بين زيارة رئيس الجمهورية ميشال عون العائلية الى موسكو، وأخذه علما من خلال البيان المشترك مع الجانب الروسي ان عودة النازحين (قبل بتسميتهم لاجئين بما يتضمن الامر من مجازفة قانونية) السوريين ستتبع مرحلة اعادة الاعمار التي لا يمكن للطرف الروسي بأي حال من الاحوال ان يقوم بها، بل انه يحتاج الى الدول الاوروبية والعربية الغنية والولايات المتحدة لكي تتحقق، وبين اعتباره من خلال كلمة له انها كانت زيارة تاريخية ثمة بون شاسع اللهم الا اذا حفلت الجلسة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بمحادثات “غازية ونفطية” تهم الجانب الروسي المقيم على جهتي البلوك رقم ٩ والبلوكات الاسرائيلية، وتهم ايضا اصحاب البلوك رقم ٤ قبالة شاطئ البترون! او انه قدم لبوتين رسميا وجهارا صهره ومرشحه لخلافته في الرئاسة.
فزيارة موسكو التي فهم منها الرئيس عون وصحبه ان المبادرة الروسية لإعادة النازحين التي يلتقي حولها مع رئيس الحكومة سعد الحريري لا تزال حبرا على ورق، وخصوصا ان نظام بشار الاسد يرفض حتى الان تشجيع مواطنيه النازحين داخلا وخارجا على العودة إلا بنسب ضئيلة جدا، كما انه ماض في عملية التطهير العرقي والتغيير الديموغرافي المذهبي في مناطق عدة عاد ليسيطر عليها بمعية الميليشيات الايرانية المذهبية، وفي مقدمها ذراعه الامنية والعسكرية في لبنان، عنينا “حزب الله”.
من هنا ينبغي على الرئيس ميشال عون الذي قيل انه طالب الجانب الروسي بقيام اطار تنسيق ثلاثي يجمع لبنان الى روسيا ونظام بشار الاسد لبحث مسألة عودة النازحين، ان يوضح للبنانيين ماذا تحقق في هذا الاطار، فنفهم لماذا جرى السكوت عن موقف موسكو في الوقت الذي اشتعلت الحملات ضد المنظمات الاممية المعنية بشؤون اللاجئين والنازحين، واتهم العالم باسره ما عدا نظام بشار الاسد، والايرانيين والروس بأنهم ضالعون في مؤامرة توطين النازحين!
لقد اعتبر رئيس الجمهورية ان زيارة موسكو كانت تاريخية (اعتبرها الاولى لرئيس جمهورية لبناني متجاوزا بطريقة غير لائقة نسبة لموقعه الزيارة التي قام بها الرئيس السابق ميشال سليمان)، ولا يسعنا كمراقبين الا ان نثمن اي تحرك خارجي ذي مستوى وفاعلية يقوم به رئيس الجمهورية ايا يكن.
لا بل اننا نعتقد ان على الرئيس عون ان يتحرك اكثر في الخارج، وانما ضمن اطار اكثر دستورية، فيلزم نفسه عرض اي زيارة تتضمن اتخاذ مواقف باسم لبنان على مجلس الوزراء الذي نيطت به مجتمعا السلطة التنفيذية في البلاد، اي انها السلطة العليا، ولا يمكن الرئيس ان ينصب نفسه مهندسا اوحد للسياسة الخارجية. وهنا ايضا ثمة من يسأل عن موقف رئيس الحكومة مما يحصل على هذا الصعيد، وذلك على رغم “زواجه الماروني” مع الرئيس عون. في مطلق الاحوال ومهما سال حبر في موضوع القرار السيادي في لبنان، تبقى حقيقة راهنة ان هذا القرار سلم لفريق فوق الافرقاء جميعا اما ترهيبا او ترغيباً!