حبل القجّة قصير!
ساعد الإلتزام الديني والشرعي، في تشجيع الجمعيّات الدينيّة على الإكثار في توزيع القجج التي تصل لدى جمعيّة واحدة إلى آلالف القجج، وهذا العدد الهائل وضع علامات إستفهام عديدة، لاسيّما وأنّ هذه القجج تنوّعت ما بين قجّة السيّارة، قجّة الطلبة، قجّة المنزل، قجّة الأيتام، قجّة المحال التجاريّة، قجّة الشهيد، وقجّة الشارع.
وتتوزّع القجج في لبنان وفق كلّ منطقة وتقسيمها الطائفيّ والديموغرافيّ، فنحنُ لا نجدُ قجّة لجمعيّة خيريّة شيعيّة، في منطقة غالبيّتها من الطائفة المسيحيّة والعكس صحيح، أمّا اللّافت في الموضوع هو عدد القجج التي لا تُعدّ ولا تُحصى في الضاحية الجنوبيّة، الجنوب والبقاع، أيّ في المناطق ذات الأغلبيّة الشيعيّة. وعندما تسأل سكّان هذه المناطق عن سبب تصدّقهم، يأتيك الجواب:"الصدقة تدفعُ البلاء".
من هُنا، أصبحت المسألة عن كيفيّة إستخدام الجمعيّات لهذه القجج، إن كانت لأجل أهداف خاصّة متعلّقة بالمؤسّس، أو لجهة الأهداف السياسيّة لهذه الجمعيّة.
يرى نائب رئيس المركز العربي للدراسات والحوار، السيّد ياسر إبراهيم، أنّ وضع القجج هو عادة إعتاد عليها المُجتمع اللّبناني عند كافّة الجمعيّات، وتعود لغرضين أساسيّين، الغرض الأول لملء ثغرات الفقراء في المُجتمع و الثاني يعطي هذه الجمعيّات دور في المُجتمع.
وقال:"هذا لا يمنع من أن يُستغلّ هذا التصرّف سياسيًّا أو ثقافيًّا أو إجتماعيًّا أو إيديلوجيًّا من جانب الجمعيّات، وبالتالي هذه القجج ليست بريئة فعند كلّ الطوائف والجمعيّات في لبنان هذه القجج".
وشدّد السيّد ياسر إبراهيم، على"وجوب مراجعة هذه القجج من جانب الدولة لجهة تنظيمها والسماح بها وتوزيع غلّتها"، مُشيرًا إلى أنّ الجمعيّات الخيريّة لا يُمكنها توزيع القجج بشكلٍ عشوائي في كلّ مكان وزمان خصوصًا أنّ لا أحد يدري أين تُصرف هذه الأموال.
وأوضح السيّد ياسر إبراهيم، أنّ "القجج تستطيع جمع المال ولكنّها لا تجمعُ كميّة هائلة".
أمّا عن قجج "حزب الله"، فأجاب:" هذه القجج لها أهدافها الخاصّة، حيثُ يتمُّ إستخدامها لأغراض سياسيّة – إيديولجيّة، خصوصًا أنّ المقاومة لها مشروعها الإيديولوجي في المنطقة غير مشروعها العسكري تمامًا".
وختم حديثه بالقول:"الدخول إلى المجتمع يأتي من خلال الفقراء والمساكين وحاجات الناس، عندها تستطيع هذه الجمعيّة أن تتغلغل فكريًّا وثقافيًّا وبالتالي دعم الفقير يُقابله التأييد السياسي".