قد شهدنا على الدوام صوراً متعددة لتعزيز القطيعة وسحق التواصل فيما بين العاملين على الساحة الإسلامية الدينية والثقافية ومن أعلى الهرم حتى منتهى القاعدة الجماهيرية ، لماذا ؟ لأن لي جمهوراً عريضاً لا يرضى لي بالنزول إلى مستوى الخصم أو المخالف. إذن ... هو دائما فوق وغيره في أسفل سافلين ..وكان ينُحَر الحوارُ دائماً بتبريرات متعددة تعود بكليتها إلى الإنتفاخات النفسية والطبقية المكرسة ،رغم نفيها في المتون وعلى المنابر وضمن المواعظ والوصايا أيضاً ،ولا نغفل في هذا السياق ما نشاهده في الواقع المرير من تلك الطقوس المصطنعة لبعض المقربين من القامات العملاقة والبروتوكولات العجيبة التي أمست لصيقة بنا ،حتى لتكاد تصبح من جملة المراحل الدراسية التي يجب أن نطويها بنجاح ،والتي لا تتماشى مع ما قرأناه من سيرة النبي (ص) وآله الأطهار (ع) .. وقد قيل يوماً للإمام الحسن المجتبى (ع) يا بن رسول الله أفيك عظمة ؟ قال : لا بل فيّ عزة فإن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين . ولأن المشكلة تبدأ منذ الإنتساب والإلتحاق ببعض المجامع والجامعات ومن تغييب المنهج القرآني والتربوي عن مناهجنا التعليمية ، فإني أعتقد أننا معنيون بإعادة النظر في بحث " التعظيم ومحدداته القرآنية " وتلك مادة ينبغي أن تقدم لطلاب الأيام الأولى في الحوزة والجامعة لأن الظاهر مع كل أسف أن مرض جنون العظمة قد أصاب قطاعات واسعة من أهل الدين والدنيا..
بل نحن جميعاً بحاجة إليها كما نحتاج إلى قراءة ثانية للنص القرآني الذي حكى حواراً بين رب العزة والشيطان الرجيم....
وعلى طقوس المقربين من الكبار وديباجيات الهالة المصطنعة للزي الديني أو العنوان العلمي أو الثقافي ، يتدرج الصغار ويصبح الكثيرون من أهل الكبرياء والعظمة وتتكون طبقة خاصة دون الإله وفوق البشر.فإذا صار كل واحد من هذا الصنف طاووس دينه أو مذهبك أو مكانته ومقامه وعنوانه فسوف تعتريه لا محالة آثام فرعون الذي طغى واستكبر وأفسد في البلاد ..وإلى الله تصير الأمور ولا حول ولا قوة إلا بالله..
( مقتطف من كتاب " سطور من واقعنا المرير"للشيخ عباس أحمد شحادي)
.