في الساعات الأخيرة المتبقية حتى موعد الانتخابات العامة في إسرائيل، غداً (الثلاثاء)، يدير رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، حملة لكسب عشرات ألوف الأصوات من الأحزاب اليمينية التي تعتبر حليفاً طبيعياً له، وذلك بدعوى أن «معسكر اليمين سيخسر الحكم إن لم يحصل الليكود (حزبه) على فارق كبير عن حزب الجنرالات برئاسة بيني غانتس». وفي سبيل ذلك يشدد من مواقفه السياسية المتطرفة. وقد التقى مع موقع الحركة الاستيطانية اليهودية في الضفة الغربية (القناة السابعة)، أمس (الأحد)، وأعلن أمامها أنه لم يعد يوافق على إقامة دولة فلسطينية وأنه يدرس بجدية ضم المستوطنات إلى السيادة الإسرائيلية.
ونتيجة لهذه الهجمة، رد عليه قادة الأحزاب اليمينية بهلع، محذرين من أن هجمته ستقضي على معسكر اليمين وتسقط حكمه. وقالت اييلت شكيد، وزيرة القضاء والمرشّحة الثانية في حزب «اليمين الجديد» الذي يعتبر أكبر المتضررين من هذا الهجوم، إن «نتنياهو ينجر وراء استراتيجيّة حزب (كحول لفان برئاسة بيني غانتس)، ويفتعل منافسة كاذبة معنا لتحطيم معسكر اليمين». وأضافت: «بهذا التهويل التقليدي يسعى نتنياهو إلى إقامة حكومة شراكة مع غانتس وحليفه يائير لبيد». وقالت إنها لا تفهم سبب وأهداف نتنياهو، فهو إذا كان يريد أن يبقى على رأس معسكر اليمين فإن هذا المعسكر يضم حالياً، وفق الاستطلاعات، ما بين 64 و65 مقعداً، ويعني هذا أن نتنياهو سيكون رئيساً للحكومة حتى لو حصل الليكود على عدد أقل من المقاعد».
وقد بدا على شكيد غضب حقيقي، إذ إن حزبها السابق (البيت اليهودي) كان الحزب اليميني الأكثر تضرراً من حملة نتنياهو في الساعات الأخيرة من الانتخابات السابقة في سنة 2015. إذ راح يخيف الناخبين من «تحرك المصوتين العرب بحافلات كثيرة ممولة من دول أجنبية بهدف إسقاط حكم اليمين»، فراح مصوتو اليمين المتطرف يتدفقون على الصناديق ويصوتون لليكود. وبذلك هبط حزب البيت اليهودي من 12 إلى 8 مقاعد. وهبط حزب أفيغدور ليبرمان من 8 إلى 6 مقاعد، في حينه، مما دفعه إلى القول، أمس: «تكرار نتنياهو جملة (حكم اليمين في خطر)، ليس إلا حملة تحريض كاذبة هدفها كسب الأصوات على حسابنا». وقال المرشّح الثاني في قائمة «اتحاد أحزاب اليمين»، بتسلئيل سموتريتش، إنه «من المذهل رؤية نتنياهو يطبّق تماماً سيناريو التهويل الذي كان معروفاً سلفاً. لكنه هذه المرّة، بخلاف المرّة السابقة، يلعب بالنار. وهذه النار قد تأتي على معسكر اليمين بأكمله. علينا ألا نقع في فخه».
لكن نتنياهو مضى في برنامجه لسحب الأصوات من هؤلاء الحلفاء، وراح يعاتبهم بأنهم يمتنعون عن الالتزام بالتوصية عليه لتشكيل الحكومة المقبلة. وقال إن الطريق الوحيدة لضمان حكومة يمين ومنع نشوء حكومة يسار هي التصويت لليكود». ومنح نتنياهو، أمس وأول من أمس، مقابلات صحافية لجميع وسائل الإعلام الإسرائيلية، ليغري مصوتي أحزاب اليمين الأشد تطرفاً من حزبه، لكن أوضحها كان مع موقع «القناة السابعة». فقال: «أنا أدرس إعلان السيادة الإسرائيلية على المستوطنات، جميع المستوطنات بما فيها النائية». وقال إنه يفضل التفاهم حول الموضوع مع الرئيس الأميركي، دونالد ترمب أولاً. لذلك ينتظر موقف واشنطن.
وسئل نتنياهو، إذا كان مستعداً لأن يتعهد بألا تقوم دولة فلسطينية، بكلمات واضحة لا تقبل التأويل، فأجاب: «أقول بشكل لا لبس فيه إنه لن تقوم دولة فلسطينية، وليس كتلك التي يتحدث أشخاص حولها. هذا لن يحدث لأني أهتم بذلك. لن أقتلع مستوطنات وإنما أفرض سيادة عليها، وأحافظ على القدس موحدة وأحافظ على سيطرتنا في كل المنطقة الواقعة غرب نهر الأردن من أجل منع غزة جديدة. هذه هي سياستي، وقلت ذلك للأميركيين، للرئيسين ترمب وأوباما.
وقال لي نائب الرئيس (الأميركي السابق جو) بايدن إن هذه ليست دولة. وقلت له أن يسميها كيفما يشاء. وقال إن هذه ليست سيادة. قلت له إن هذا ما أنا مستعد لتنفيذه وانتهى الأمر». وتباهى نتنياهو بخصومته مع الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، «الذي مارس ضغوطاً طوال الوقت. وقد وقفت وتصديت لهذه الضغوط. وعندما جاء ترمب، نجحت في جلب اعترافه بالقدس، ونقل السفارة، والاعتراف بهضبة الجولان. هذه أمور بالغة الأهمية بالنسبة لما أخطط له في يهودا والسامرة (الضفة الغربية)».
وسئل هنا عن رأيه فيما كان قد تفوه به خلال خطابه الشهير في جامعة بار إيلان (قرب تل أبيب)، الذي ألقاه في عام 2009 وتحدث فيه عن حل الدولتين، فأجاب نتنياهو أنه «يجدر الإصغاء إلى ما قيل بعده»، وأنه قال غداة الخطاب، إنه يعتزم منح الفلسطينيين «إمكانية إدارة حياتهم وليس أكثر من ذلك».
وتباهى نتنياهو بأنه عندما قررت المحكمة العليا إخلاء بؤر استيطانية عشوائية أقيمت على أراضٍ بملكية فلسطينية خاصة، نقل هذه البؤر إلى مواقع أخرى وزاد من عدد المستوطنين فيها. وبدل البؤرة الاستيطانية «عمونا» أقام مستوطنة «عميحاي»، وبعد قرار المحكمة هدم 9 بيوت في مستوطنة «عوفرا»، جرى البدء ببناء 90 بيتاً، وبعد هدم بيوت في البؤرة الاستيطانية «ناتيف هأفوت» تمت المصادقة على بناء 350 بيتاً في المستوطنات. «لقد هدمنا القليل وبنينا الكثير، والآن صادقنا على 18000 وحدة سكنية. لم يكن هناك بناء كهذا. وفي الولاية المقبلة، أعتزم، بشكل تدريجي، فرض القانون الإسرائيلي على المستوطنات في يهودا والسامرة». وأضاف أنه «أنقذت أرض إسرائيل مقابل كل الضغوط، وأنا أبني (في المستوطنات) مثلما لم يتم البناء فيها أبداً، وسأستمر في البناء وأهتم بإنقاذ الاستيطان».
وعندها انتقل نتنياهو إلى الحديث الصريح عن حملته لسحب أصوات اليمين بتخويفهم من ألا يكلفه الرئيس الإسرائيلي، رؤوبين رفلين، بتشكيل الحكومة المقبلة. «الناس لا يستوعبون أنه ستحدث مأساة هنا.
صوت زائد أو ناقص لن يغير الوضع، لكن رفلين قال بصورة واضحة إنه إذا لم يوصه 61 عضو كنيست فإنه سيكلف الحزب الأكبر بتشكيل الحكومة. ليس لدينا 61 عضو كنيست لأن حزباً واحداً (يقصد حزب «زيهوت» برئاسة موشيه فايغلين) يرفض الإعلان أنه سيوصي (بتكليف نتنياهو)، ووفقاً للاستطلاعات فإن الحزب الأكبر هو لبيد وغانتس الذي يتفوق علينا بـ4 مقاعد. وإذا لم نسد الفجوة فسوف يشكلون الحكومة».