الرئيس التركي لم يتقبل خسارته لمدينة شهدت بداية صعوده، وتذكّره بمجد الخلافة.
لم تستبعد مصادر تركية أن يكون الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يعمل على إعادة الانتخابات المحلية في مدينة إسطنبول، وذلك عبر التشكيك في نتائج الانتخابات وعملية الفرز وإطلاق اتهامات خطيرة عن “جريمة منظمة” لتغيير نتائج صناديق الاقتراع، ما يخلق مناخا يساعد على تمرير رغبته في إعادة تلك الانتخابات في مسقط رأسه.
وأعلن الرئيس التركي الاثنين أن الانتخابات البلدية التي جرت الأسبوع الماضي وأظهرت نتائجها الأولية خسارة حزبه في إسطنبول، تخللتها “مخالفات” على نطاق واسع ارتكبت بشكل “منظم”.
وقال خلال مؤتمر صحافي قبل توجهه إلى روسيا إن “الأمر لا يتعلق بمخالفات هنا وهناك لأن العملية برمتها كانت غشا”، مضيفا “تبين لحزبنا أن جرائم منظمة وأن أنشطة ارتكبت بشكل منظم” خلال الانتخابات مشيرا إلى “سرقة في صناديق الاقتراع”.
وقال المحلل السياسي التركي إلهان تانير في تصريح لـ”العرب” إن أردوغان لا يريد التخلي عن إسطنبول، بسبب قوتها الاقتصادية والمالية الهائلة. وإن كان على جثة الديمقراطية التركية.
وأضاف “نعلم أن أردوغان لا يهتم بالديمقراطية كما يدعي. إن أولويته هي الفوز، مهما كلف الأمر. سنرى ما إذا ستقرر اللجنة العليا للانتخابات الرضوخ لإرادته”.
ولا يريد الرئيس التركي الاعتراف بأنه خسر في المدينة التي شهدت بداية صعوده، والتي تذكّره بمجد “الخلافة” ونجومية السلاطين الذين يعمل على أن يصير واحدا منهم عبر افتعال المعارك في كل اتجاه.
وحذر الأكاديمي التركي ذو الفقار دوغان من أن تركيا مقبلة على فوضى سياسية عارمة، وستكون لها عواقب اقتصادية وخيمة إن نجح أردوغان في إقصاء المعارضة من فوزها برئاسة بلدية إسطنبول.
وقال دوغان إن خسارة إسطنبول، والتي كانت بداية لمهنة النجاح السياسي لأردوغان، مثلت مفاجأة غير سارة للرئيس ومؤيديه.
وفي حالة رفض اللجنة العليا لمطالب الحزب الحاكم، قد ينتقل الرئيس إلى وضع خطط في الكواليس قد تصل إلى استخدام مؤيديه في مجالس البلديات كأداة لمنع رئيسي بلدية إسطنبول وأنقرة من تمرير قرارات للوفاء بوعودهما لمتساكني المدينتين الرئيسيتين.
ولجأت المعارضة الاثنين كحلّ أخير إلى مخاطبة ضمير اللجنة الانتخابية العليا.
وقال زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كيليتشدار أوغلو خلال مؤتمر صحافي “أدعو الفقهاء الذين يعملون في اللجنة الانتخابية العليا: استقلاليتكم وموضوعيتكم أساسيتان”.
وأضاف “تركيا التي شهدت مشاكل اقتصادية بالغة الأهمية، مشاكل داخلية وخارجية، يجب أن تخرج من هذه الأجواء الانتخابية”. وقال إن “اللجنة الانتخابية العليا بإمكانها أن تخرجها من هذه الأجواء الانتخابية، وأدعوها إلى القيام بواجبها”.
ودعت زعيمة حزب “الجيد” القومي ميرال أكشينار، حليفة حزب الشعب الجمهوري في الانتخابات الأخيرة، أيضا العاملين في اللجنة الانتخابية العليا إلى “البقاء قادرين على رؤية أولادنا وأطفالنا الصغار أمامهم”.