لأسباب مفاجئة، او عادية، يدخل الموت ابواب حياة الإنسان دون استئذان، ليُنهي اعواماً من عمره، تمنى أقربائه لو يستمر فيها، ومقابل هذا الفراق، قد يفضل جزء من الناس وهب أعضائهم لمريض حي يحتاجها اكثر من الميت، فماذا لو رأيت عيني شخص عزيز عليك قد رحل عنك، في وجه شخص آخر ينظر إليك؟ وماذا لو قررت انت بنفسك ان تهب أعضائك بعد الموت؟
تعتبر ثقافة وهب الأعضاء في لبنان ضئيلة نوعاً ما، لا بل مخيفة في بعض الأحيان، رغم انه ما بعد الموت وحدها الروح ستبقى، تاركةً جسد لو بقيت إحدى اعضائه في شخص آخر لكان افضل!
وتعزيزاً لثقافة التبرع بالأعضاء في المجتمع اللبناني، حث وزير الصحة العامة جميل جبق، اثناء لقائه وفداً من جمعية الطفل المصاب بالكلى، يوم أمس، على أهمية وهب الأعضاء في لبنان، منوهاً بشكل خاص بما قام به العدد الأكبر من الأهالي لجهة التبرع بأعضائهم لأولادهم، واعداً بمساعدة الأطفال في فحوصات ما قبل الزرع ودعم فحوصات ما بعد الزرع، مشدداً على "أهمية تعزيز ثقافة التبرع بالأعضاء في مجتمعنا".
إقرأ أيضاً: قانا يوم الصراخ والصمت الدائم منذ 23 عاماً
وعلى الرغم من ان لقاء الوزير جبق جاء ضمن إطار التبرع بالكلى بشكل خاص، دون التطرق إلى أشكال التبرع الأخرى لاسيما وهب الأعضاء ما بعد الموت، إلا انه لابد من تعزيز ثقافة التبرع بالأعضاء في لبنان، لما فيها من خطوة إنسانية قادرة على إنقاذ حياة الكثيرين من الأشخاص الذين فقدوا نعمة إلهية موجودة لدينا.
ومنذ سنوات طويلة برزت جهود كبيرة للتعريف بأهمية ثقافة وهب الأعضاء في لبنان، لما فيها من إعطاء فرصة جديدة للحياة لأشخاص فقدوا الأمل، وابرز تلك الجهود ما تقوم به الهيئة الوطنية لوهب الاعضاء والانسجة في لبنان منذ تأسيسها عام 1992، علماً أن ابرز عمليات التبرع في لبنان تقتصر على "وهب وزرع أعضاءٍ قليلة هي الكلى والقلب والكبد والقرنيات"، ويمكن لأي شخص أن يهب اعضائه للمحتاجين بعد موته بعد التسجيل لدى الهيئة الوطنية، على ان يكون أيضاً لأسرة المتوفي القرار الأخير في المسألة، وقد يتجاوز عدد الواهبين المسجلين في لبنان 10 آلاف شخص منذ عام 2016، على امل ان ترتفع نسبة وهب الأعضاء في لبنان، فكلما زادت نسبة التبرع، كلما زادت فرص إعطاء حياة جديدة اكثر، لابل كلما تجلت أسمى مظاهر الإنسانية فينا!