وأبدى تكتل قوى التغيير الذي يضم عددا من الأحزاب السياسية والشخصيات المستقلة، ترحيبه بوقوف المؤسسة العسكرية إلى جانب إرادة الحراك الشعبي، لكنه حذر في بيان له صدر قبل استقالة بوتفليقة، من تحول الجيش إلى موجه للمآلات السياسية في البلاد، أو متموقع وداعم لصالح جهة معينة.
وفيما أجمعت القوى السياسية وناشطون في المجتمع المدني وحتى فاعلون في الحراك الشعبي على الترحيب بدور الجيش في توجيه المشهد السياسي بهذا الشكل الذي انتهى إلى استقالة رأس السلطة، فإن المحاذير وردت من مختلف الدوائر لعدم الضلوع في الممارسة السياسية وتكرار تجربة تسعينات القرن الماضي، لمّا تدخل العسكر لوقف مسار انتخابي زج بالبلاد في حرب أهلية.
ويقلل محللون من سقف التفاؤل بشأن قدرة الجيش على تحقيق مطالب الشارع، حتى لو انحاز لها فعليا، مشيرين إلى أن قايد صالح وحلفه لا يمكنهما أن يواجها طبقة الفساد الواسع في الجزائر، وهي طبقة يتداخل فيها السياسي والاقتصادي والإعلامي، فضلا عن الارتباطات الخارجية.
ويقول المحللون إن الاحتجاجات نبعت من المحسوبية الممنهجة التي جعلت أشقاء الرئيس وأقطاب الأعمال وضباط المخابرات العسكرية السابقين يديرون الجزائر فعليا منذ إصابة بوتفليقة بجلطة دماغية عام 2013 وتواريه عن الأنظار إلى حد بعيد.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، وفي علامة على النهاية السياسية الوشيكة لبوتفليقة، صادرت السلطات جوازات سفر 12 رجل أعمال لهم صلات بمؤسسة الحكم ويخضعون للتحقيق في مزاعم فساد. وذكر تلفزيون النهار، الأربعاء، أن أحد هؤلاء، وهو علي حداد الموالي لبوتفليقة، جرى احتجازه.
وقال المحلل المستقل فريد فراحي “مجموعة بوتفليقة استولت على الدولة، لذلك الأولوية الأولى لأي شخص سيخلف بوتفليقة هي في حقيقة الأمر معاودة الاتصال بالملايين من المحتجين الذين خرجوا لأنهم لم يعودوا يثقون في النظام”.
ويذهب المحامي والناشط السياسي مصطفى بوشاشي إلى أن استقالة بوتفليقة لا تمثل إلا جزءا يسيرا من الأجندة التي عبر عنها الحراك الشعبي، وأن ضغط الشارع يتوجب عليه الاستمرار، لضمان تحييد كل الفلول أو الجيوب من العودة إلى المشهد السياسي.
وألمح في تصريح للصحافيين إلى أن “التجربتين المصرية والتونسية لا يمكن إسقاطهما على الراهن الجزائري، وأن استفادة الشعوب من بعضها البعض هي التي تمكنها من تجاوز المطبات التي أعادت السلط العميقة إلى مواقعها بعد سنوات فقط، بفضل سياسة الالتفاف والاختراق”.
ويعتزم ناشطون في الحراك الشعبي الخروج في مسيرة مليونية جديدة نهار غد الجمعة، للاحتفال برحيل رأس السلطة، وتجديد مطلب الرحيل الكلي والفوري لرموز النظام، بمن فيهم الحكومة الجديدة برئاسة نورالدين بدوي، والبرلمان بغرفتيه وحتى المجلس الدستوري نفسه.