استغراب غربي من مستوى السجال السياسي الحاصل في لبنان
 
على خلفية التصريحات المثيرة للجدل التي أثارها رئيس الجمهورية ميشال عون من الصرح البطريركي في بكركي يوم الأحد الماضي، والتي قال فيها "ان من ليست لديه خبرة لإنهاء الأزمة فليتفضل ويطلع على بعبدا.. بنحللو ياها، وليس مقبولاً أن تستمر الأمور بهذه الوتيرة البطيئة"، على اعتبار ان "كلام عون فهم أنه غمز من قناة رئيس الحكومة سعد الحريري ووزير المالية علي حسن خليل"؛ استغربت مصادر دبلوماسية غربية في العاصمة اللبنانية من مستوى السجال السياسي الحاصل بين الفرقاء السياسيين.
 
واعتبرت المصادر نقلاً عن صحيفة "العرب" إن "المشكلات الاقتصادية اللبنانية وصلت حدوداً خطرة، فيما قادة البلد الأساسيون يتبادلون الرسائل المزاجية من خلال وسائل الإعلام، ما يقلق المجتمع الدولي من قدرة الطبقة السياسية على مواجهة التحديات التي يتعرض لها البلد".
 
ومن جهتهم، يرى مراقبين، وفقاً للصحيفة، أن "الأمر حساس ولا يحتمل الركون إلى الاجتهاد والتأويل في تفسير تصريحات عون والتأكد مما إذا كانت تستهدف الحريري أم لا"، مشيرين إلى "أن التصريحات تكشف عن تصدع مقلق داخل أركان العهد، لاسيما لجهة كيفية التصدي لحالة تصفها بعض التقارير بأنها على شفير الإفلاس".
 
وفي المقابل، "أبدت بعض المراجع امتعاضها مما ينقل عن زوار قصر بعبدا من أن رئيس الجمهورية لم يكن يقصد شخصاً معيناً أو جهة بعينها، بل كان يعبر عن تبرم من التأخير الحاصل في إقرار الموازنة التي تتوقف عليها الحلول المعالجة، خصوصاً تلك التي تتسق مع شروط مؤتمر "سيدر"، ورأت أن "رسائل عون غير مفهومة وغير مناسبة ولا تساعد  في تمتين الثقة بالوضع الاقتصادي والمالي في لبنان".
 
وأشارت الصحيفة، إلى ان "موقف عون متناقض مع حالة التضامن والتعاون التي ظهرت بين الحريري (تيار المستقبل) وعلي حسن خليل (حركة أمل) ووزير الخارجية جبران باسيل (التيار الوطني الحر)، الذين تقاطعوا حول التسويق لإجراءات تقشفية قاسية تستعد الحكومة لاتخاذها".
 
مشيرةً إلى أن "التحالف الثلاثي أزعج عون، وبالتالي شعر بالحاجة إلى إعادة تصويب البوصلة صوب بعبدا كراعية للإصلاحات، فيما رجحت بعض الأراء أن تكون للأمر علاقة بالمداولات التي تجري في مقر رئيس الحكومة ولا تجري في بعبدا".
 
مضيفةً، أن "موقف عون جاء على عكس موقف صهره باسيل الذي أعلن عن إجراءات قد تتخذ لخفض رواتب الموظفين الحكوميين، كما كان متناغما مع مواقف النائب شامل روكز (صهر عون) ووزير الدفاع إلياس بوصعب (المقرب من عون)، ومع مواقف القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي الذين أجمعوا على رفض المسّ برواتب الموظفين" على حد اعتبار الصحيفة.
 
لكن في المقابل، "استبعد مراقبون أن يكون هناك تصدّع ما في مواقف عون وباسيل، وأن الأمر لا يعدو أن يكون توزيع أدوار يروم أهدافاً أخرى"، إلا أنهم أشاروا إلى أن "تصريحات عون تبدو وكأنها محاولة لسحب ملف الاقتصاد من الحريري، على نحو يتسق مع خطاب رئيس الجمهورية القديم في تحميل الحريرية السياسية مسؤولية المشكلة الاقتصادية، وعلى نحو يتوافق مع طموحات عون في استعادة صلاحيات رئيس جمهورية التي قلصها اتفاق الطائف".