مع بدء المفاوضات لتشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة، أمس الأحد، شكا رئيس الوزراء المكلف، بنيامين نتنياهو، من أن حلفاءه في اليمين «يتجبرون» به، ويفرضون عليه شروطاً تدخله في أزمات داخل حزبه ومع حلفائه في الأحزاب الدينية.
ويعاني نتنياهو، بشكل خاص، من ثلاثة حلفاء في اليمين، يفرضون عليه شروطاً تبدو تعجيزية لن يستطيع التجاوب معها، وهم: وزير الدفاع السابق أفيغدور ليبرمان، رئيس حزب «اليهود الروس» (إسرائيل بيتنا)، ووزير المالية الحالي موشيه كحلون، والنائب الجديد رافي بيرتس، رئيس حزب «المستوطنين» (اتحاد أحزاب اليمين).
فقد وضع ليبرمان الشروط التالية عليه: إعلان خطة لتصفية «حماس»، والتعهد بسن قانون يفرض على المحاكم فرض حكم الإعدام على منفذي العمليات الفلسطينيين، وسن القانون حول فرض الخدمة الإلزامية في الجيش على الشبان المتدينين. وأمس فرض ليبرمان على نتنياهو عقد جلسة لوفدي التفاوض من حزبيهما، على الرغم من أنه ثاني أيام عيد الفصح اليهودي، والأحزاب الدينية الشريكة في الائتلاف طلبت ألا تتم مفاوضات في أيام العيد احتراماً لمشاعرهم الدينية، وحذرت من أن إجراء مفاوضات كهذه سيعتبر من ناحيتها استهتاراً بها، وبشراكتها في الائتلاف. وكان ليبرمان يماطل في البداية في المشاركة بالمفاوضات، وغادر البلاد للاستجمام، وفجأة أصبح مستعجلاً، ما يشير إلى أنه يجر نتنياهو إلى مشكلة مع المتدينين. وقد رضخ له نتنياهو، أمس، وأرسل إليه وفد المفاوضات برئاسة الوزير ياريف لفين، الروسي الأصل، ومعه نتان إيشل، مدير مكتبه السابق الذي كان قد سرح من العمل بعد الكشف عن مطاردته الموظفات، والتقاطه الصور لهن من تحت الطاولة.
أما كحلون، فهو يتهرب من المفاوضات، ويعتبر رئيس الحزب اليميني الوحيد الذي امتنع عن لقاء نتنياهو، ويماطل في التجاوب مع طلبات التفاوض. ومع أن حزبه بات أصغر أحزاب اليمين (إذ هبط في الانتخابات الأخيرة من 10 إلى 4 مقاعد)، فهو يطلب لنفسه البقاء وزيراً للمالية، ولزميل له وزيراً للاقتصاد.
وأما حزب «المستوطنين»، فيطلب أولاً أن يتعهد نتنياهو برفض الخطة الأميركية للتسوية في الشرق الأوسط (صفقة القرن)، وسن قانون بضم المستوطنات في الضفة الغربية إلى السيادة الإسرائيلية، والتعهد برفض أي مشروع يتضمن قيام دولة فلسطينية ما بين النهر والبحر. في الوقت ذاته، ومع أنه حزب من 5 مقاعد، يطلب لنفسه وزارتين مهمتين هما: التعليم والقضاء، في الحكومة الحالية، مع أن حزب «البيت اليهودي» الذي يمثلونه كان قد حصل وحده على 8 مقاعد في الانتخابات السابقة، وهبط إلى 5 مقاعد اليوم، بعد أن اتحد مع حزبين آخرين.
ويرى الخبراء أن هذه المطالب تنطلق ليس فقط من محاولة استغلال حاجة نتنياهو إليهم، بل أيضاً من الانتقام منه، لأنهم يعتقدون أن هبوطهم في الانتخابات الأخيرة تسبب عن الحملة التي شنها نتنياهو لكسب الأصوات من جمهورهم اليميني المتطرف. وعليه، فإنه وعلى الرغم من أن الائتلاف المقبل كان يبدو ثابتاً، وأنه سيستند إلى أحزاب الائتلاف السابق بلا مصاعب جدية، فإن ما يصرح به الحلفاء يشير إلى أنّ مهمّة تشكيل الحكومة ستواجه عقبات شديدة.
ولا تقتصر هذه المشكلات لدى الحلفاء، بل إنها تخلق توتراً داخل حزب «الليكود»، أي لدى رفاق نتنياهو. فهم يطالبونه بالامتناع عن التجاوب مع طلبات الحلفاء على حسابهم. ويريدون أن تكون الوزارات الأساسية لهم، خصوصاً وزارات المالية والدفاع والتعليم والقضاء. وحسب صحيفة «كالكاليست»، أمس الأحد، فإن نتنياهو يتّجه إلى تعديل «قانون أساس الحكومة»، الذي تباهى به قبل سنوات لأنه يقلص عدد الوزارات ويوفر على خزينة الدولة. وينوي رفع عدد الوزراء من 18 إلى 26 وزيراً، لكي يستطيع إرضاء رفاقه وحلفائه.
وربما سيكون البحث في هذا القانون، هو أول الأبحاث في الكنيست (البرلمان الجديد)، الذي سيبدأ مهامه رسمياً في الثلاثين من الشهر الحالي، وضمان إنجاز الإجراءات القانونية لسنّ القانون بقراءاته الثلاث قبل نهاية شهر مايو (أيار) المقبل، وهو موعد انتهاء مهلة تشكيل نتنياهو، بعد تمديدها بـ14 يوماً. ومن غير المتوقّع أن يواجه التعديل صعوبات برلمانيّة، وأن يصوّت لصالحه كل أعضاء الائتلاف المقبل، البالغ عددهم 65 عضواً، لكن الطريق لهذا لن تكون مفروشة بالورود، لأن المطالب التي تطرحها الأحزاب تبدو مستحيلة التطبيق.
والاقتراح الوحيد الذي يراه نتنياهو إيجابياً، هو الذي يطرحه المرشح الثاني في «اتحاد أحزاب اليمين»، بتصلئيل سموتريتش، وهو سن القانون الذي يعيد الحصانة إلى أعضاء الكنيست ضدّ التحقيقات الجنائيّة، بحيث يحول دون تقديم لائحة اتّهام محتملة ضد نتنياهو.