ما مصير المُعتقلين في السجون السورية؟؟؟
تسعى اللّجنة الدوليّة للصليب الأحمر الدولي، منذُ نهاية الحرب الأهليّة عام 1990، جاهدةً على حثّ الدولة اللّبنانيّة، على كافّة المستويات من أجل إتّخاذ تدابير لإجلاء مصير المفقودين جرّاء الحرب اللّبنانيّة الأهليّة والردّ على جميع مطالب عائلاتهم، خصوصًا وأنّ هذه المُعاناة رافقتهم لأكثر من 30 عامًا.
وترسّخت على مدار تاريخ اللّجنة الدوليّة، ثوابت أساسيّة ترتكزُ عليها اللّجنة وأبرزها أنّ "اللّفتة الإنسانيّة تسبق تقنينها دائمًا".
وباشرت اللّجنة الدوليّة عملها في لبنان بعد حرب حزيران 1967، وازدادت أنشطتها الإنسانيّة خلال فترات النزاع المسلّح بما في ذلك الحرب الأهليّة التي امتدّت ما بين 1975 و1990. وتقوم حاليًّا بالإستجابة لاحتياجات المجتمعات المحليّة التي تستضيف اللّاجئين السوريّين الذين هربوا من كوارث الحرب الدائرة في المنطقة.
ورغم مرور 29 عامًا على إنتهاء الحرب الأهليّة في لبنان، تعملُ اللّجنة على تفادي المُعاناة الإنسانيّة عن طريق نشر مواد القانون الدّولي الإنساني والمبادئ الإنسانيّة العالميّة وتعزيزها في المُجتمع اللّبناني.
ولمُناسبة ذكرى الحرب الأهليّة، زار موقع "لبنان الجديد"، مقرّ اللّجنة الدوليّة للصليب الأحمر الدولي في لبنان، وكان له حوارًا مع الناطقة الرّسميّة للّجنة، السيّدة رونا الحلبي.
واستهلّت الحلبي حديثها، بـِ "تنذكر وما تنعاد"، لاسيّما وأنّنا حتى الساعة نُعاني من تبعات إنسانيّة مُستمرّة للحرب الأهليّة حتى الآن، وأحد أبرز وأهمّ هذه التبعات هو ملف المفقودين إبّان الحرب الأهليّة ونحن نعمل كـَ لجنة على هذا الملف منذ عام 2010 تقريبًا.
إقرأ أيضًا: " ساقه المبتورة..تحكي حال طرابلس! "
وقالت الحلبي: "في تشرين الأوّل 2018، أقرّ المجلس النيابي في لبنان قانوناً مُتعلّقاّ بـِ المفقودين جرّاء الحرب وهذه الخطوة تُعدُّ مهمّة خصوصًا لدى الأهالي الذين ينتظرون أيّ خبر يتعلّق بمصير أبنائهم المفقودين، وهذه الخطوة رغم أهميّتها غير أنّ الطريق لا تزال طويلة".
وتابعت الحلبي: "وفي الوقت الراهن ندعو لوضع القانون حيز التنفيذ وإنشاء هيئة وطنيّة مهمّتها أن تكشف عن مصير المفقودين. بالنسبة لنا فعملنا مُستمرّ، حيث تستمر اللجنة بجمع بيانات ما قبل الإختفاء والعينات البيولوجية، كي يتسنّى إستخدامها في وقتٍ لاحقٍ من قبل آلية وطنية إنسانية محايدة تعمل للكشف عن مصيرهم. ونحنُ مستعدون لمُساندة ومُساعدة هذه الهيئة على أن يكون همها الأوّل والأخير كشف مصير المفقودين".
وتابعت:"فُقِد آلاف الأشخاص من كلّ التوجّهات والخلفيّات في لبنان خلال الحرب الأهليةّ، وما زال مصيرهم مجهولاً حتى اليوم. ويُلزم القانون الدولي الإنساني السلطات بالكشف عن مصير المفقودين".
وعن عدد المفقودين، أجابت حلبي: "إنّ العدد الذي يُحكى عنه هو 17 ألف لكنّ نحنُ كـَ لجنة ومن خلال عملنا وجمعنا لهذه الملفات إلى حدّ الآن نملكُ 3 ألف حالة "موثّقة" ونحنُ لا نقول إنّ هذا الرقم النهائي طبعًا، خصوصًا وأنّ عملنا مُستمرّ ونحنُ نتمنّى على كلّ عائلة لديها فرد من أفرادها مفقود خلال الحرب أن يتواصل معنا ويُبلّغنا بهذا الأمر ويُزوّدنا بالمعلومات الأوليّة التي تُخولنا المُساعدة".
وعن المُعتقلين اللّبنانيّين في السجون السوريّة، قالت: "هناك عائلات كثيرة تعتقدُ أنّ أبنائها هم على الأراضي السوريّة، أمّا نحنُ كـَ لجنة نقوم بجمع كافّة المعلومات حول الأشخاص الذين فقدوا في لبنان خلال الحرب أيًّا كانت إنتمائاتهم، والهدف من جمع هذه المعلومات تزويدها إلى الهيئة للإنطلاق بمهامها عند إنشائها، فدورنا ليس في كشف مصير المفقودين إنّما دور السلطات اللبنانّية أن تكشف مصيرهم، ونحنُ مهمّتنا هي تقديم المُساعدة والمُساندة في محاولة كشف مصير المفقودين لأنّ هذا حقّ مُكرّس لكلّ عائلة بأن تعرف مصير أبنائها".
ونوّهت هُنا الحلبي: "اللّجنة لا تجمّع معلومات وحسب، بل تعمل على دعم عائلات المفقودين ومساندتها في مختلف احتياجاتها"، مؤكدة أن "همّ العائلات الأوّل معرفة مصير أبنائهم".
وشدّدت الحلبي خلال اللّقاء، أنّ هناك تبعات للحرب غير المفقودين، مثل الأشخاص الذين أصيبوا إبّان الحرب الأهليّة، الذين رافقتهم ولا تزال تُرافقهم الأوجاع والمعاناة، خصوصًا وبعضهم ما زال يتلقى العلاج حتى اليوم بسبب الإصابات التي تعرّضوا لها". وتابعت: "أستطيع هنا أن أقول لكي، بين 2015 وآب 2018 قدّمت اللجنة خدمات تأهيل بدني إلى 62 شخص لبناني كانوا قد أصيبوا جراء الحرب".
وختمت حلبي:"من هُنا نحنُ نُسلّط الضوء ليس فقط على مرارة الحرب إنمّا على بشاعتها التي تُرافق عائلات لبنانيّة حتى اليوم".