والفواكه. ولكن الحركة خفيفة أمام المتاجر التي تبيع سلعا غير أساسية مثل العطور والثياب والأثاث وسواها. وردا على سؤال، يجيب تاجر بغضب “هل تطاولني العقوبات؟ على أي كوكب كنت تعيش في الأعوام الأخيرة؟”.
وتقول ربة منزل خمسينية “راتبنا محدود. اضطررنا (مع إعادة العمل بالعقوبات) إلى تقليص النفقات على الطعام واللحوم لمواجهة ارتفاع سعر إيجار المنزل”.
وترصد وكالة فرانس في تغطيتها لآثار العقوبات على المجتمع الإيراني، غضبا شعبيا ينذر بانفجار، حيث أجمع كثيرون ممن صادفتهم وكالة فرانس برس في بازار تجريش، على الشكوى من التضخم الذي يتجلّى خصوصا في أسعار المواد الغذائية وإيجارات المساكن.
وتضيف ربة المنزل أنه بسبب العقوبات “فإن الهوة بين الطبقات الاجتماعية تزداد اتساعا، إذ لم يعد هناك الآن سوى أغنياء وفقراء”.
تحتضن إيران، التي يبلغ عدد سكانها 80 مليون نسمة، طبقة متوسطة واسعة تشمل كل شخص تقريبا من سائقي الحافلات إلى المحامين والأطباء، ويحصل أفرادها على مداخيل متوسطها 700 دولار شهريا بالعملة المحلية. وتأثرت بالعقوبات أيضا موازنات الأسر المخصصة للسفر، وخصوصا في عيد النوروز في 21 مارس لمناسبة رأس السنة الإيرانية. ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية عن رئيس الجمعية الإيرانية لوكالات السفر أمير بويان راشاد أن الوضع “فظيع”، لأن “الرغبة في السفر، سواء إلى الخارج أو إلى إيران، تراجعت في شكل كبير”.
وتصف السلطات الإيرانية العقوبات الأميركية بأنها “إرهاب اقتصادي غير قانوني”. ونقلت وكالة الأنباء الطالبية عن وزير النفط الإيراني بيجان نمدر زنقنه قوله أمام النواب إن “الحلم الأميركي بتصفير صادرات النفط الإيرانية لن يتحقق”.
وبحسب آخر التقديرات المتوافرة، صدّرت إيران 1.9 مليون برميل من النفط يوميا في مارس. واعتبر زنقانه أن قرار الولايات المتحدة “سيرتدّ عليها بالنظر إلى وضع السوق”. لكن هذا الكلام لا يقنع ربة المنزل في سوق تجريش، إذ تقول “الوضع سيسوء والأسعار ستواصل ارتفاعها”.