ساعات طويلة من العمل، وفراق طويل لسنوات بعيداً عن الأهل، وفي بعض الأحيان معاملة سيئة قد تصل إلى الضرب، عدا عن أشكال الاستغلال الجسدي والمعنوي، يعيش جزء من العاملات الأجنبيات اللواتي لا تتجاوز معظمهن 17 عشر عاماً في لبنان تحت رحمة أصحاب المنازل سعياً وراء لقمة العيش، يجمعن ما اثمره تعبهن في لبنان، بحثاً عن مستقبل مشرق في بلادهن، او لإعالة عائلتهن الفقيرة هناك....
ووفق وزارة العمل، يبلغ عدد عمال المنازل المهاجرين 250 الف عامل بينهم أكثر من 186 الف عاملة، اغلبهن من اثيوبيا، ودول اخرى مثل الفيليبين وبنغلادش وسريلانكا، علماً ان عدد كبير من هؤلاء يعملن من دون تصاريح عمل!
وتروى إحدى العاملات انها تنتظر بفارغ الصبر، انتهاء فترة عملها للعودة إلى بلادها، مشيرة إلى انها عانت كثيراً من تمرد أصحاب المنازل، وساعات طويلة ومتعبة من العمل دون إجازة، لافتةً إلى أنها تعرضت لأبشع انواع التمييز العنصري في احد المنازل، فمُنعت من الأكل مع افراد العائلة، وكانت تتعرض للضرب عندما تقصر في عملها...
ومقابل سوء المعاملة التي تعاني منها اغلب العاملات، إلا ان البعض منهن تعلقن بأصحاب المنازل حد التعلق، إلى ان اصبحن جزءاً من العائلة وسط اجواء الأمان والمعاملة الحسنة التي يتمتع بها جزء لا يستهان به من ارباب المنازل...
إقرأ أيضاً: وهب الأعضاء: وهب الحياة الجديدة ما بعد الموت
ولطالما حذرت منظمة العفو الدولية لبنان، من وضع حد للإستغلال العنصري وسوء المعاملة من قبل بعض اصحاب العمل للعمال الأجانب.
واليوم الأربعاء، أصدرت المنظمة تقريراً بعنوان "بيتهم سجني، استغلال عاملات المنازل المهاجرات في لبنان"، دعت فيه السلطات اللبنانية إلى "وضع حد لنظام الكفالة الذي يمنح أصحاب العمل (سيطرة شبه كاملة) على حياة عشرات الآلاف من عاملات المنازل المهاجرات، ممن يتعرضن لكل أشكال الاستغلال وسوء المعاملة".
وذكرت المنظمة، استناداً إلى مقابلات أجرتها مع 32 من العاملات المهاجرات، "أنماط عدة من سوء المعاملة التي تعرضت لها العاملات، من بينها إرغامهن على العمل لساعات طويلة بلا استراحة أو يوم إجازة، وعدم دفع أجورهن أو التأخير في دفعها أو حتى اقتطاعها، عدا عن مصادرة جوازات سفرهن".
ودعت المنظمة لبنان إلى "وضع حد لنظام الكفالة الذي يمنح أصحاب العمل سيطرة شبه كاملة على حياة هؤلاء العاملات ويعزلهن، مطالبة بتأمين الحماية القانونية لهن".
وحثّت البرلمان اللبناني على تعديل قانون العمل بحيث يشمل عاملات المنازل بحمايته وإلى اصلاح نظام منح التأشيرات واعتبار مصادرة جواز سفر العاملة جريمة إدارية.
وفي سياق التحذيرات المتكررة التي وجهت إلى لبنان، يبقى الأمل بضمير إنساني فردي بحق أشخاص ولدوا وعاشوا في ظروف صعبة اجبرتهم على ترك بلادهم، والعيش في بلد على حافة الهاوية مثل لبنان!