خلال «أسبوع الآلام»، يتضرّع المسيحيون أمام يسوع المسيح طالبين منه الرحمة والقوة. ولا تنفك تلاوة الصلوات في كل الكنائس معظِّمةً الرب في جو فيه الكثير من التقوى والسكينة والخشوع. وتضع كل رعية برامجها الدينية ومواعيد القداديس الخاصّة بها، وتدعو الأفراد والعائلات للمشاركة في الصلاة.
ويعتبر الكثيرون أنّه لا يمكن المقاربة ما بين الصلاة والدين والعلم. إلّا أنّهم مخطئون، لأن لا تعارض بين الإثنين، حيث استطاع الكثير من العلماء والفلاسفة تفسير الدين من خلال علمهم، على غرار الفيلسوف الألماني «إمانيول كانط» الذي إستطاع أن يفسّر وجود الله من خلال العلم... وطبعاً غيره وغيره من العلماء. حتى إنّه لا يمكننا أن ننكر في علم النفس «أهمية الصلاة» في حياة الشخص الذي يأتي إلى عياداتنا طالباً المساعدة.
تأثير الصلاة النفسي على الإنسان
للصلاة منافع كثيرة في حياتنا اليومية. ولا يستطيع أحد أن ينكر أهمية الصلاة في حياة الإنسان الذي يتخبّط كل يوم من حياته في الكثير من المشكلات الفردية والعائلية والإجتماعية. لذا، يحقّق هذا «الإنغلاق مع الخالق» نوعاً من التعالي، أي يصبح الإنسان متعالياً عن كل شيء «أرضي» لا معنى روحيّاً له، ويهتم فقط بالمبادئ العلوية الدينية. وهذا «التعالي» يخفّف بشكل كبير القلق والخوف وصعوبة المواجهة في حياة الإنسان.
ومن أهم منافع الصلاة النفسية عند الإنسان نذكر:
1 - الراحة النفسية والشعور بالإطمئنان.
2 - إستقامة الفرد إجتماعياً. إذ تلعب الصلاة دوراً بارزاً في مساعدة المصلي للتحلّي بالأخلاق والروح المتنوّرة.
3 - تنير القلب وتجعل الإنسان أكثر رحمة ومنفتحاً نحو الآخرين على رغم من إختلافاتهم.
4 - الشعور بالأمان النفسي ناهيك عن الشعور بالطهارة الروحية التي تؤثر تأثيراً مباشراً في الإنسان.
5 - المشاركة مع الأهل في الصلاة تقوّي العلاقات فيما بينهم كما تساعد في تقوية تواصلهم.
6 - الشعور بالبركة والرحمة الإلهية لا مثيل لها.
ماذا نفسّر لطفلنا عن أهمية الصلاة؟
في الديانة المسيحية، علّم يسوع المسيح تلاميذه صلاة «الأبانا» التي اعتُمدت في جميع الكنائس المسيحية والتي يكرّرها جميع المؤمنين يومياً. وهناك صلوات أخرى خاصّة تعتمدها كل كنيسة، لكنّ المشترك فيما بينها هو أنّ جميع هذه الصلوات تعظّم الرب وتطلب منه الرحمة والحنان. ويفسّر التحليل النفسي الصلاة بأنّها نوع من ترفّع الإنسان عن حياته المادية والإرتفاع إلى مبادئ «روحية». فالصلاة هي عملية تقرّب من الله، وليس هناك وقت محدّد لها، فيمكن للمؤمن أن يصلي قبل وبعد الطعام أو النوم أو السفر... وكما كان المسيح يصلّي مع التلاميذ ويصلّي منفرداً على الجبل، كذلك في الحياة المسيحيّة هناك صلاة جماعيّة وصلاة فرديّة.
ويطرح الكثير من الأطفال أسئلة عن الصلاة وأهميتها. فهم عادة يقلدون أهلهم عند الذهاب إلى الكنيسة، كما يقلّدون الأب المحتفل بالقداس. وللأهل دور بارز في التفسير للطفل النقاط التالية عن الصلاة وأهميتها:
• إنّ الصلاة جزء من طبيعة الإنسان، فجميع الأشخاص يصلّون بطريقتهم الخاصة. كما يجب أن يفسّر الأهل لطفلهم أنّ معرفة الرب والإعتراف به كمخلّص يجعل قلبنا مليئاً بالسعادة. في حين أنّ القلب من دون الله يشعر بفراغ كبير. ويجب أن يكون الأهل مثالاً جيّداً لطفلهم ليقتدوا به.
• كما يفسّر الأهل أنّه عندما يشعر طفلهم بالإنزعاج وبالحزن، يمكنه اللجوء الى الصلاة. فالصلاة ستريحه وتساعده.
• يمكن للأهل أن يقرأوا كل ليلة مقطعاً من الإنجيل المقدّس فتصبح هذه عادةً يطلبها الطفل قبل نومه، لأنّ الصلاة راحةٌ للنفس والروح.
الصوم والإنسان
ليست الصلاة وحدها خلال فترة الصوم هي التي تساعد الإنسان وترفعه، بل أيضاً الإمتناع عن ملذّات الحياة والصوم عن الأكل. فالصوم يهذّب الإنسان ويضبط تصرفاته العشوائية. كما للصوم آثار كثيرة على الإنسان، ومنها:
• تهذيب النفس وتقوية الصبر
• تقوية العلاقات بين أفراد العائلة والجمع بين مختلف أفراد العائلة الواحدة.
• الرحمة ومساعدة الفقير وتقديم العون له (تقديم الطعام أو تخصيص مال لمؤسسة...)
• الشعور بالمساواة بين مختلف الطبقات الإجتماعية لأنّ الفقير والغني والمريض والمعافى والمواطن والسياسي... يقبلون جميعهم على الصوم.
• تقوية الإيمان إذ يجعل الصائم مندمجاً مع الرب فيساعده على الشعور بالطمأنينة وبالسكينة.