يزور وفد برلماني لبناني واشنطن، الأحد المقبل، للمشاركة في اجتماعات ينظمها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وينتظر أن يلتقي أعضاء الوفد، على هامش الزيارة، مسؤولين وشخصيات مؤثرة في الإدارة الأميركية «لشرح الواقع اللبناني»، وسط توقعات بأن تضيف واشنطن شخصيات أخرى على لوائح العقوبات التي تطال «حزب الله» وشخصيات قريبة منه، في إطار تشديد العقوبات على إيران وحلفائها.
وتكتسب هذه الزيارة التي يقوم بها رئيس لجنة الشؤون الخارجية والمغتربين النيابية النائب ياسين جابر، ورئيس لجنة المال والموازنة إبراهيم كنعان، إلى جانب نواب وشخصيات لبنانية أخرى، أهميتها من أنها الأولى بعد زيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إلى بيروت في الشهر الماضي، وتصريحاته التصعيدية ضد إيران و«حزب الله»، وما تلاها من تحليلات حول ضغوط إضافية على لبنان. كما أنها تأتي في ظل وضع اقتصادي لبناني ضاغط، ومطالب لبنانية من الدول الكبرى بالمساعدة في إعادة النازحين السوريين إلى بلادهم، ومساعدة لبنان على تحمل أعباء النازحين، وفي ظل تشدد أميركي في العقوبات على «حزب الله» وإيران. وسيطرح الجانب اللبناني في لقاءاته مع المسؤولين الأميركيين مواضيع مرتبطة بالوضعين المالي والاقتصادي.
وقال النائب ياسين جابر في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن الزيارة غير مرتبطة بالأنباء عن عقوبات جديدة؛ بل تأتي «للمشاركة في اجتماعات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي التي تعقد تقليدياً في أبريل (نيسان) بالعاصمة الأميركية، ونحن مدعوون إليها»، لكنه لم ينفِ أن الوفد سيعدّها فرصة لإجراء لقاءات على هامش هذه المشاركة مع مسؤولين أميركيين «لشرح الوضع اللبناني والبحث في أمور المنطقة»، وهي من ضمن اللقاءات التي يجريها المسؤولون اللبنانيون «ليبقى الحوار مستمراً حول الملفات كافة».
وأضاف جابر أنه لا يملك معلومات عن حزمة عقوبات جديدة، لكنه رأى أن العقوبات التي تطال الأشخاص الذين توجه إليهم اتهامات «هي احتمال قائم بشكل دائم»، وأشار إلى «أننا نشدد دائماً على ألا تطال العقوبات البلد بأكمله، وتنحصر في الأشخاص المستهدفين بالعقوبات بصفتهم أفراداً فقط». ولفت إلى أنه «في الرحلات الماضية، وبجهدنا وجهود نوابنا، وزيارات حاكم (مصرف لبنان) رياض سلامة وجمعية المصارف، استطعنا التأثير بألا تكون هناك عقوبات جماعية تطال البلد بأكمله أو فئات بأكملها، بل تبقى محصورة بأشخاص توجه إليها اتهامات»، موضحاً أنه خلال تلك الزيارات واللقاءات في العاصمة الأميركية «أكد لبنان وقطاعه المالي والمصرفي الالتزام بالقوانين الدولية».
وإذ أكد جابر أن واشنطن تدعم الجيش اللبناني والمؤسسات اللبنانية، أشار إلى أن لبنان يحتاج إلى هذا الدعم المادي والمعنوي في ظل المأزق الاقتصادي القائم والمتاعب والتحديات التي يواجهها على كل المستويات، لذلك «من المفيد اللقاء مع شخصيات أميركية مؤثرة في الشؤون الخارجية والمساعدات، ليستمعوا مباشرة من اللبنانيين إلى شروح حول الوضع».
وبالإضافة إلى ذلك، عدّ جابر أن الزيارة ستكون مؤثرة على مستوى الحضور في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، بالنظر إلى أن للبنان مصالح مع البنك الدولي الذي يقدم قروضاً ميسرة وطويلة الأمد للبنان، وبعضها قروض بلا فوائد. وقال: «الزيارة إلى واشنطن واللقاءات فيها، ستكون مفيدة على المستويات كافة لأن العاصمة الأميركية مقر للسياسة المالية الدولية».
وأصدرت واشنطن في أوقات سابقة؛ بدءاً من عام 2015، حزمات عقوبات على أفراد مرتبطين بـ«حزب الله». وتطال هذه الإجراءات المؤسسات المالية الأميركية في حال تعاونت مع مؤسسات لبنانية تتعامل مع هؤلاء الأشخاص.
وأكد جابر التزام لبنان وقطاعاته بالقوانين والإجراءات الدولية المرتبطة بالعقوبات، مشدداً على أن مصلحة لبنان أن تكون مؤسساته المالية شفافة، مشيراً إلى أن لبنان «منذ عام 2015، تكيف مع العقوبات، وأقر قوانين صارمة، وأكد التزام المؤسسات اللبنانية بالمواثيق الدولية، وتقيد بالقرارات الدولية والإجراءات حيال أي شخص يدرج على لوائح العقوبات».
وقال جابر إن اللبنانيين أحياناً يستبقون الأمور، لكن «حين نجري حوارات مباشرة مع المعنيين والمؤثرين، يتم إيضاح الالتباسات». وقال: «في عام 2016، زرت الولايات المتحدة بعد حزمة العقوبات الشهيرة في 2015، ولم يكن هناك وفد نيابي زار الكونغرس منذ فترة. كانت الأجواء قبل الزيارة مضطربة، لكن بالحوار الهادئ والرصين خلال لقاءات مع شخصيات مؤثرة، شرحنا الموقف اللبناني وأكدنا أننا أقررنا رزمة قوانين مشددة متعلقة بتبادل المعلومات وبمكافحة تبييض الأموال ومكافحة الإرهاب، وأن لبنان لم يترك أي إجراء مطلوب منه على المستوى الدولي إلا عالجه، كما أن القطاع المصرفي اللبناني يجتهد بما يتخطى المطلوب منه». وقال: «من خلال الزيارات واللقاءات المتكررة، كان واضحاً أن الجانب الأميركي تفهم أن هناك ضرراً للعقوبات الجماعية على لبنان ومؤسساته، ولم تدرج أي عقوبات على فئات بأكملها، بل على أشخاص فقط».