أقام رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، مساء أمس في السراي الحكومي، حفل عشاء تكريميا على شرف وفد من منظمة الرؤساء الشباب (YPO) - الهند، الذي يزور بيروت بتنظيم من شركة "يو غروب"، للاطلاع على فرص الاستثمار في لبنان، في حضور وزير الدولة لشؤون تكنولوجيا المعلومات عادل أفيوني وشخصيات.
استهل الحفل بكلمة لمنظمة الرؤساء الشباب، التي تحدث باسمها رجل الأعمال الهندي سانجيف غوينكا، مؤكدا "سعادة الوفد الهندي بزيارة لبنان والتعرف على حضارته"، وقال: "نحن هنا اليوم في بيروت للتعرف على الفرص المتاحة فيها للاستثمار، وسعداء جدا بما نراه من دور بارز يلعبه القطاع الخاص في هذا البلد، وسنسعى للتكامل معه. لبنان بلد عظيم، والعلاقات بينه وبين الهند تاريخية. نحن حريصون على تنمية هذه العلاقات أكثر فأكثر، ولا سيما في مجالات التجارة والاستثمار المتبادل، ولن نألو جهدا في هذا المجال".
ثم قدم إلى الرئيس الحريري درعا تذكارية عبارة عن لوحة فنية تاريخية عن الهند.
ثم تحدث الرئيس الحريري، فقال: "إنه لمن دواعي سروري الكبير أن أرحب في لبنان وفي السراي الكبير بضيوفنا من الهند. لقد أثبتت منظمة الرؤساء الشباب نفسها كمؤسسة رائدة ذات تأثير اقتصادي وتجاري وقانوني ذي قيمة. وقد شاهدت هذا عن كثب من خلال عمل أعضاء الفرع اللبناني من المنظمة، الذين هم قادة مجتمع حقيقيون ويدفعون نحو التقدم".
اضاف: "للوهلة الأولى، يبدو لبنان والهند مختلفين. الهند هي واحدة من أكبر البلدان وأكثرها كثافة سكانية في العالم، مع واحدة من أكبر الاقتصادات والأسرع نموا. كما أنها تتمتع بموارد طبيعية غنية وتشتهر بالغابات الكبيرة المورقة والأنظمة البيئية الغريبة للحياة البرية التي تجذب الناس من جميع أنحاء العالم. لبنان، من ناحية أخرى، بلد صغير على البحر المتوسط، ويبلغ عدد سكانه ما يزيد قليلا عن 4 ملايين نسمة، ولا توجد لديه موارد طبيعية حتى الآن، وهو معروف أيضا بسكانه العصريين ومواقعه التاريخية الرائعة وتنوعه الثقافي والديني".
وتابع: "قد تقودك هذه الحقائق إلى التساؤل: هل هناك أي شيء يمكن أن يجمع بلدينا؟ هل هناك أي قواسم مشتركة يمكن أن نسخرها لرفع علاقاتنا الثنائية إلى مستويات جديدة؟ الجواب نعم. إنها روح المبادرة الاستثنائية لشعبينا".
وقال: "في الواقع، يظل رأس المال البشري الموهوب والمبتكر ثروتنا الرئيسية. وقد دفع، على مر السنين، اقتصاداتنا وثقافاتنا ومجتمعاتنا إلى الأمام. وقد تجلى هذا في حد ذاته، ليس فقط من الناحية الداخلية، ولكن أيضا على المستوى العالمي، نظرا لوجود لدينا اثنين من أكثر مجتمعات الشتات نشاطا ونجاحا على مستوى العالم".
وأردف: "في الواقع، تعد الهند أكبر متلق للتحويلات في العالم، وهو مصدر دخل يعتمد عليه لبنان بشدة أيضا. لكل هذه الأسباب وأكثر، لدي ثقة كبيرة في فرص تطوير علاقاتنا الثنائية. والآن، إنه الوقت المثالي لتعزيز العلاقات القائمة، وصياغة مجالات جديدة من التعاون، بناء على الخبرة والعقول الإبداعية لكل من شعبينا".
وتابع: "في الواقع، صاغت الحكومة اللبنانية قبل عام، رؤية تهدف إلى تجديد بنيتنا التحتية وتحديث اقتصادنا وإطلاق العنان للإمكانات الهائلة لقطاعاتنا الإنتاجية. وتهدف هذه الرؤية في المقام الأول، إلى تحقيق نمو أعلى وشامل ومستدام وخلق مزيد من فرص العمل. وتماشيا مع هذه الرؤية، أعتقد أن المجالات والقطاعات التالية تمثل فرصا سانحة لتعزيز الشراكة بين بلدينا:
أولا، أدعوكم إلى إلقاء نظرة على برنامج الإنفاق الاستثماري الذي تبلغ قيمته 17 مليار دولار ويهدف إلى تجديد البنية التحتية للبنان في قطاعات الطاقة والاتصالات والنقل والمياه والصرف الصحي والنفايات الصلبة. ومن المتوقع أن يلعب القطاع الخاص، اللبناني والدولي، دورا مهما في تنفيذ هذا البرنامج، حيث من المتوقع أن يتم تنفيذ مشاريع تتراوح ما بين 5 إلى 7 مليارات دولار على أساس أسلوب PPP.. ويدرك القطاع الخاص الهندي جيدا الفرص التي توفرها مثل هذه المشروعات، خصوصا منذ عام 2001، حين تم إنجاز حوالي 800 مشروع بأسلوب PPP في مجال الكهرباء والنقل في الهند.
ثانيا، أرى إمكانات كبيرة للتعاون في قطاع السياحة لأن هذا القطاع كان محركا رئيسيا لنمو اقتصادينا. فمنذ عام 2014، زاد عدد الزوار اللبنانيين إلى الهند بنسبة 67 % . ونحن نود أن ندعو المسافرين الهنود لتجربة مباشرة في العديد من المعالم السياحية والثقافية والتاريخية في لبنان، دون أن ننسى مطبخنا العالمي الشهير. وليس لدي أدنى شك في أنكم بعد زيارتكم للبنان خلال هذا الأسبوع، سوف تصبحون مدافعين عظماء في وطنكم الأم عن كل ما يقدمه لبنان.
ثالثًا، أعتقد أن لبنان يمكن أن يستفيد بشكل كبير من الإنجازات البارزة للهند في قطاع اقتصاد المعرفة. في الواقع، شرعت الهند في بذل جهود كبيرة للرقمنة، ونجحت في تحديث اقتصادها ومؤسساتها، ويرجع ذلك في جزء كبير منه إلى مجموعة واسعة من المواهب بين القوى العاملة. الهند هي الآن ثالث أكبر قاعدة ناشئة في العالم. ولبنان يأمل أن يتبع المسار نفسه.
نحن نعمل على تطوير البنية التحتية الرقمية لدينا، ووضع خطة لرقمنة حكومتنا، وتطوير المنصات الرقمية لدينا، والأهم من ذلك، خلق بيئة مؤاتية تسمح لرجال الأعمال الرقميين بالنمو.
رابعا، يتمتع لبنان بموقع مثالي ليكون مرساة للشركات الهندية لإعادة إعمار المنطقة في نهاية المطاف حالما تسمح الظروف بذلك. في الواقع، فإن القطاع الخاص اللبناني الديناميكي يعرف المنطقة جيدا، وهو راسخ في البلدان المجاورة، خصوصا تلك التي يتوقع أن تشهد جهود إعادة إعمار كبرى، مثل العراق، وفي الوقت المناسب سوريا. وفي هذا الصدد، فإن المنطقة الاقتصادية الخاصة في طرابلس، شمال لبنان، تقدم منصة مثالية للشركات الهندية للإنتاج والتصدير إلى المنطقة، مع أحدث البنية التحتية والإطار التنظيمي والحوافز المالية والإدارية السخية".
وختم: "آمل أن تستمتعوا بما تبقى من إقامتكم في لبنان، وأتطلع إلى الترحيب بكم مرة أخرى في المستقبل غير البعيد لتشهدوا انتعاشا اقتصاديا مباشرا في لبنان، هناك فرص كثيرة في بلدينا، وهناك روح وحيوية معينة في لبنان نبني عليها كل تطلعاتنا، وكذلك الأمر في الهند. من هنا أنا أعتقد بالفعل أنه بإمكاننا أن نتعاون في العديد من القطاعات. ومثل هذه اللقاءات التي تجري اليوم تصب تماما في خدمة هذا الهدف. كما أنه للشباب في كل من الهند ولبنان دور كبير في هذا الإطار، وأنا حين أرى الروح التي يعمل فيها الشباب اللبناني، أجد نفسي مطمئنا للغاية لما يمكن أن نحققه من إنجازات. ولذلك، سيكون كل همنا في المرحلة المقبلة هو العمل على تسهيل دخول الشباب في سوق العمل والاستثمار".